شارك عشرات الناشطين الحقوقيين والمهاجرين الأفارقة في المغرب يوم الخميس (11 سبتمبر) في مظاهرة غاضبة بشوارع العاصمة الرباط في أعقاب مقتل مهاجر أفريقي الشهر الماضي في المملكة. رفع المشاركون في المظاهرة لافتات احتجاج ورددا هتافات تضامنا مع المهاجرين من دول جنوب الصحراء في أفريقيا الذين يقيمون في المغرب. وكانت عصابة في مدينة طنجة المغربية قد قتلت مهاجرا من السنغال يدعى شارل بول ألفونس ندور في الثلاثين من أغسطس الماضي ثم اعتقلت الشرطة عشرين مهاجرا تظاهروا احتجاجا على مقتله ورحلتهم. ورفع المهاجرون في الرباط يوم الخميس لافتة كبيرة كتب عليها "كفى من الجرائم العنصرية والترحيلات – كل الاحترام لكرامة المهاجرين." واتهمت خديجة الرياضي نائبة رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان السلطات باتخاذ موقف مناهض للمهاجرين الأفارقة. وقالت خلال المظاهرة "يجب على السلطات المغربية أن تكون في مستوى المسؤولية الملقاة عليها في احترام حقوق هؤلاء المهاجرين وفي الكف عن نشر وتشجيع ممارسة العنصرية تجاه المهاجرين القادمين من جنوب الصحراء وسط الساكنة لأن فروع الجمعية وفروع الجمعيات التي تعمل في مجال الهجرة تسجل في العديد من المرات أن مسؤولي السلطات يساهمون ويشجعون على الممارسات المهينة والماسة بحقوق هؤلاء المهاجرين." وندد كمارا لاي منسق مجلس المهاجرين بموقف سفارات الدول التي ينتمي إليها ضحايا الممارسات العنصرية من مواطنيها. وقال "يتراجع المغرب مجددا إلى الوراء. بعد الأحداث الأخيرة لا يمكن إلا أن نتحدث عن ردة إلى الوراء. نحن نعيش مع العنصرية يوميا وتشجعها السلطات المغربية بتزكية من سفارات دول جنوب الصحراء. الدور الطبيعي لهذه السفارات هو حماية مواطنيها لكن بعد الأحداث الأخيرة قررنا أن ننظم مسيرة سلمية أمام ست سفارات لدول جنوب الصحراء. لكن الرد الذي حصلنا عليه كان مخيبا للآمال." وقتل ما لا يقل عن ستة مهاجرين أفارقة في المغرب منذ يناير كانون الثاني الماضي ثلاثة منهم سنغاليون. وأرسل المجلس المغربي لحقوق الإنسان بعثة إلى السنغال في أعقاب مقتل المهاجر السنغالي ندور في طنجة في أغسطس آب لتحسين العلاقات بين الرباط وداكار. ويقيم كثير من الأفارقة المهاجرين بصورة غير مشروعة من دول جنوب الصحراء في العديد من المدن المغربية بعد فشلهم في عبور مضيق جبل طارق إلى أوروبا. واتخذت السلطات المعربية عدة إجراءات منذ مطلع العام الجاري لتنظيم أوضاع ما بين خمسة وعشرين ألفا وأربعين ألف أجنبي يقيمون في المملكة بصورة غير مشروعة. وذكر مهاجر سنغالي يبيع الحلي في أحد شوارع الرباط ويدعى ساديبو صو أن معظم المغاربة يقبلون وجود المهاجرين الأفارقة بينهم. وقال "في رأيي أن المغاربة يحبون السنغاليين وكل الأفارقة الآخرين. لكن هناك عنصرية لدى الجهلاء لأن المتعلمين ليسوا عنصريين. ما حدث في طنجة ليسس أمرا فريدا فقد قتل آخرون قبل ذلك." وكان المغرب قد أعلن في سبتمبر أيلول العام الماضي عن سياسة جديدة للهجرة وتعهدت السلطات بإعادة النظر في حالات الهجرة غير المشروعة في أعقاب تقرير للمجلس المغربي لحقوق الإنسان تضمن دعوة إلى تنبي سياسة جديدة للهجرة واللجوء. وتقول وزارة الداخلية المغربية أن السلطات فحصت ما يزيد على سبعة عشر ألف حالة من أكثر من مئة بلد منذ يناير الماضي قبلت منها خمسة آلاف وسبعمئة واثنين وأربعين حالة لتقنين أوضاعها. وتستمر عمليات المراجعة حتى نهاية العام الجاري. وقال إدريس الازمي رئيس المجلس المغربي لحقوق الإنسان "في كل البلدان التي انتهجت سياسة الاندماج تكون هناك حالات احتكاك بين الساكنة والمهاجرين لعدة أسباب اجتماعية وثقافية وانعدام المعرفة. عملية الاندماج عملية معقدة تتطلب مجهودا من طرف السلطات.. من طرف مجتمع الاستقبال.. ومن طرف المهاجرين أنفسهم. هذه الظاهرة عاشتها الجاليات المغربية في الخارج ونحن الآن نعيشها. ودور المجلس الوطني لحقوق الإنسان هو تشجيع التعايش وتشجيع هذه السياسة الجديدة التي اعتمدها المغرب وكذلك احترام الحقوق المضمونة دستوريا للأجانب وكذلك الواجبات المطروحة عليهم." وحول المغرب أنظاره في السنوات القليلة الماضي إلى أفريقيا وتسعى الرباط على نحو متزايد إلى تعزيز العلاقات التجارية وتكوين شراكات في مجالات الأعمال مع الدول الواقعة جنوبي الصحراء الكبرى في أفريقيا.