قال إننا في حاجة إلى «فوضى خلاقة» لبناء مجتمع يقظ ومبدع حاوره: حمزة محفوظ
يعتبر إدريس كسيكس أن قوس الحرية والانفتاح الذي فتح في بداية عهد الملك محمد السادس قد أغلق، وأن قضية واحدة كقضية علي أنوزلا، تنسف كل أرقام الوزير الخلفي، وأن الصحافيين عندما يتقمسون دور المعارضين ، يعبرون عن وجهات نظر، في غياب دور قوي للفاعلين السياسيين.
{ هناك أخبار تقول إن سفير المغرب في أمريكا اعترض على تكريم الصحفيين علي أنوزلا وبوبكر الجامعي من قبل منظمة أمريكية بدعوى أنهما معارضين وليس صحافيين. ألا تعتبر أن الكثير من الصحفيين أصبحوا يقومون بعمل المعارضة عوض عملهم الصحافي؟ أظن أن هناك خللا في نظام لا يزال سلطويا في بعض أبعاده، ولا يزال هامش الحرية والتعددية السياسية فيه محدودا، حيث حاليا نجد في المشهد السياسي أنه ليست هناك معارضة حقيقية، ليس هناك تصور مغاير للتصور الآتي من أعلى –أقصد من القصر الملكي بالأساس كمحدد للوجهة السياسية والاقتصادية - هذا يجعل الصحفي يقف متسائلا حول ما بوسعه أن يفعل؟ الصحافي عليه مسؤولية تجاه المجتمع والمواطن، لتوسيع هامش الفهم والوعي بما يجري وما يدور، الإشكال هو حين يؤمن بذلك وتكون الساحة السياسية فارغة من معارضة حقيقية، هنا قد يقع الالتباس، فيخلع عليه لباس المعارض من طرف المراقبين، أحيانا عن صواب وأحيانا عن خطأ. نأتي الآن إلى حالة الزميلين علي أنوزلا وأ بوبكر الجامعي، بالنسبة لي هما صحفيان، عندهما مواقفهما، التي ليست بالضرورة مواقف المنظمات السياسية، بل مواقف صحفيين مهنيين ذوي توجه معين. إذا كان توجههما غير مرغوب فيه من طرف أطراف في الساحة السياسية (المبنية أحيانا على «التراضي» وبعض المرات على «الانبطاح»)، فلا أظن أنهما مسؤولين عن ذلك. بالنسبة لي هذا يعني شيئا واحدا، وهو أن هامش الحرية، وهامش التعددية في التفكير والرأي على المستوى السياسي لا يزال ضيقا في المملكة المغربية. { هل معارضة الدولة وتحريض القراء على المشاركة في المظاهرات ضدها يمكن أن يدخل ضمن العمل الصحافي؟ التحريض على «العصيان المدني» فعلا لا يدخل في عمل الصحافي، ولكنه يدل على منحى جديد، ليس وليدا للحالة المغربية بالضبط، بل وليد زمننا هذا حيث بقدر ما كثرت المنابر الإعلامية بقدر ما تقلص كثيرا مجال الوصول للمعلومة الأساسية. فساعة تجد أن هناك سياجا حول الأخبار الإستراتيجية، وتضييقا على الصحفيين الذين لهم قدر من الجرأة، تفهم أن هناك بالموازاة في المجتمع بزوغ نوع من القلق، مبعثه الحاجة إلى ردم الهوة بين الصحافي والناشط السياسي والاجتماعي، وتوسيع هامش ما يمكن أن يقال، وتوسيع إمكانية الفعل السياسي… هذه الحالة تعطي الانطباع بتقلص مكانة ذلك النوع من الصحفي الذي يزن كلامه بين ما يجوز قوله وما لا يجوز قوله، والذي لا يتخلى عن الحدود بين «الخبر» و»الحقيقة»، وهذا يؤشر على بروز صحفي منصت أكثر إلى ما ينبض به الشارع وإلى حراكه وتنحصر مهنيته في التوضيب والتوليف ولا يكترث إن كانت مصادر خبره هامشية أو مهمشة الأساسي أنها موثوق منها، بينما الأول متشبث بمركزية مصادر خبره ورسميتها قبل كل شيء.. وهذا يدلنا على حالة «صراع قوى»، بين إعلام تقليدي تمسكه قوى اقتصادية وسياسية كبرى، و إعلام بديل مصالحه متعارضة مع الأول. والمعارضة هنا ليست حزبية أو سياسية وإنما في تصور سياسة الإعلام. فمنهم من يصبو إلى ما أسميه «تبليد العامة»، ومنهم من يبحث عن طرق جديدة لتوسيع مداركهم وفتح نوافد جديدة لفهم ما يجري و يدور. { يكاد المتتبع أن يخلص إلى أن الصحافيين لا يقومون بشيء سوى انتظار أن تصدر الدولة قوانينها حول الصحافة ليعارضوها، هل تجمع الصحافيين المهنيين أي قناة حقيقية للتواصل والنقاش في هذا الموضوع؟ النقاش موجود لكن المشكل حاصل في الآليات التمثيلية المتوفرة للصحفيين، أي النقابة وفيدرالية الناشرين، وهتان الهيئتان رغم أنهما في حوار دائم مع المسؤولين عن القطاع، إلا أن السؤال الكبير المطروح يبقى هل هذه الآليات تمثل فعلا الصحفيين، وهذا يجرنا إلى نقاش أوسع.. لتعمل على نص تشريعي يلزمك الكثير من الوقت والجهد فضلا عن تنظيم أو تنظيمات ممثلة لكافة أطياف الصحفيين..لحد الآن - كي أجيبك على سؤالك- ما يوجد على الساحة هو اقتراحات واردة من فوق، ورد فعل من الآليات القائمة على محدودية تمثيليتها،أما الجزء الواسع من الصحفيين فغير منظمين بشكل كاف ليفتحوا نقاشا فعليا حول إشكالية النصوص. { لماذا في نظرك يغيب هذا الانتظام في آليات أخرى تقوم بدور أكثر فعالية؟ هناك محاولات، جمعية «الحرية الآن» التي تتماطل السلطة في الترخيص لها. إنها إطار من الإطارات المفترضة للنقاش، الموجود هو الوعي بضرورة النقاش، لكن الوعي الأكبر هو أن الدولة والأحزاب والمهنيين المؤسساتيين لم يقبلوا بعد بوجود صحافة حرة. فقبل الحديث عن القانون يجب أولا أن نساءل رغبة الماسكين بزمام الأمور في وجود صحافة حرة. فما تصبو إليه السلطة والمهنيون المؤسساتيون على السواء هو خلق «إطار وطني تمثيلي» ربما يصبح مجالا جديدا لفرض رقابة جديدة باسم «الثوابت الوطنية». { ما تقييمك كصحافي لمرحلة الخلفي مقارنة بمن قبله؟ أولا، دعني أقول لك إن وزير الاتصال الحالي يملك قدرة عالية على «تلوين» الخطاب ليظهر أنه «ملتزم بالقانون»، في وقت نجد أن القانون نفسه مجحف، وهذا يعني أن الوزارة الحالية مجحفة بالضرورة. ثانيا، ألاحظ عنده رغبة كبيرة في ترديد الأرقام، بيد أنه في هذا المجال، حالة واحدة مثل حالة «علي أنوزلا»، تبطل كل تلك الأرقام والتفاصيل التي يكررها الوزير، لأن عدد الصحفيين المتميزين الذين عندهم القدرة على القيام بواجبهم الصحفي، يعدون على رؤوس الأصابع في المغرب، أما التعويم بالأرقام فبالنسبة لي ليس سوى تعويم ايديولوجي وديماغوجي. الأكيد اليوم أن التضييق لم يعد تضييقا سياسيا فقط، فالواقع أن هناك أنواع متعددة للتضييق، منها التضييق الاقتصادي الذي يجعل المغرب في غنى عن التضييق الذي تمارسه السلطة السياسية المركزية. { أنت والعديد من زملائك كنتم من «الشخصيات العمومية» التي راهنت على حراك «عشرين فبراير». ألم تكن عشرين فبراير فقاعة سريعا ما تلاشت، ومن بعد عدنا إلى نفس الحال الذي كنا عليه من قبل؟ أنا أفضل أن أنظر لعشرين فبراير ك»شعلة» بدل أن أعتبرها»لحظة»، أظن أن هناك جيل شاب، من خلفيات متعددة في لحظة ما، قالوا لنا إنهم مسيسين بشكل كاف، وواعين بشكل كاف ليشعلوا «اليقظة المواطنة».. وبالنسبة لي إيقاظ هذه الشعلة هو أهم شيء، حتى بعيدا عن الخلافات الداخلية، أو كيف لعبت الأحزاب أدوارا متباينة، أو كيف عادت السلطوية، أو فقر الطبقة الوسطى الذي يفترض أن تكون سندا لهذه اليقظة.هذا كله كان متوقعا، لكن الجميل هو أن هذه الشعلة بقيت متقدة، ويمكن أن أستدل بحدث العفو الملكي عن مغتصب الأطفال (دانييل كالفان). وأهم من هذا وذاك في نظري هو الجانب الثقافي، إذ حتى وإن لم يكن بوسعنا مجتمعيا سياسيا واقتصاديا أن ننجز طفرة بسرعة، لا ريب أن لحظة عشرين فبراير أعادت الرغبة في خلق حلقات للنقاش، وحلقات للقراءة، وفكرة «نوض تقرا» و»الفلسفة في الزنقة»، وغيرها من المبادرات التي تنتشر وتكبر بأسماء مختلفة. وهذا أهم شيء يمكن أن نصل إليه، وعشرين فبراير أعطاه نفسا جديدا. { ألا تعتقد أن خطابكم المتجه نحو تبييخ الدولة والمؤسسات القائمة وتشجيع سحب الثقة منها، لا يمكن أن يؤدي سوى للفوضى؟ ما يجب أن نعرف هو أن العالم اليوم يعيش أزمة حتى في الديمقراطيات التمثيلية العريقة مضمونه أن المصالح الاقتصادية التي تفوق قدرات الدولة القطرية، أصبحت قوية بشكل جعلت السياسي ضعيفا، ولم تعد أمامه الكثير من الأوراق ليلعبها والكثير من الحلول ليقترحها، ما جعل القدرة السياسية غير كافية لكي يكون للتمثيلية معنى. هذا واقع نعيشه في مختلف الأقطار، وهناك «تفكير مصحوب بالفعل» وليس منفصلا عنه، لإعادة النظر في ماهية وإمكانية العيش سويا وبكرامة لأكبر عدد من الناس، وهذا هو الأساسي ، فالسياسة إن لم تؤد إلى ذلك، علينا أن نعيد طرح السؤال عن ماهيتها. إذا كان الإشكال قائما، حتى في الديمقراطيات العريقة ، فما بالك بدولة لا تزال فيها السلطوية، والفاعلون السياسيون يسعون للتقرب من مراكز القرار، أكثر مما يبحثون عن التمثيلية. يجب أن نعي بأن هذه الأزمة تجعل العديد من الناس يبتعدون عن السياسة ويتجهون نحو نوع من الانكماش على حياتهم الخاصة، بدل أن يبحثوا عن آليات جديدة للعيش سويا والاختلاف في المجال العام، لذلك يجب أن نعيد النظر في المدرسة وفي الإعلام العمومي والعمل الثقافي، والآليات التي تخلق نقاشا عموميا حقيقيا. إننا في حاجة ل»فوضى خلاقة» لبناء مجتمع يقظ ومبدع. { على من تراهن أكثر لبناء مستقبل ..على الإسلاميين أو اليسار أو المخزن ؟ أراهن تحديدا على «نوض تقرا» وأخواتها، حاليا أظن أن الفاعلين السياسيين ضعيفين جدا، ولا يملكون لا النظرة ولا الشجاعة الكافية التي تمكنهم من تطوير الأشياء. أقول الثقافة ثم الثقافة ثم الثقافة، والتعليم والإعلام العمومي، هذه هي الأوليات التي أراهن عليها. أظن أننا ضيعنا وقتا كبيرا ونسينا أن نبني مجتمعا قويا، الرهان الآن هو بناء مجتمع قوي، وذلك لا يتأتى سوى عبر الثقافة والتعليم والإعلام والنقاش والتعددية، والخروج من الفكر الأوحد، الذي يمكن أن يكون دينيا أو لا دينيا، لتكون للتعددية ركائز قوية داخل المجتمع، أما إذا لم ننجز هذه الطفرة، فأي شيء وقع سياسيا وإن بدا لنا مهما لأنه آت من أعلى فسيكون هشا وسريع الزوال. { لماذا عندما ننظر للصحفيين المؤسسين للجريدة الأخرى أونيشان أو تيل كيل أو لوجرنال، نحس وكأن لعنة ما أصابتكم وشتتكم في الأرض ؟ يمكنني القول أن هذا الجيل هو ضحية لمرحلة تاريخية فريدة، من 1997 إلى 2003، إذ كانت هذه المرحلة قد عرفت وصول الاشتراكيين إلى المساهمة في السلطة، ثم المرور من حكم الحسن الثاني إلى حكم محمد السادس، ثم وصول جيل جديد عنده رغبة في العمل الصحافي في إطار بناء ديمقراطي، هذه العناصر التي يؤسس لها في الأصل توافق غير معبر عنه، مضمونه إمكانية المرور إلى مجتمع منفتح يقبل بالنقد والحرية، أظن أن جيلي من الصحفيين بالغ في إيمانه بأن تلك الظرفية ستستمر، ظرفية الانتقال والحرية والانفتاح. { هل ذلك يعني أن القوس أغلق؟ نعم أغلق بتواطؤ الفاعلين. الفكر الأمني عاد بقوة، والخيار الاقتصادي أصبح أهم من الخيار السياسي، و»الحكم الجديد» كان له تقديره للطريقة التي يرسي بها وجوده. أغلق القوس لأن التغيير لم يبن على أساس تحرير القانون وانفتاح المجتمع، بل فقط على شيء يشبه الثقة بين أشخاص معينين… ساعة أحس هذا الجيل أن مساحة الحرية التي وصل لها ليس بوسعه أن يحافظ عليها، خاصة إذا استحضرنا عدد المحاكمات في وقت قصير جدا، والإكراهات الاقتصادية، ثم الصراعات الداخلية التي أنهكته، ساعتها فقد قدرته على الاستمرار. لا ننسى أنه لم يكن هذا الجيل تحت مظلة الأحزاب السياسية التي عندها تاريخ من التفاوض مع السلطة المركزية، مما جعله جيلا أعزل، طمع في بناء مرحلة متقدمة للصحافة الحرة لكن لم يقو على مقاومة السلطة لأن رغبته في التغيير ظلت معزولة ولم تجد لها صدى كافيا لدى الفاعلين السياسيين، الأحزاب أساسا، التي تدير علاقتها مع القصر بعقلية و بوتيرة مغايرتين. { البعض يقول إن هذا الجيل من الصحفيين لم يكن هدفه بالضرورة دعم الديمقراطية، بل كان هدفه مهاجمة تجربة الاتحاد الاشتراكي في الحكومة وإنهاكها، بدعم مؤسسة «العهد الجديد»، وأنكم اختلفتم مع رجال «العهد الجديد»، بعد أن أنهيتم رصيد الإتحاد، وأن السلطة استعملتكم ثم تخلت عنكم، ألا تجد في هذا الكلام جزءا من الصحة؟ هذا الكلام فيه كثير من المبالغة …أنا شخصيا من موقعي كرئيس تحرير سابق ل»تيل كيل»، كنت من بين المناهضين لهذا التصور، لكن ربما ليست هذه هي الصورة التي وصلت إلى الرأي العام، والحال أنه كانت اختلافات كبيرة في التقديرات، بين الصحفيين والمسؤولين في كل جريدة على حدة، فضلا عن أنه كان لدى بعض الصحفيين في هذا الجيل تصور مفاده أن السلطة المركزية في «العهد الجديد» هي أقوى بكثير مما يمكن للأحزاب القيام به، وأن فرضية التغيير من فوق لا يوازيها ضغط مجتمعي و سياسي من أسفل أي من قبل الأحزاب، والاتحاد الاشتراكي في مقدمتها، فبوصولها إلى موقع القرار السياسي فقدت قدرتها على المبادرة وعلى إنتاج تصور سياسي بديل. الاتحاد الاشتراكي، لم يضعف من قلة الإعلام بل من كثرة الإذعان.أما ما قمنا به حينها فيعكس تصورنا لميزان القوى القائم ودورنا في جعله واضحا للقراء و المتتبعين. هذا كل ما في الأمر. { أنت فاعل أيضا في المشهد الثقافي بصفتك كاتبا مسرحيا، هل تظن أن المشهد الثقافي التقليدي وقع فيه أي تحول منذ انطلاق»الربيع العربي» ؟ إن الذين هللوا بسرعة بالثقافة كفعل سياسي مرتبط بالثورة أو الفورة الشعبية لا زالوا يحملون تصورا ديماغوجيا للثقافة، فالخلق والإبداع همهم أساسا جمالي وحسي. وما يمكن أن يثيره من وعي لدى الأفراد بالأمر السياسي لا يأتي من الخطاب و لكن من الرغبة و الإحساس بإمكانية النظر للأشياء نظرة مغايرة. المسألة التي نحس بها حتى ولو كانت غير ظاهرة للعيان، هو أن فكرة «المثقف الفوقي» أو «المثقف العضوي» انتهت، وفي حالتنا اليوم أصبح المجتمع متحدثا وفاعلا، وصار على المثقف و المبدع أن ينصت ويتعلم ويتفاعل مع حركية المجتمع، وهذا شيء جديد، وهو ما يتبلور الآن خاصة في الفضاءات الهامشية، ولم يتبلور بعد في الفضاءات المهيكلة للمجتمع كالمدرسة والتلفزة العمومية والجمعيات، ثم الأحزاب السياسية.. هذه المؤسسات الآن يبدو أنها مؤسسات محافظة، ولم تقبل بعد بإعادة النظر في نفسها. وهذا بالنسبة لي يعني أنه يلزم أن تتكاثر تلك الفضاءات الهامشية وتتقوى، لتخلق دينامية جديدة أو على الأقل تؤثر بشكل كاف في المؤسسات التقليدية وتجرها معها… أما التعويل على المؤسسات المحافظة لتعيد النظر في ذاتها، فهذا أمر واه. { هل بوسعنا الحديث عن «حرية الثقافة» في المغرب؟ هناك حرية لا بأس بها في الحديث، السلطة لا تتدخل عموما لكن الفضاءات التي بوسعها أن تؤسس لفعل ثقافي وازن وحر لا توضع رهن إشارة المبدعين و المفكرين والمواطنين عموما،ولا وجود لها في الحياة اليومية للناس، بل هي فقط فضاءات مناسباتية. هذا على مستوى الشكل أما فيما يخص المضمون، فهنا يظهر جليا الجانب المحافظ في المجتمع، ففي موضوعة الجسد مثلا لا تزال هناك صراعات مغلوطة وحزازات سخيفة، كما أن مسألة «الحرية الدينية وحرية المعتقد» لا تزال غير واضحة، هناك عموما نزعة واضحة نحو القيم المتراضى عليها. هناك محاولات للانفلات من هذا النسق لكنها لا تنتج سوى هزات ضعيفة. أظن أنه من الضروري أن نمر من هذا «التوتر»، في أفق خلق إمكانيات للتفكير بشكل مغاير، فلا يجب أن ننسى أنه ما يبني الفكر الغالب الآن، هي المؤسسات المحافظة، المدرسة والمسجد والإعلام العمومي.. وهذه المؤسسات الثلاثة لم يخترقها بشكل كاف لا «الفكر المتعدد» و»لا مساءلة الذات»..