الدخول السياسي المقبل سيكون ساخنا بمراكش، ولن يمر بردا وسلاما على بعض السياسيين المخضرمين بالمدينة الحمراء، وعلى رأسهم العمدة السابق عمر الجزولي. فقد أحالت النيابة العامة باستئنافية مراكش مؤخرا ملفا على يوسف الزيتوني، قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة المختصة في جرائم الأموال بنفس المحكمة، تتابِع فيه رئيسَ المجلس الجماعي السابق بتهم:»تبديد أموال عمومية، وتزوير وثائق رسمية وإدارية واستعمالها، والحصول على فائدة بمؤسسة يتولى تسييرها»، كما يُتابع بنفس التهم، وفي الملف عينه، كل من:عبد الله رفوش الملقب ب»ولد لعروسية»، النائب الأول للجزولي، المكلف بتدبير قطاع التعمير خلال الولاية الجماعية السابقة، ومحمد نكيل، كاتب المجلس الحالي والنائب الخامس للعمدة السابق المكلف بثلاثة تفويضات أساسية تتعلق بتدبير الملك العمومي والترخيصات الاقتصادية ووكالة المداخيل، بالإضافة إلى ثلاثة موظفين بالجماعة الحضرية لمراكش، وهم: زين الدين الزرهوني، الرئيس السابق لقسم الشؤون الثقافية والرياضية، وضياء بنجلون، رئيسة مصلحة العلاقات الخارجية، والعربي بلقزيز، مدير ديوان العمدة السابق. ومن المقرر أن يشرع قاضي التحقيق، خلال الأسابيع القليلة القادمة، في الاستنطاق الابتدائي للمتهمين في هذا الملف، الذي تعود وقائعه إلى 6 غشت من السنة المنصرمة، حين أدانت الهيئة القضائية للمجلس الجهوي للحسابات بمراكش الجزولي بأداء غرامة مالية قدرها 40 مليون سنتيم، وبإرجاعه لمالية الجماعة مليارا و 264 مليون سنتيم، بعد أن تابعته بمخالفات تتعلق بعدم احترام بعض القواعد التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية وتعويضها بصفقات تفاوضية، وإعطاء الأمر ببدء الأشغال قبل المصادقة على الصفقات من طرف سلطة الوصاية، والتناقض في الوثائق المثبتة لإنجاز الأشغال وعدم احتساب غرامة التأخير في تنفيذ الصفقات، والإدلاء للمحكمة المالية بوثائق غير صحيحة، وحصوله لغيره على منفعة عينية ونقدية غير مبررة، وإلحاق ضرر بمالية الجماعة. كما أدانت محمد نكيل بأداء غرامة مالية قدرها 30 ألف درهم، بعد أن توبع بتهمتي استثناء أرباب عقارات مجاورة للطرقات العمومية من المساهمة في تجهيزها، وإعفاء بعض أصحاب الملاهي الليلية من أداء رسوم مستحقة لفائدة الجماعة، وهو الملف الثاني بعد قضية تفويت كازينو السعدي الذي يتابع فيه نكيل الذي بدأ مساره المهني في نهاية الثمانينيات موظفا بسيطا في شركة تبيع الأجهزة الفارزة(الديكودور)الخاصة بالقناة الثانية، قبل أن يتمكن، سنوات قليلة بعد ذلك، من فك شفرة تدبير الشأن المحلي باعتباره طريقا سالكا وسريعا نحو بلوغ المجد السياسي وتحقيق الثروة في مراكش. أما زين الدين الزرهوني، فقد توبع بأداء مصاريف لفائدة أشخاص لا تربطهم أي علاقة بالجماعة، وبعدم تتبع استخدام المنح المالية المقدمة للجمعيات، وحكمت عليه بأداء 150 ألف درهم غرامة، وبإرجاع 642 ألف درهم بالتضامن مع العمدة السابق. الهيئة القضائية التي استندت إلى التقرير الذي أصدره المجلس الجهوي في سنة 2007، واجهت الجزولي أثناء المحاكمة بأن الجماعة رخصت لأحد الخواص، في إشارة لشركة أطلس ميديا لصاحبها محمد منير الماجيدي، رئيس الكتابة الخاصة للملك محمد السادس، باستغلال الملك الجماعي عن طرق نصب لوحات إشهارية بدون احترام قواعد المنافسة، ودون تحديد مدة الاستغلال، ودون الإشارة إلى الالتزامات المالية للمستغل، بما فيها الغرامات والجزاءات عن التأخير وعدم تحديد المسؤولية عن الأضرار التي قد تلحق بالغير، ناهيك عن تحمل الجماعة لواجبات الإنارة الخاصة باللوحات، حيث تكلف سنويا288 ألف درهم تُؤدى من مالية الجماعة، وهو ما رد عليه دفاع الجزولي قائلا:»إذا لم تستطع حركة 20 فبراير تحقيق مطلبها بإسقاط الماجيدي، فكيف تطلبون من الجزولي أن يسقط لوحاته الإشهارية بمراكش؟». كما استفسرت الهيئةُ الجزولي عن أداء الجماعة لأكثر من 22 مليون سنتيم مصاريف عطلة قضاها محمد كريم، المفتش بوزارة الداخلية وأسرته بمراكش، فضلا عن أدائها لمصاريف إقامة 19 صحافيا من القناة الثانية في فنادق المدينة الحمراء، إلى جانب عشرات الصحافيين بالعديد من المنابر الإعلامية المكتوبة والمرئية والمسموعة. مصاريف إيواء بعض المسؤولين والصحفيين ليست الوحيدة التي كانت تؤديها الجماعة، فقد تكلفت بإيواء مسؤولة سينغالية، وهو ما رد عليه الجزولي بأن استقبال هذه المسؤولة، التي تتقلد حاليا منصب وزيرة بالحكومة السنغالية، كان بطلب من سعد حصار، كاتب الدولة السابق لدى وزير الداخلية، الذي أعطى تعليماته لحميد شباط وعمر البحراوي وممثل جماعة مراكش في مؤتمر بإحدى الدول الإفريقية بضرورة توجيه الدعوة للمسؤولة السينغالية لزيارة المغرب. وكانت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أحالت الملف على النيابة العامة بعد أن أنهت أبحاثها التمهيدية، إثر تقدم هيئة حماية المال العام بشكاية طالبت فيها بالاستماع إلى كل الأشخاص الذين استفادوا من مالية الجماعة بشكل غير مشروع، ومطالبتهم بتبرير أوجه صرف هذه المبالغ، ومتابعة كل من ثبت تورطه في جرائم تبديد ونهب المال العام واستغلال النفوذ والرشوة والتزوير.