وانما أملت هدا الاختيار اعتبارات فنية وثقافية وانسانية . فعلى المستويين الفني والثقافي يحظى كل من الوحيشي والشرايبي باحترام خاص في أوساط عشاق السينما وخصوصا داخل دوائر الأندية السينمائية لما قدماه من أعمال سينمائية محترمة شكلا ومضمونا . ففيلموغرافيا الشرايبي تتضمن لحد الآن ستة أفلام روائية طويلة هي على التوالي : " أيام من حياة عادية " (1990) و " نساء ونساء " (1998) و " عطش " (2000) و " جوهرة بنت الحبس " (2003) و " الاسلام يا سلام " (2008) و " نساء في مرايا " (2011) تتمحور مواضيعها حول تيمات رئيسية متداخلة فيما بينها كتيمة المرأة (وضعيتها وعلاقتها بالرجل في سياقات مختلفة ) وتيمة الصداقة (خيبة الأمل في الحاضر والحنين الى الماضي ) وجوانب من تاريخنا القريب (العلاقة بالمستعمر الفرنسي وسنوات الرصاص وتأثيرات أحداث 11 شتنبر على العلاقة بين الغرب والاسلام ) . أما فيلموغرافيا الطيب الوحيشي فتتضمن ، الى جانب مجموعة من الأفلام القصيرة والوثائقية ، الأفلام الروائية الطويلة التالية : " ظل الأرض " (1982) و " مجنون ليلى " (1989) و " عرس القمر " (1998) و " رقصة الريح " (2003) … اختار من خلالها الجمع بين الشاعرية وقوة التحدي والرفض ، والمراوحة بين الحلم والواقع في رؤية اخراجية خاصة به . ولعل القاسم المشترك بين هدين المخرجين المغاربيين هو انطلاقة مسيرتهما الفنية والثقافية في اطار حركة الأندية السينمائية بكل من تونس والمغرب ، حيث راكما ثقافة سينمائية معتبرة قبل أن ينخرطا في مسلسل ابداع الأفلام القصيرة والطويلة انطلاقا من السبعينات من القرن الماضي . على المستوى الانساني يعتبر تكريم الوحيشي بمثابة التفاتة دالة الى مخرج ومثقف كبير عانى ولازال يعاني من تبعات حادثة سير مروعة تعرض لها رفقة زوجته سنة 2006 بأبو ظبي ابان انعقاد مهرجانها السينمائي الدي كان يترأس لجنة تحكيم احدى مسابقاته ، ورغم اعاقته البدنية فهو لم يفقد الأمل في الحياة ولازال يحلم بتحويل سيناريوهات كتبها مؤخرا الى أفلام . أما سعد الشرايبي فالكل يعرف أنه " يقطر انسانية " ، وما تهافت التظاهرات السينمائية على تكريمه الا رد لجزء من جميله واعتراف بنبل أخلاقه وخدماته الكثيرة لحقلنا السينمائي والعاملين فيه . فتحية لهدين السينمائيين المكرمين ومزيدا من الاحتفاء برموزنا الابداعية في مهرجان سينما الشعوب وغيره من التظاهرات السينمائية التي تزخر بها بلادنا . أحمد سيجلماسي