في وقت مازال فيه جز كبير من وزراء وبرلمانيي ومسؤولي الطبقة السياسية في فترة عطلتهم الصيفية، وقبل أن يُعلن رسميا عن «الدخول السياسي»، يترأس صباح اليوم بمقرّ وزارة الخارجية والتعاون، الوزير سعد الدين العثماني العائد أخيرا من مهمة استثنائية في المملكة العربية السعودية، اجتماعا كبيرا وغير مسبوق من حيث الحجم وطبيعة المشاركين، يلتئم فيه سفراء «صاحب الجلالة» في مختلف العواصم العالمية، بحضور رئيسي غرفتي البرلمان ووزراء قالت مصادر موثوقة إنه من المحتمل أن يكون من بينهم رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، كما يحتمل أن يتلقى المشاركون في الاجتماع توجيها ملكيا رسميا عبر رسالة موجّهة إليهم. الاجتماع وإن أكدت مصادر دبلوماسية مغربية أنه «روتيني»، إلا أن رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، الحامل لحقيبة الخارجية في الحكومة الحالية، اختار له إخراجا جديدا سيعطيه إشعاعا استثنائيا باعتباره أكبر محفل تجتمع فيه الدبلوماسية المغربية من أجل مناقشة الملفات الكبرى في السياسة الخارجية للمملكة. الاجتماع سينطلق بكلمة توجيهية يلقيها سعد الدين العثماني، في سياق تتكاثر فيه النقاشات حول الحدود الفاصلة بين المجال المحفوظ للمؤسسة الملكية، وذلك المخوّل للحكومة بمقتضى دستور 2011. ويُعتبر قطاع الخارجية، أحد أهم مجالات تقاطع المجالين الملكي والحكومي، حيث يعتبر الملك المسؤول دستوريا عن كل ما يهم العلاقات الخارجية وتمثيل المملكة في المجال الدولي. مصدر دبلوماسي خبر كواليس الوزارة، قال إن مثل هذه الاجتماعات «معتادة في أسلوب اشتغال الوزارة، ففي رمضان الماضي مثلا، انعقد اجتماع ضمّ سفراء المملكة في الدول الإفريقية، من أجل تأطير وتوجيه عملهم الدبلوماسي بما يتماشى مع توجهات المملكة في القارة السمراء». المصدر نفسه عاد ليؤكد أن «اجتماع هذه المرة يحمل لمسات جديدة ذات معاني وأهداف خاصة، حيث تم إشراك طيف واسع من الفاعلين من خارج الجسم الدبلوماسي المغربي، من قبيل الفاعلين الاقتصاديين والمدنيين، توفيرا لمجال تواصل ولقاء بينهم وبين صُنّاع الدبلوماسية المغربية». مصدر مقرّب من الوزير سعد الدين العثماني، قال إن مثل هذه المبادرة تأتي بهدف دفع العمل الدبلوماسي المغربي نحو مزيد من الاحترافية، وربط العمل اليومي للسفراء بالخطط والاستراتيجيات الاقتصادية والتجارية للمغرب». فيما أوضح مصدر دبلوماسي آخر، أن اجتماع اليوم يعتبر استمرارا، وإن بأسلوب وطريقة مختلفة، لنهج بدأته الوزارة قبل سنوات، «خاصة الشق الذي كانت تتولاه كاتبة الدولة السابقة، لطيفة أخرباش، بهدف المزاوجة بين العمل الدبلوماسي والنشاط الاقتصادي، وجعلهما في خدمة بعضهما البعض. مصادر «أخبار اليوم» قالت إن جل الملفات الكبرى للدبلوماسية المغربية ستكون مطروحة طيلة يومي الجمعة والسبت، «على أن يقسّم النقاش حسب عدة محاور (Pannel)، حيث سيخصص مثلا محور للتنمية الاقتصادية والاستثمار، ومحور لموضوع الجوار… وسيؤطر كل محور خبراء ومتخصصين، ثم يفتح النقاش بين السفراء وباقي المشاركين، «وهو النقاش الذي يساهم في تحديد معالم مخطط العمل الذي تضعه الوزارة، وتقييم ما تحقق في السنة الماضية».