من المهم أن تهتم المؤسسات ذات الصلة بالقانون بالتقارير والمؤشرات الدولية التي تصدر عن مراكز وهيئات تتمتع بمصداقية مهمة في هذا الباب. فعلى غرار الاهتمام بالتقارير والمؤشرات التي تصدر عن مؤسسات متخصصة في رصد عالم الاقتصاد ومناخ الأعمال، من المهم الاهتمام بمؤشرات القانون والفساد والديموقراطية. ومن المفيد العمل على خلق معرفة مجتمعية بأهمية ومكانة القانون وبناء الوعي وتحفيز الجميع من أجل تعزيز سيادة القانون في سلوك الدولة والمجتمع، ذلك أن سيادة القانون الفعالة تقلل من الفساد وتكافح الفقر والأمراض وتحمي الناس من الظلم. إنها أساس بناء مجتمع العدالة وتعزيز فرص التنمية والاستقرار. وفي هذا السياق يعد مؤشر سيادة القانون لمشروع العدالة العالمية World Justice Project Rule of Law Index من بين أهم المؤشرات الحديثة لقياس مدى سيادة القانون في دول العالم، وتُعرِّفُ مؤسسة مشروع العدالة العالمية بواشنطن وهي المؤسسة القائمة على هذا المشروع، تُعرِّفُ سيادةَ القانون بأنها مجموعة من القوانين والأعراف والمبادئ والالتزام المجتمعي الذي يوفر : المساءلة والقوانين العادلة والحكومة الشفافية والعدالة التي يمكن الوصول إليها. ويغطي المؤشر الصادر عن هذه المؤسسة 139 دولة من مختلف القارات، ويعتمد على الاستطلاعات الوطنية لأكثر من 138000 أسرة و 4200 من الممارسين القانونيين والخبراء لقياس كيفية سيادة القانون في جميع أنحاء العالم. ويفحص المؤشر ثمانية عناصر أساسية وهي: صلاحيات السلطات الحكومية، غياب الفساد، شفافية الحكومة، الحقوق الأساسية، النظام والأمن، إنفاذ اللوائح التنظيمية، والعدالة المدنية، والعدالة الجنائية. وتشمل نسخة 2021 من مؤشر سيادة القانون معطيات هامة على المغرب وعلى مدى سيادة القانون تستحق فتح نقاش وطني صريح بين كل أصحاب الصلة بسيادة القانون ( حكومة، برلمان، سلطة قضائية، مجتمع مدني، كليات القانون..) بحيث احتل المغرب المركز 90 من أصل 139 دولة في جميع أنحاء العالم مسجلا تراجعا بأربع مراتب في الترتيب العالمي. هذه النتيجة تضع المغرب في المركز 5 من أصل 8 دول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وهي: الجزائر، جمهورية مصر العربية، الجمهورية الإسلامية الإيرانية، الأردن، لبنان، تونس، والإمارات العربية المتحدة، إلى جانب المغرب. كما احتل المركز 13 من أصل 35 مركزا في الشريحة الدنيا من الدول متوسطة الدخل، وهي: (الجزائر، أنغولا، بنغلاديش، بنين، بوليفيا،كمبوديا، الكاميرون، جمهورية الكونغو، ساحل العاج، جمهورية مصر العربية، السلفادور، غانا، هندوراس، الهند، كينيا، الجمهورية القرغيزية، موريتانيا، مولدوفا، منغوليا، المغرب، ميانمار، نيبال، نيكاراغوا، نيجيريا، باكستان، الفلبين، السنغال، سريلانكا، تنزانيا، تونس، أوكرانيا، أوزبكستان، فيتنام، زامبيا، وزيمبابوي). وسجل الموشر وجود كل من لبنان وإيران ومصر في أدنى المراتب في المنطقة (حيث احتلت مصر المرتبة 136 من أصل 139 دولة على مستوى العالم). ويبين مؤشر عام 2021 أن عدد الدول التي انخفض أداؤها على الصعيد العالمي كان أكثر من عدد الدول التي تحسنت في الأداء العام لسيادة القانون للسنة الرابعة على التوالي، وذلك بسبب تأثير جائحة كورونا، حيث كان التراجع واسع الانتشار ولوحظ في جميع أنحاء العالم للسنة الثانية على التوالي. غالبية الدول إما تراجعت أو لم تتغير في أدائها الكلي لسيادة القانون، حيث عرفت 82% من الدول خلال العام الماضي انخفاضاً في بُعد واحد على الأقل من بين الأبعاد المعتمدة في المؤشر وهو عنصر: الحقوق الأساسية المتعلقة بالفضاء المدني (المشاركة المدنية، حرية الرأي والتعبير، وحرية التجمع وتكوين الجمعيات) وشهدت 94% من الدول في المؤشر بطءًا متزايدا في الإجراءات القضائية الإدارية، المدنية، أو الجنائية. الدول ذات اعلى نتائج في سيادة القانون الكلي هذا العام هي الدنمارك، النرويج، وفنلندا. وأدنى نتائج في سيادة القانون الكلي كانت في جمهورية الكونغو الديمقراطية، كمبوديا، وجمهورية فنزويلا البوليفارية. غير أن الرتبة 90 التي احتلها المغرب من بين 139 دولة يشملها المؤشر المتعلق بسيادة القانون تضعنا أمام مرآة شفافة إلى حد كبير للانتباه إلى جوانب الخلل التي تعترض فكرة سيادة القانون وانعكاساتها السلبية على الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعلى مجالات إنفاذ وتنزيل القانون، ليس فقط من أجل تحسين ترتيب المغرب، ولكن، وهذا هو الأهم، من أجل تذويب جليد غياب وضعف الثقة المجتمعية في القانون وفي المؤسسات المكلفة بإنتاجه وتنفيذه.