منظمة (الألكسو).. تتويج التلاميذ المغاربة الفائزين في الدورة الثانية للبطولة العربية لألعاب الرياضيات والمنطق    مدارس الريادة نموذج تعليمي مبتكر لبناء جيل قادر على مواجهة تحديات المستقبل    رئيس "الشيوخ الفرنسي" يجدد دعم مغربية الصحراء ويشيد بمبادرة الأطلسي    وزير العدل يؤكد في "مجلس جنيف" التزام المغرب بتعزيز حقوق الإنسان    بعد تفكيك خلايا إرهابية.. الاستخبارات المغربية تلاحق آثار مصادر الأسلحة    الكاتب الأول إدريس لشكر يهنئ الميلودي موخاريق بمناسبة إعادة انتخابه أمينا عاما للاتحاد المغربي للشغل لولاية رابعة    الصيادلة يهدّدون باستئناف "التصعيد"    أوروبا تعلق عقوبات على سوريا    أسرار بروباغندا داعش.. أمير خلية نشر تدوينات يشكك في تفكيك الخلايا الإرهابية    الملك يهنئ رئيس جمهورية إستونيا    توقيف مبحوث عنهما متورطين في تهريب سجين بفرنسا    الاستخبارات المغربية تتعقب مصادر الأسلحة الإجرامية إثر تفكيك "خلايا داعشية"    حريق يداهم الحي الجامعي بوجدة    دراسة.. ارتفاع معدلات الإصابة بجرثومة المعدة لدى الأطفال بجهة الشرق    ترتيب المحترفين المغاربة الهدافين في دوري الأبطال    ميناء طنجة المتوسط يستقبل سربًا من مروحيات الأباتشي    "زمن الخوف".. الكتابة تحت ضغط واجب الذاكرة    الجبل ومأثور المغرب الشعبي ..    غزة ليست عقارا للبيع!    ترحيل حلاق من إسبانيا إلى المغرب بعد اتهامه بتجنيد مقاتلين لداعش    بوبكر سبيك: التشكيك في العمليات الأمنية يُعدّ جزءا من العقيدة الإرهابية    تسجيل هزة أرضية خفيفة بالعرائش    طقس بارد نسبياً وأمطار متفرقة متوقعة غداً الثلاثاء    تساؤلات حول عدم استيراد المغرب أغنام موريتانيا… "رسالة 24 " تفرد الأسباب    تداولات "البورصة" تنطلق بالارتفاع    أنشيلوتي: "مودريتش بمثابة هدية لعالم كرة القدم"    الدار البيضاء.. الأوركسترا السيمفونية الملكية تحتفي بالفنان الأمريكي فرانك سيناترا    سفير اسبانيا .. مدينة الصويرة تلعب دورا محوريا في تعزيز الروابط الثقافية بين المغرب واسبانيا    دنيا بطمة تعود إلى نشاطها الفني بعد عام من الغياب    لافروف: روسيا ستوقف القتال في أوكرانيا عندما تحصل على ما تريد من المفاوضات    نقابة الصحفيين التونسيين تدعو لإطلاق سراح الصحفيين المعتقلين مع التلويح بإضراب عام في القطاع    المغرب يتصدر قائمة مستوردي التمور التونسية    مراكش: توقيف زوجين يروجان مواد صيدلانية مهربة من شأنها الإضرار بالصحة العامة للمواطنين    رصاصة شرطي توقف ستيني بن سليمان    دراسة تكشف عن ارتفاع إصابة الأطفال بجرثومة المعدة في جهة الشرق بالمغرب    المهاجم المغربي مروان سنادي يسجل هدفه الأول مع أتليتيك بلباو    فنلندا تغلق مكتب انفصاليي البوليساريو وتمنع أنشطتهم دون ترخيص مسبق    الذهب يحوم قرب أعلى مستوياته على الإطلاق وسط تراجع الدولار وترقب بيانات أمريكية    السد القطري يعلن عن إصابة مدافعه المغربي غانم سايس    انفجار يطال قنصلية روسيا بمارسيليا    "كابتن أميركا" يواصل تصدّر شباك التذاكر في أمريكا الشمالية    المعرض الدولي للفلاحة بباريس 2025.. المغرب وفرنسا يعززان تعاونهما في مجال الفلاحة الرقمية    إصابة نايف أكرد تقلق ريال سوسييداد    السعودية تطلق أول مدينة صناعية مخصصة لتصنيع وصيانة الطائرات في جدة    غوتيريش: وقف إطلاق النار في غزة "هش" وعلينا تجنب تجدد الأعمال القتالية بأي ثمن    الصين: "بي إم دبليو" تبدأ الإنتاج الضخم لبطاريات الجيل السادس للمركبات الكهربائية في 2026    الوزير يدعم المغرب في الحفاظ على مكسب رئاسة الكونفدرالية الإفريقية للمصارعة وانطلاقة مشروع دراسة ورياضة وفق أفق ومنظور مستقبلي جديدة    مناقشة أول أطروحة تتناول موضوع عقلنة التعددية الحزبية في المغرب بجامعة شعيب الدكالي    صدمة كبرى.. زيدان يعود إلى التدريب ولكن بعيدًا عن ريال مدريد … !    المغربي أحمد زينون.. "صانع الأمل العربي" في نسختها الخامسة بفضل رسالته الإنسانية المُلهمة    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    الشاذر سعد سرحان يكتب "دفتر الأسماء" لمشاهير الشعراء بمداد الإباء    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حديث الفلسفة حول الصورة والسينما : نورالدين الصايل يحاور ريجيس دوبري
نشر في اليوم 24 يوم 09 - 12 - 2013

وذلك لما تشكله مثل هاته اللحظات الثقافية والفكرية من قيمة لدى عشاق السينما ومتتبعيها، وهي التي بمقدورها أن تمنح لأي تظاهرة ما عمقها الجمالي، وإن شئنا المعرفي بمعناه الصوفي

من المعلوم أن المحاور غالبا ما يوجه منحى اللقاء بهواجسه هو، من خلال أسئلة قد تبدو له مهمة. وبالتالي يمكن القول أن نوعية الأسئلة وكيفية إثارة القضايا المرتبطة بإنتظارات المتتبع المختلفة مستويات معارفه وطرق إدراكه قد تتغير بمجرد ما يتغير الضيف والمحاور.

لذا، فإن اختيار المحاور مسألة جوهرية في عملية المحاورة لأنه المخول فلسفيا بدفع الضيف لبعث الحياة في الأفكار وفتح أبواب الفضول.لكن عندما تحاور الفلسفة السينما أو العكس فلا بأس بل هو أمر ضروري ومن المفروض أن يكون


استهل الحوار بسؤال الصايل حول علاقة الفلسفة والميديالوجيا بالسينما في حياة دوبري

الذي اعتبر نفسه مجرد متسكعا في الفلسفة، وأن السينما بالنسبة له ابتدأت منذ زمن الطفولة من خلال الأفلام الوثائقية المعنونة باكتشاف العالم. من ثمة، تشكل لديه وعي حاد بأن السينما تعادل السفر والبحث والإستكشاف، وبأن الحياة الحقيقية هي فيما يوجد نوعا ما هناك في البعيد والمختلف

بعدها أشار دوبري لأفلام جون روش وسينماه الإثنوغرافية التي ميزت مرحلة تعلقه الأول بعالم الأفلام وكذا كتابات إدغار موران.
حينها أدرك دوبري أن العالم مسجل نوعا ما ويمكن حبسه من خلال منظار الكاميرا .فحمل كاميرا لإكتشاف أضواء العالم وسافر إلى فنزويلا.
غير أنه سرعان ما ترك الكاميرا وغير منظار الرؤية من جديد ليعيد اكتشاف العالم الفضي ليس باعتبار نفسه عاشقا للسينما، ولكن على حد تعبيره إبن السينما وذلك من خلال نسج علاقته الكلاسيكية بمجلات السينما حيث ذكر مجلة بوزيتيف ودفاتر السينما التي كان من روادها تروفو ورومر وغيرهما من الذين عرفوا وسمحوا للقارئ بالإطلاع على السينما الأمريكية

عاد دوبري ليذكر الصايل أن السينما من منظوره الخاص مسألة شبابية، وأنها تتطلب طاقة الشباب وحيويتهم متذكرا صباه حيث كان الشباب يتقمصون ذهنا وعاطفيا الشخصيات السينمائية وخصوصا في تلك الأفلام الأمريكية التي كان يمثل فيها غاري كوبر وجون وايني وهي التي طبعت مخيلة أجيال بكاملها.

هنا لمح الصايل لإمكانية اعتبار السينما كنوع من المخدر
.
ولكن دوبري استشهد للتعليق على ذلك بأندري بايار الذي كان يرى دائما أن السينما تدفع للحلم.

تابع دوبري حديثه عن كون السينما ليست مجرد مسدس وسيارة مستشهدا بالدور الذي قدمته السينما لتسجيل وتسييج الذاكرة الأوروبية من خلال أفلام المقاومة الفرنسية وبدايات السينما الإيطالية التي تركت في الإنسان الأوروبي تحديدا أثرا عميقا في تشكيل ذاكرته
.
بعدها فتح الصايل آفاق الحوار حول خطورة الصورة وهو المجال الذي اشتغل عليه دوبري وألف فيه كتبا وخصوصا كتابه المعروف ب حياة الصورة وموتها

هنا بالضبط غاص الضيف في أتون وتلافيف ظاهرة الصورة بمرجعياتها الثيولوجية والفلسفية معتبرا أن العالم اليوم أصبح بصريا، وأنه بإمكاننا الحديث عن تاريخ للنظرة مؤكدا على الأدوار والوظائف المتعددة التي يمكن للصورة أن تلعبها باعتبارها
أولا ، خزانا للذاكرة
ثانيا،لكونهاهروبا من الكآبة
ثالثا ،للصورة دائما حسب دوبري، علاقة بالموت فهي بمقدورها أن تميت وتبعث الحياة في الموتى،كما أن لها
علاقة بالكهف حيث سجل البدائي علاقته بالحيوان الأكبر منه حجما وقوة
رابعا، وبالإضافة لهذا كله، فالصورة حسب المنظور التقليدي، هي حماية من الشر وجلبا للسعادة أو للشقاء. وأشار إلى مثالين إثنين مثال الإمبراطور الصيني الذي عانى من التذمر بسبب صورة نافورة تحرم عن جفنيه النوم فأمر العسكر بمحوها، ومثال آخر لأشخاص أشاروا بقطع صور الثعابين لأنها لا تعض

بعد ذلك ذكر دوبري بالوظيفة الجمالية للصورة التي تجعل من الفن نوعا من المتعة.هناوضع الضيف ظاهرة الصورة في سياقها التاريخي وتحديدا في العالم المسيحي عندما لم يعد الإنسان الأوروبي يؤمن بالله ولم يعد يركع له حسب تعبيره.هنا برزت الوظيفة الجمالية للفن وذلك مع تبوء الفنان لمكان الخالق للعالم باعتباره فردا يوقع أعماله.وقد اعتبر الضيف ذلك حظا للثقافة الأوروبية التي نزعت عن الخالق قدسيته وخصوصا عندما سمح للفنان بتصوير الذات الإلهية التي تجسدت عبر جسد المسيح الإبن إبان سنة 787
وبالتالي تم تصوير أجساد القديسين دون خيانة الله. ويمزح دوبري قائلا أنه في هاته السنة ولدت هوليوود

انتقل الضيف لوظيفة إضافية يمكن أن تضطلع بها الصورة والسينما وتتجلى في وظيفة الإستعمار والغزو واقتلاع الثقافات بل حتى الدعاية وهو ما فهمه الأمريكيون جيدا حيث اعتبروا أن الصورة يمكن أن تشكل وتساهم في صياغة رؤيتنا للتاريخ عبر إنتاج الأفلام مثلا.وقد استدل على ذلك من خلال المشهد المألوف والمتكرر بالنسبة للشباب حول الحرب العالمية الثانية التي تقتصر في نظر جلهم على وعبر نزول جيوش الأمريكان على شواطئ النورماندي مع تغييب الدور السوفييتي مثلا من خلال ذاكرة الصور

لا يمكن لدوبري أن يغفل الوظيفة النضالية وهو المناضل اليساري مع الميليشيات في أمريكا اللاتينية
إلى جانب المناضل شي كيفارا .وهي الوظيفة التي من المفروض أن تقوم بها الصورة في محاربة ما أسماه بالغزو الأمريكي للفضاء البصري للعالم

في معرض حديثه عن ذلك أشار دوبري لأراغون الذي اعتبر الصور من قلب الحداثة من إشهار وإعلانات في الشارع، وهو ما يمكن اعتباره ذو مهمتين :مهمة التخذير وهو ليس بالضرورة بالمعنى السلبي للكلمة حسب دوبري لما يشكل ذلك من إستكشاف حدود العالم، ثم مهمة الدفع والحث على التخييل.

هنا استطرد الصايل مجمل الوظائف التي سلف ذكرها مضيفا الوظيفة الإقتصادية ومذكرا بأهمية السينمات الوطنية والسينما المغربية ومدى القبول عليها في شباك التذاكر كلما تعلق الأمر بتشجيع المنتوج الوطني
.
ذهب دوبري أبعد من ذلك عندما بين كيف أن الأمريكيين فهموا وأدركوا كنه الإبهار لذلك تمكنوا من اكتساح العالم

وقف دوبري في معرض حديثه عن أصل السينما ودور كل من الأخوين لوميير في تسهيل الإنتقال من الإنتاج اليدوي للصور إلى المسند الميكانيكي مشيرا إلى أهميته في إدراك الإنسان لذاته وللعالم،وهو ما شكل بالنسبة له إعلانا عن ظهور الفردانية دون المرور عبر يد المصور الفنان وقيام الآلة بذلك..
وأوضح ذلك من خلال نموذج صور بطاقات التعريف وصور المجلات التي لا يمكن أن تعيش بدون صور الأشخاص وميكانيزم التشخيص بل تعظيم الذات
وأسطرتها كما هو حال بالنسبة للدكتاتور وللنجم اللذان يثبتا وجودهما من خلال تواجد الصور هنا وهناك في المجال العام والخاص

شدد دوبري على طبيعة السينما في الجمع بين مختلف الفنون بدء بالبصريات والموسيقى وصولا الى الرسم و التمثيل.وحسبه دائما هناك نوع من الردة والردة أو الإنتقام المضاد وهو ما قادته الرسوم المتحركة إنتقاما لفنون الصباغة الزيتية التشخيصية.وهو ما تقوم به أيضا السينما والمسلسلات التلفزيونية

هنا أشار الضيف إلى فكرة هامة وتتجلى في كون كل تغير تقني هو تثوير وخلق لأنواع جديدة من الفن.لذا، فإن المناظر الطبيعية ظهرت على حيطان الكنائس أولا وتم تداولها عبر المسند الخشبي والأعمال الزيتية.تحول تقني آخر حصل مع ظهور فن الفيديو الذي بسبب معداته الرخيصة وسهولة الحصول على طاولة للمونتاج مكن الفنان من رؤية العالم من منظور آخر .وقد نبعت مثل هاته التجديدات من قاع المجتمعات وليس من مستوياتها العليا والراقية

وتساءل الصايل مع دوبري كيف سيكون بمقدور الرقمي أن يخلق فنونا أخرى غير فن الفيديو
والرسوم المتحركة وغيرها من الوسائط والألعاب المخصصة للشباب والأطفال

ولقد بين دوبري أن السينما أخذت نوعا من الوقت الكافي لتخلق شارلي شابلن
كما أن الصباغة المسيحية أخذت وقتا كافيا لتخلق رموزها وعباقرتها أمثال فان كوخ وكارافاجيو. لذا وجب إعطاء الوقت للوقت وللتكنولوجيات الحديثة لتخلق ثقافتها ورموزها.
وأوضح الصايل من جديد قصده من التساؤل موضحا هل بفعل التطور الرقمي والميديالوجيابإمكاننا أن نشهد ميلاد نماذج سردية في الحكي أو في تقديم تسهيلات ما للمشاهد لإدراك الحكاية والمعاني

ثم كان جواب دوبري قاطعا حين أعاد بنوع ما الفكرة متسائلا هل ما زال بمقدور السينما أنطولوجيا أن تقدم الحلم ثم مجيبا على تساؤله أن السينما هي نظرة للعالم لا مثيل لها لكونها تخرج من العقل وليس من القلب.وبالتالي، فالسينما هي شهادة على الواقع. غير أن المد الرقمي يقوم بفبركة حسابية خلال عملية إنتاج صور حول العالم.فالصورة باتت تحيل على ذاتها بالدرجة الأولى دافعة الناس لإدراك عوالم لأشياء غير مدركة..
الصور باتت حسب دوبري دائما، تخرج من ظلال متناسلة.والمثير في ذلك أن هناك أجساد تتحرك، وتقفز، وتتقدم لكن لا نظرة لها لكونها لا تتواصل. وهذه هي بالضبط نقطة ضعف فيلم أفاتار.
إن البعد الرقمي للمؤثرات التكنولوجية في أمثال هاته الأعمال يفقد جمالية اللقطة
العريضة لكونها صور لأشخاص برؤوس من دون وجوه.وبالتالي، هناك نوع من التصنع الشكلي.

وذهب دوبري إلا أن مثل هذا الزخم بسبب قلة المصاريف قد يجعل الإنسان من دون صور أصلا وإذا ما تمادى الإنسان في إنتاج هذا السيل العارم من الصور التي من المفروض فيها أن تكون تجربة تأملية حول العالم فلاشك أننا سنفقد العالم ذاته.
حينئذ قد نعمد إلى استعادته عبر الكتاب بالرغم من قدرة الصورة على إدماج ما قيل من فنون النحث والفوتوغرافيا والصباغة في زمن وجيز جدا
..
هنا تحدث الصايل عن تجربته في الجامعة الوطنية للأندية السينمائية حيث كان يجول ربوع المغرب لحمل نسخ من أفلام نادرة وتوزيعها ثم عرضها على جمهور من عشاق الفن السابع بنوع من المتعة واللذة.

مضيفا بنوع من التحسر على زمن النسخ والمسخ الميكانيكي، وهو ما أشار له والتر بنجامن، الذي لم يولد حسب الصايل سوى الجهل البصري مستدلا على
كلامه من خلال مثال أخذ شخص إلى أكبر مكتبة في العالم
وأن تقول له تفضل كل هذا لك.فإنه لن يعرف ماذا سيفعل بذلك الكم لأنه وإن رغب في المعرفة فستعوزه القدرة على تحديد ماذا يريد سلفا.

تدخل دوبري مذكرا بما أسماه بالبوصلة التي تنمو وتكبر عبر ما تقدمه المدرسة، لأن المشكل حسب دوبري والتي تقاطع فيها مع الصايل، ليست فيما ما نريد ولكن في تنظيم ومعرفة ما نريد.مستطردا أن الذاكرة تختار سياقاتها ونحن في أمس الحاجة للتربية على الصورة لأن هناك ما هائلا من المعارف والصور التي تسبح في العالم. وبالتالي، هناك نوع من الحيرة والتيه حول تاريخ الفن وتاريخ السينما.لذا لزم وجود مكتبات للصور وخزانات للأفلام وإلا فالجو سيخلو للسوق كي يملأ كل شيء

الخزانات السينمائية مثلا لا تحفظ الذاكرة وتوفر المتعة فقط ،ولكنها تقوم بخلق مواطنين بذاكرة بصرية وهنا تحضرنا المهمة السياسية بالمعنين الإيجابي أو السلبي والتي يمكن أن تلعبها السينما.
هنا ذكر دوبري بالإستثناء الثقافي الذي شهدته ودافعت عنه فرنسا تجاه الغزو الأمريكي لمجتمعاتها عبر سوق الأفلام.كما شدد على دور السلطات العمومية
في القيام بمهمة الدفاع عن الثقافة وذلك عبر توفير البنيات الضرورية ضد كل أشكال الإقتلاع الثقافي وحفاظا على الذاكرة من الضياع والإتلاف

عاد دوبري ليتحسر بمرارة عن غياب البعد التكويني لدى العديد من الدول مؤكداعلى أن التربية هي مفتاح للثقافة، ومستشهدافي نفس الآن بأندري مالرو حين قال ان المدرسة والجامعة تعلمان لكن المتحف يجعلنا نحب.لذا وجب حسب دوبري المرور عبر التعلم لكن عبر الحب أيضا.
اليوم وفق منظور دوبري وامام سقوط الأيديولجيات وانهيار القيم الكبرى فالصورة باتت بحكم المواصفات التي تتمتع بها كاملة ومكتملة وقادرة على خطف ألباب عقولنا والرمي بنا في مصائد الاستهلاك

وخلال حديث دوبري عن تاركوفسكي سأله الصايل هل إنتاج وتأمل التجربة الإخراجية لهذا المخرج الروسي ما زالت قابلة للتفكير.

حينها عبر دوبري عن أهمية السينمات الوطنية مشيرا إلى السينما الصينية والهندية وقدرتهما على تعزيز فكرة وذاكرة الوطن. فحسب دوبري لم يكن للأمريكيين ماض ووطن فمن خلق لهماذلك، السينما من خلال أفلام هنري فوندا وغيره من الممثلين والممثلات. بل خلقت السينما لأمريكا خلفية أخلاقية وبصرية.لذا فإنه من قبيل المستحيل التفكير في الأوطان دون ذكر السينما.لأنها المخولة والقادرة على خلق وتشكيل الهوية.
وبقدرتها على مخاطبة الشعبي والنخبوي ناهيك عن قدرة السينما على خلق أساطيرها

خلص دوبري إلا أن العالم يشهد نوعا من التحول عبر ومن خلال اللعب بأشكال الوجوه والأشياء بواسطة تقنيات الفوتوشوب والصور التي باتت تنتج لا ذاكرة لها لأنه لا تثير الفكر والإبداع كحال المصورين الفوتوغرافيين الأوائل ككابا
لذا وجب أخذ المسافة الضرورية وعدم الجري وراء السهل والمبتذل.
وهو ما عبر عنه الصايل من وجوب الرؤية لذا المبدع لأن التكوين والتقنيات من دون موهبة يعني ما ذهب إليه أندري جيد حين قال أن الفن يعيش بالإكراهات ويموت من الإفراط في الحرية

المرصد المغربي للصورة والوسائط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.