كانت المحاماة و يجب أن تظل في عمق النضال من أجل الديمقراطية و حقوق الإنسان و إرساء ركائز دولة العدل. فالدفاع لم يدخر جهدا وعبر مختلف محطاته المهنية و النضالية من أجل الاضطلاع بمسؤولياته دفاعا عن المشروعية و العدالة الاجتماعية و ترسيخ البناء الديمقراطي في كل أبعاده. لقد ناضل المحامون من أجل تحقيق الإصلاح السياسي الذي يضفي على المجتمع السياسي و المدني معناهما الحقيقي و يضمن سيادة القيم الحقيقية للمجتمع المغربي و يحقق الانفراج و المصالحة الوطنية و يدعم الحريات و الحقوق و يتصدى للتجاوزات و المظالم و الخروقات و لكل مظاهر الشطط في استعمال السلطة و الإجهاز على الضمانات. وكان مطلب استقلال القضاء و لا يزال من المطالب الملحة للمحامين لإيلاء القضاء المكانة التي تليق به في الإطار الفعلي لدولة الحق و القانون بما يستوجبه ذلك من استقلال حقيقي للقضاء كسلطة وإقرار الضمانات الكفيلة بالإبقاء على تيار العدالة نقيا و بعيدا عن أية تبعية . و اليوم والمغرب يخطو بفضل نضالات قواه الحية و الديمقراطية و من ضمنها رجالات و نساء الدفاع – خطواتهم نحو إرساء اللبنات الأساسية لتحقيق الديمقراطية و تعزيز دولة المؤسسات ومنها إقرار القضاء سلطة مستقلة ، يظل المحامون يتطلعون لقانون منظم للمهنة يرقى لمستوى نضالاتهم و تطلعاتهم، قانون يراعي دور المحاماة في الحفاظ على السلم الاجتماعي و الأمن القانوني و تحقيق مبدأ العدالة للجميع و يمكن الدفاع من ممارسة رسالته متمتعا بكل الضمانات الكفيلة باحترام حريته و استقلاليته و تعزيز حصانته و منع المساس بهما و يحرص على توسيع مهامه و نطاق عمله و يجعل من حق التمثيل أمام القضاء قصرا على المحامين ويصون استقلال المحامي واستقلال الأجهزة المهنية استقلالا حقيقيا في مختلف المجالات التي تتصل بمهامها ويعطي لحصانة الدفاع مفهومها و مدلولها الحقيقي و الذي ينسجم مع اعتباره شريكا أساسيا للقضاء و من منطلق أن العدالة لا تقوم من دون سلطة قضائية مستقلة و نزيهة و دفاع حر مستقل و نزيه يتمتع كل منهما بحرية الفكر و استقلال القرار. إن من شأن ذلك أن يمكن مؤسسة الدفاع من تجاوز المعضلات و الإكراهات و مختلف المشاكل التي أضحت تواجهها المهنة و تتخبط فيها نتيجة لعوامل و أسباب داخلية و أخرى خارجية ، و يدعم أدوارها في الرفع من مستوى التأطير و التكوين و التأهيل على مختلف المستويات الثقافية و المعرفية و المهنية للممارسين فضلا عن تطوير الجوانب الإدارية و التقنية و التدبيرية و تكريس حكامة جيدة و ذات فعالية وتوفيربيئة خصبة تسود فيها قيم المحاماة الحقيقية والتي تحفظ كرامة و شرف المهنة و ممارسيها وتخلق صحوة مهنية ترتقي بالفكر المهني لمستويات تؤهله للمساهمة في تطوير ممارسته نحو ما يخدم المحاماة و يصون رسالتها . و يظل من واجب المحامين الحرص على احترام مقومات استقلاليتهم و حصانتهم و هو ما ينبع من قدرتهم على الدفاع عن الحقوق و المصالح في إطار من الالتزام المهني الواعي و الذي يحافظ على التوازن بين الحق و الواجب و مراعاة مصلحة المهنة و عدم المساس بمكانتها وهيبتها ويذكي الشعور المهني لدى شريحة من المهنيين ممن أصبحوا يعيشون زمنا بعيدا عن اليقظة و الوعي الواجبين لكل مرحلة ويسهم في تدشين زمن مهني جديد و متطور يؤسس لممارسة مهنية راقية و ملتزمة – ممارسة تعي مسؤوليات المحامي في السعي نحو تصحيح الأفكار و السلوك و توخي اليقظة الدائمة من أجل دعم المهنة و الانتصار لقيمها . رسالة المحاماة رسالة خالدة و المحامون مؤتمنون عليها و على قيمها النبيلة و الرفيعة و مسؤولون على ضمان مواصلتها لإسهاماتها الفاعلة و القوية من أجل بناء دولة العدل .