بعد زيارته مؤخرا للعاصمة الموريتانية نواكشوط ،كتب ياسين عدنان، مقدم برنامج (مشارف) على القناة الآولى، مجموعة من الإتسامات على صفحته علي الفيسبوك، وهي الإرتسامات التي خلقت جدلا ، يرد عليه الشاعر المغربي في الحوار التالي: «نواكشوط تحتاج إلى الكثير من المطر»، عنوان مقال أثار الجدل في موريتانيا مؤخرا، كيف تلقيت ردود الفعل بهذا الخصوص؟ الحقيقة أنني معتاد، كلما سافرت إلى مكان سواء داخل المغرب أو خارجه، على كتابة انطباعات فيسبوكية لا أدعي أنها نصوص أدبية. إنها انطباعات أحاول أن أنقل من خلالها أصدقائي إلى المكان الذي أكون متواجدا فيه. الصيف الماضي مثلا، ذهبت إلى مدينة القنيطرة وشعرت أنها تعرضت للترييف مقارنة بآخر مرة زرتها فيها قبل عشر سنوات... كتبت عن هذا الأمر، فشعر بعض الأصدقاء المتحدرين من المدينة بالاستياء. وفيما يتعلق بما نشرته من ارتسامات فيسبوكية عن نواكشوط، فإن العديد من الأصدقاء الموريتانيين بعثوا لي رسائل شخصية أشادوا من خلالها بما كتبت. ولم يجدوا فيه أي تجن... وحتى الإذاعية التي أشرتُ إليها بشكل اعتبره البعض سلبيا، كتبت في صفحة أحد الأشخاص الذين هاجموني بأنها هي المقصودة في مقالي ودافعت عني بقوة. صراحة أجد بعض المبالغة في ردود الفعل المستاءة. لقد كتبت تلك الورقة بمحبة كبيرة وأشدت بتحرير المجال السمعي البصري في موريتانيا... وبإلغاء العقوبة الحبسية في المتابعات ضد الصحفيين... كما أشدت بأريحية أهالي شنقيط وعزة نفسهم ومحبتهم للشعر والأدب... وأشياء أخرى إيجابية عن الشعب الموريتاني، ولكن أجندات البعض للأسف جعلتهم يركزون على ما التقطته من مفارقات سلبية فقط.
أنت كثير السفر، وفي كل مرة تحط الرحال في مدينة أو دولة تكتب ورقة تتضمن انطباعاتك بخصوص المكان، ألم تفكر في لملمة كل تلك الورقات في كتاب؟ صحيح أنني لم أكن أفكر في هذا الأمر من قبل. لكن هذا الصيف، وبينما كنت في أمريكا في إقامة أدبية بفرمونت، فكرت بجدية في لملمة أوراقي القديمة والجديدة في كتاب قد يكون استمرارا نثريا وسرديا لتجربة «دفتر العابر» الذي جاء شعرا. وأتصور أن الكتاب المأمول سيكون عبارة عن أوراق سردية مفتوحة. لن يكون كتاب رحلة بالمعنى التقليدي للكلمة. لأنني لا أكتب عن الرحلات بقدر ما تعنيني لحظات العبور. نوع من الإقامة المستحيلة في العبور.
علاقتك بالفنانين والمثقفين يمكن القول بأنها ممتازة، كيف هي علاقتك بالسياسيين؟ علاقتي بالسياسيين يمكن القول إنها متوترة، لأنني أشعر بأن السياسيين مازالوا لم يخلصوا بعد في تعاطيهم مع المسألة الثقافية والسؤال الثقافي، ويوم يلتفت السياسيون إلى أهمية الثقافة ويبنون استراتيجيتهم على الثقافة حينها فقط، قد تتغير أشياء كثيرة في هذا البلد.
ما رأيك إذن في السياسيين الذين كانوا في الأصل مثقفين؟ أؤيد من يمارس السياسة بخلفية ثقافية، فأنا لا أدعو إلى القطيعة بين المجالين، ولكن أدعو إلى التفاعل بينهما من أجل تخليق السياسة وأنا أعرف مثقفين يعانون الأمرين داخل الأحزاب التي ينتمون إليها من أجل الرفع من شأن المشروع الثقافي داخل المؤسسة الحزبية والسياسية.
ما قولك إذن في المثقف الذي نسى انتماءه الأول وينصهر في السياسة كليا بعد شغله منصبا معينا؟ التخوف هنا مشروع، خصوصا عندما يتقوقع المثقف داخل الرؤية الحزبية وينسى انتماءه الثقافي، فالمثقف يجب أن يبقى مخلصا لخلفيته الثقافية التي يجب أن تكون لها الأولوية في مشروعه السياسي.
تربطك علاقة عشق غريب بمدينة مراكش، ألم يؤثر سفرك واكتشافك للعديد من البلدان في هذه العلاقة الغرامية؟ بالعكس، فكلما غادرت مدينتك تكتشفها أكثر، وكلما ابتعدت عنها تحبها أكثر، لذلك لم أهاجر بالرغم من أنه توفرت لي فرص عديدة سواء على المستوى الإنساني أو المهني. فأنا لا أتحمل الحياة كمهاجر، أنا مسافر أو بالأحرى مِسْفار، ولكنني اكتشفت بأن متعة السفر لا تكتمل ولا تبلغ ذروتها إلا بغبطة العودة، خصوصا عندما تكون العودة إلى مدينة كأنها الحلم، اسمها مراكش.
تبدو، من جهة أخرى، مؤهلا للعمل في المجال الفني، ألم تتلق أي عروض للظهور في شريط سينمائي أو سلسلة تلفزيونية؟ Share on Facebook Tweet