في خطوة غير مسبوقة، أعلن أمير قطر في 24 يونيو تخليه عن السلطة لصالح ابنه تميم بعد ان حول بلاده من دولة مجهولة الى لاعب اقليمي بارز, فيما اوحى الامير الجديد انه سيعطي اولوية للوضع الداخلي. وبعد أيام فقط، قام الجيش في مصر بعزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، وتعد قطر الداعم الأكبر لتيار الإخوان بالعالم العربي، لاسيما بمصر، البلد المحوري والأكبر. وفي الملف السوري، تراجع نفوذ قطر على الائتلاف الوطني المعارض مع تقلص حصة الموالين لها لصالح أصدقاء السعودية. وقال مصدر من المعارضة السورية، لوكالة فرانس برس: "لقد ضعف الدور السياسي لقطر كثيرًا داخل المعارضة السورية، وباتت السعودية صاحبة التأثير الأكبر"، خصوصًا مع وصول الرئيس الجديد للمجلس أحمد الجربا، واختيار رئيس وزراء انتقالي جديد هو أحمد طعمة مكان المقرب من قطر غسان هيتو، والجربا وطعمة مقربان من الرياض. إلا أن المصدر، أكد أن قطر ما زالت تقدم السلاح لفصائل سورية إسلامية معارضة، خصوصا في الشمال وبالتنسيق مع تركيا، وبحسب بصبوص، فإن الوضع بمصر "أثر كثيرًا بشكل سلبي على الإخوان في تونس وعلى الميليشيات الإخوانية في ليبيا". وردا على سؤال حول سبب تراجع الدور القطري لصالح السعودية في ملف المعارضة السورية، قال مصدر قطري مصرح له إن "كل دولة تدعم الثورة السورية بطريقتها، وهذا الكلام فيه انتقاص للثورة وكأن قطر هي من قام بها وليس الشعب السوري". وقال إن ما يحكى عن خروج قطر من دائرة الأضواء الإعلامية يظهر أن "هدفنا من دعم الثورة السورية لم يكن إعلاميًا"، مؤكدًا أن "قطر فتحت الطريق وعبدته أمام المجتمع الدولي لكي يساند ويدعم الثورة السورية". وبحسب المصدر، فإن أمير قطر الجديد الشاب الشيخ تميم بن حمد آل ثاني (33 عاما) كان يمسك بالملف السوري قبل وصوله لسدة الحكم. وقد يكون الشيخ تميم يبدو مصممًا على فتح صفحة جديدة تختلف خصوصًا عن رئيس الوزراء السابق البالغ النفوذ الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني. وقال بصبوص إن "كل ما بني في سنتين ونصف بدا كأنه مزعزع ومبني على أساسات غير صلبة"، وبتالي فان الدولة التي تعد صاحبة اكبر دخل للفرد في العالم "هي الآن في مرحلة إعادة نظر في الحسابات وستكون مقبلة على لعب دور لا يتجاوز حجمها". وبحسب المحلل، فإن الأمير الجديد "لا يريد الحلم المستحيل الذي بدأته الإدارة السابقة، إدارة الحمدين، (الأمير الشيخ حمد خليفة ورئيس الوزراء حمد بن جاسم) فتزعم العالم العربي عبر الإخوان وعبر قناة الجزيرة أكبر من طاقة قطر". لكن قطر ما زالت تدعم حتى الآن الإخوان المسلمون خصوصا عبر احتضان منظرهم الشيخ يوسف القرضاوي، فيما قناة الجزيرة ما زالت تضع ثقلها خلف المعارضين "للانقلاب العسكري" في مصر. وبهذا، تبدو قطر معزولة تمامًا عن محيطها الخليجي الداعم بقوة للإدارة المصرية الجديدة ولوزير دفاعها عبدالفتاح السيسي. وقال مصدر سياسي خليجي لوكالة فرانس برس "العلاقات بين قطر وباقي دول الخليج ليست جيدة حاليًا، مع السعودية والبحرين وبالأخص مع الإمارات". وأضاف "الخلاف كبير حول مصر، وكبير جدًا حول الدعم للإسلام السياسي". وبحسب المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه:" فإن هناك امتعاضا أيضًا مما يعتقد انه دعم قطري لمعارضات خليجية داخلية. هذا خط أحمر بالنسبة لهذه الدول". وسجل سجال إعلامي قصير ومعبر بين السعودية وقطر الشهر الماضي، عندما رد وزير الخارجية القطري خالد العطية في تغريدة على مقولة نسبت لرئيس المخابرات السعودية الأمير بندر بن سلطان. كانت صحيفة وول ستريت جورنال نقلت عن الأمير بندر قوله في محادثة خاصة ان "قطر مجرد 300 شخص وقناة تلفزيونية"، فجاء الرد القطري في تغريدة وزير الخارجية الذي كتب: "مواطن قطري يعادل شعب وشعب قطر عن أمة بأكملها"، ونفت السعودية ما نشرته الصحيفة. وقال بصبوص في موضوع العلاقات مع دول الخليج "إن الجيران الخليجيين ليس عندهم الثقة بأن قطر قبلت بدورها الجديد وتنازلت عن الدعم غير المحدود للإخوان". وأضاف "أن المؤشر على القبول سيكون عبر الجزيرة وعبر دبلوماسية قطر وعبر الأموال التي تنفق على حلفائها، وكذلك عبر استمرار احتضان مفتي الإخوان يوسف القرضاوي". لكن انحسار دور قطر لا يعني انتهاءه، فقطر تبقى تتمتع بثروة طائلة وباستثمارات ضخمة في الغرب ما سيبقي لها مكانة لدى هذه الدول. وقال المحلل السياسي المتخصص في شئون الخليج نيل بارتريك إن هذا البلد "ما زال يتمتع بثقل اقتصادي محليًا وعالميًا"، إلا أن المحلل البريطاني لفت إلى أن مكانة قطر انحسرت إقليميا منذ 30 يونيو في مصر. وكأن متاعبها السياسية لا تكفي، فقطر تواجه أيضًا حملة تشكيك عالمية في استضافتها بطولة كاس العالم لكرة القدم في 2022، خصوصًا في فصل الصيف، هي التي شكل فوزها بشرف استضافة البطولة تجسيدًا لطموحاتها اللامتناهية.