أصدرت المحكمة الإدارية بالدارالبيضاء في 3 يونيو 2024، قرارا بالحجز على مبلغ من أموال جماعة الدارالبيضاء لدى الخازن الإقليمي، لصالح الشركة الوطنية للنقل والوسائل اللوجيستيكية، التابعة لوزارة النقل والتجهيز، في سياق تنفيذ حكم قضائي توج نزاعا استمر ل14 سنة. ويعتبر الحكم سابقة واجتهادا بعد صدور المادة 9 من قانون المالية 2020، المثيرة للجدل والتي تمنع الحجز على أموال الدولة والجماعات الترابية لتنفيذ حكم قضائي، حيث حمل القضاء المسؤولية للجماعة في عدم توفير ميزانية لتنفيذ الحكم. الحكم أصدره القاضي خالد العاقيل نيابة عن رئيس المحكمة الابتدائية الإدارية بالدارالبيضاء، بعد دعوى رفعتها الشركة عن طريق دفاعها مصطفى سيمو المحامي بهيئة المحامين بالرباط (القاضي السابق في المحكمة الإدارية بالرباط)، قصد تنفيذ الحجز على أموال الجماعة لدى الخازن الاقليمي للدار البيضاء منطقة الشرق . وقررت المحكمة المصادقة على الحجز المقرر بتاريخ 2024/04/08 على الاعتمادات المالية العائدة لجماعة الدارالبيضاء في شخص رئيسها وهي المبالغ المودعة بين يدي الخازن الاقليمي للدار البيضاء لمنطقة الشرق وذلك في حدود مبلغ يناهز 44 مليون سنتيم ( 441865,25 درهم) وأمرت المحكمة تبعا لذلك الخازن الإقليمي بتحويل المبلغ المذكور الى صندوق المحكمة لتسليمه الى الشركة طبقا للاجراءات المقررة قانونا. يتعلق الأمر بنزاع مر عليه سنوات لاستخلاص مستحقات الشركة، من الجماعة الحضرية للدار البيضاء – مقاطعة سيدي البرنوصي حيث صدر قرار إداري ضدها في 2010، بأداء مبلغ 441865,25 درهم للشركة، تم تأييده بموجب القرار عدد 223 الصادر عن محكمة الاستئناف الادارية بالرباط بتاريخ 2013/01/21 ولكن الجماعة امتنعت عن التنفيذ. وجاء في التصريح الذي تقدم به خازن عمالة الدارالبيضاء بتاريخ 2024/05/07 ، أنه لا يتوفر على اعتمادات مرصودة بميزانية الجماعة في باب تنفيذ الأحكام القضائية كما ردت جماعة الدارالبيضاء بواسطة نائبها بتاريخ 2024/05/07 بعدم قابلية الأموال العامة للحجز، لأنها مرصودة لخدمة المصلحة العامة، وأن اعتماداتها لدى الخازن الجماعي ليست أموالا سائلة، ولكنها مجرد بنود وقوائم وأرقام مخصصة لتغطية نفقات محددة على سبيل الحصر، ومرصودة لخدمة المرفق العام، وأن من شأن هذا الحجز الاخلال بالسير العادي للمرفق، وأن الجماعة لم تمتنع عن التنفيذ ولكن لا يمكنها تسديد ديونها الا وفقا لقواعد المحاسبة العمومية، علاوة على عدم وجود اعتمادات كافية وإضافية مبوبة في ميزانية تنفيذ الأحكام، لأجل ذلك التمست الحكم برفض الطلب. واعتبرت المحكمة الإدارية بالدارالبيضاء، في قرارها أن المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020 تنص على أنه يتعين على الدائنين الحاملين لأحكام قضائية تنفيذية نهائية ضد الدولة أو الجماعات الترابية المعنية، في حالة صدور حكم قضائي نهائي قابل للتنفيذ، يلزم الدولة أو جماعة ترابية أو مجموعاتها بأداء مبلغ معين، يتعين الأمر بصرفه داخل أجل أقصاه تسعون يوما ابتداء من تاريخ الإعذار بالتنفيذ في حدود الاعتمادات المالية المفتوحة بالميزانية لهذا الغرض، وفق مبادئ وقواعد المحاسبة العمومية، وألا يتم الأداء تلقائيا من طرف المحاسب العمومي داخل الأجال المنصوص عليها بالأنظمة الجاري بها العمل في حالة تقاعس الأمر بالصرف عن الأداء بمجرد انصرام الأجل أعلاه. واذا أدرجت النفقة في اعتمادات تبين أنها غير كافية، يتم حينها تنفيذ الحكم القضائي عبر الأمر بصرف المبلغ المعين في حدود الاعتمادات المتوفرة بالميزانية، على أن يقوم الأمر بالصرف وجوبا بتوفير الاعتمادات اللازمة لأداء المبلغ المتبقي في ميزانيات السنوات اللاحقة وذلك في أجل أقصاه أربع سنوات، دون أن تخضع أموال وممتلكات الدولة والجماعات الترابية ومجموعاتها للحجز لهذه الغاية. وبناء عليه اعتبرت المحكمة أن حاصل المقتضى القانوني المشار اليه أعلاه، أن المطالبة بأداء الدين المترتب بذمة الجماعة يتم بداية أمام الآمر بالصرف، وقد ألزمتها المادة المذكورة بصرف المبلغ داخل أجل أقصاه تسعون يوما بداية من تاريخ توصلها بالإعذار من أجل التنفيذ، وطالما أنه – وبغض النظر عن كون المحجوز عليها توصلت بالاعذار الأول بالتنفيذ بتاريخ 2015/02/17 حسب الثابت من محضر الامتناع المؤرخ في 2016/06/27 أي قبل سريان قانون المالية لسنة 2020 – ثم توصلت بعد تقديم الشركة لطلب مواصلة التنفيذ بالإعذار الثاني من أجل التنفيذ بتاريخ 2023/07/21 حسب الثابت من محضر الامتناع المؤرخ في 2024/03/22 أي زمن سريان مقتضيات المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020 – وبغض النظر عن ذلك، فإن جماعة الدارالبيضاء وكذا الخازن الإقليمي المحجوز لديه، لم يتقيدا بأحكام الفقرة 2 من المادة 9 من قانون المالية لسنة 2020 ، مما يجعل شروط المصادقة على الحجز لدى الغير متوافرة في الطلب. واعتبرت المحكمة، أن تذرع الخازن الاقليمي بعدم وجود مبلغ مالي ما هو إلا تعطيل لمسطرة التنفيذ الجبري للأحكام القضائية.