وإذا كان البرلمان قد حسم النقاش حول السماح بزواج القاصر من مغتصبها، بعد مصادقته على تعديل قانون الإجراءات الجنائية بما يجعله يمنع زواج القاصر من مختطفها أو المغرر بها، فإن الجدل بين المطالبين بإلغاء زواج القاصرين بصفة نهائية من التشريعات ، وبين من يطالب بالسماح به وفق شروط محددة بشكل استثنائي، لا زال متواصلا. ويناقش البرلمان هذه الأيام مقترحات قوانين تخص تعديل فصول من مدونة الأسرة، التي صدرت سنة 2004. وتكشف إحصاءات أعدتها وزارة العدل أن عدد القاصرين الذين سمح لهم القضاة بالزواج قد انتقل من 18 ألفًا و341 قاصرًا سنة 2004 إلى 39 ألفًا و31 قاصرًا سنة 2011. وتشير تلك الإحصاءات إلى أن قضاة الأسرة المكلفين بالسماح بزواج القاصرات قد رفضوا 4 آلاف و899 طلبًا خلال سنة 2011. ورغم أن مدونة الأسرة تحدد سن أهلية الزواج ب18 عامًا، إلا أن المادة 20 من هذه المدونة تجيز زواج القاصرات بإذن من القاضي، حيث تنص على أنه "يمكن لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أن يأذن بزواج الفتى والفتاة دون سن الأهلية، بمقرر معلل يبين فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك، بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي والاستعانة بخبرة طبية أو إجراء بحث اجتماعي". وسبق أن تقدم برلمانيون بمقترح قانون سنة 2012، من أجل الحد من سلطة القاضي لتزويج القاصرات، خصوصا البالغات سن 15 و14 و13 سنة، إذ تقدم الفريق الاشتراكي بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية بالبرلمان المغربي) بمقترح قانون يقضي بعدم السماح للقاضي بمنح إذن لزواج القاصر دون سن السادسة عشرة. وتمت المصادقة عليه يوم 22 يناير 2013، وأحيل إلى مجلس النواب للمصادقة عليه حتى يصير قانونًا غير أنه تعثر، بعد أن أثار النقاش بين البرلمانيين، إذ إن هناك من يرى أنه يجب أن يمنع زواج القاصرين بصفة نهائية، بينما هناك آراء ترى أن يحدد سن زواج القاصر في 16 سنة على أن يعلل القاضي قراره ليوضح فيه الأسباب التي دفعته للإذن بزواج القاصر، مع مراعاة التقارب في السن بين الطرفين المعنيين بالزواج. وتطالب جمعيات حقوقية منذ سنوات طويلة الحكومة بالمبادرة للقيام بإصلاح شامل للقوانين الجنائية ذات الصلة بجرائم العنف ضد المرأة والاغتصاب إلى جانب التطبيق الكامل لاتفاقية الأممالمتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ومنع كلي لزواج القاصرات.