قدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، اليوم الإثنين، خلاصاته الأولية بشأن ملاحظة محاكمة الصحافيين سليمان الريسوني وعمر الراضي، على خلفية "جنايات متعلقة بالعنف الجنسي". بشأن محاكمة سليمان الريسوني في ملاحظات المجلس الوطني لحقوق الإنسان الأولية بشأن محاكمة الصحافي سليمان الريسوني، المحكوم ابتدائيا بخمس سنوات سجنا نافذا، فإن الريسوني "حضر الجلسات السبع الأولى من محاكمته، إلى غاية الجلسة المنعقدة بتاريخ 15 يونيو 2021، ثم امتنع بعد ذلك عن المثول أمام المحكمة خلال الجلسات اللاحقة"، مبررًا "هذا الغياب بحالته الصحية، لتقرر المحكمة، التي اعتبرت أن مبررات عدم مثوله أمامها غير مقبولة، مباشرة المحاكمة بحضور الدفاع فقط وفي غيبة المتهم بعد إنذاره، كما هو محرر في محضر الشرطة القضائية الذي اطلع عليه المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وفقا لمقتضيات المادة 423 من قانون المسطرة الجنائية". وأضاف المجلس الوطني، في تقريره، أن "دفاع سليمان أعلن انسحابه من الجلسة عقب قرار المحكمة مواصلة المحاكمة في ظل الغياب غير المبرر للمتهم. وبناء على هذا القرار أمر القاضي، في إطار إجراءات المساعدة القضائية، بتمكين المتهم من محاميين لمؤازرته، وهو ما تمكن المجلس الوطني لحقوق الإنسان من التحقق منه". وفي هذا الإطار، تابع المجلس ملاحظته، مسجلا "عين نقيب هيئة الدارالبيضاء ثلاثة محامين، غير أن هيئة دفاع المتهم أعلنت أنها لم تسحب مؤازرتها، لينتفي بذلك سبب استفادة الريسوني من المساعدة القضائية"، و"جدد الدفاع طلب إحضار المتهم وهو ما رفضته المحكمة، ليعلن الدفاع مرة أخرى انسحابه من الجلسة". وأفاد المجلس الوطني لحقوق الإنسان أنه، "لم ينتج عن هذا الانسحاب أي أثر قانوني بموجب قانون تنظيم مهنة المحاماة، لذلك قررت المحكمة مواصلة الجلسة، ورغم طلب الدفاع، تشبثت المحكمة بقرار مباشرة المحاكمة في غيبة المتهم، قياسا لأحكام المادتين 443 و446 من قانون المسطرة الجنائية". ولفت المجلس الوطني لحقوق الإنسان الانتباه إلى أنه "لم يُستدعى سليمان لجلسات المحاكمة اللاحقة، بعد تشبث المحكمة بقرارها بناء على أحكام المادة 423 من قانون المسطرة الجنائية. وإعمالا لأحكام هذه المادة، كان الريسوني يطلع، بزنزانته، على مضمون محضر كل جلسة من خلال كاتب الضبط". وأشار المجلس إلى "أمر قاضي التحقيق بإجراء خبرة على التسجيل الذي قدمه المشتكي، ثم أدرج بعد ذلك التسجيل المذكور في الملف". وبتاريخ 9 يوليوز 2021 ، أكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان في ملاحظاته الأولية لمحاكمة الريسوني، بأن " المحكمة وجهت له الأمر بحضور جلسة النطق بالحكم، وأمام رفضه، صدر الحكم في غيبته، لينتقل عنده بعد ذلك كاتب ضبط الجلسة لتلاوة منطوق قرار المحكمة". محاكمة عمر الراضي وبخصوص الملاحظات الأولية لمحاكمة الصحافي عمر الراضي، ذكر المجلس نفسه، أن الدفوعات الشكلية التي قدمها الدفاع بشأن مسألة عدم التوقيع على المحضر أثناء الاستماع للمتهمين من قبل الدرك الملكي، ردت النيابة العامة بأن المسطرة كانت سليمة، وفقًا لأحكام الظهير الشريف رقم 1.57.280، التي تنص على تدوين تصريحات أي شخص يجري الاستماع إليه في "كناش التصريحات"، الذي يتضمن توقيعات الأشخاص الذين يجري الاستماع إليهم. وسجل المجلس عدم طعن الدفاع في مضمون التصريحات المدونة في الكناش المذكور؛ كما طلب الدفاع مثول شهود سبق استجوابهم من قبل قاضي التحقيق، وهو الطلب الذي رفضته المحكمة، مستحضرة اجتهادا لمحكمة النقض يفيد بأن المحكمة غير ملزمة باستدعاء شهود سبق مثولهم أمام قاضي التحقيق بعد أدائهم اليمين القانونية (قرار عدد 283 في الملف عدد 19016/99 الصادر بتاريخ 3/2/2000). وشدد المجلس الوطني لحقوق الإنسان أنه على الرغم من أن الوكيل العام استمع للمشتكية فور تقديم شكايتها، إلا أنه لم يكن هناك أي طلب لإجراء فحص للتأكد من حالتها الصحية وتوثيقها. وذكر المجلس الوطني لحقوق الإنسان بانعقاد جلستين مغلقتين من ضمن جلسات المحاكمة، بناء على طلب الطرف المدني. فجوات في القانون ويرى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، على ضوء ملاحظاته الأولية المذكورة، أن "هناك عناصر تطرح تساؤلات في سياق هاتين المحاكمتين"، مشيرا إلى أنها " ليست لا خاصة بهاتين القضيتين ولا مرتبطة حصريا بهما" بل هي عناصر، بحسبها، " ناجمة عن نواقص وفجوات في القانون، لا سيما قانون المسطرة الجنائية في علاقته مع المعايير الدولية". وسجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان بأن "هاتين القضيتين لا تمثلان سوى دراستي حالة حول عدم مطابقة مقتضيات من القانون المذكور مع أحكام الدستور والمعايير الدولية المرتبطة بالمحاكمة العادلة، ولا سيما الفصل 120 من دستور المملكة والمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تكفل النقطة (ه) من فقرتها الثالثة حق المتهم في أن يناقش شهود الاتهام، بنفسه أو من قبل غيره، وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام"". توصيات المجلس وأوصى المجلس الوطني لحقوق الإنسان في هذا السياق وفقًا للمعايير الدولية في هذا الشأن، "بالاستماع في ظروف معينة للإفادات التي يتم الإدلاء بها أمام المحكمة، بالإضافة إلى الإفادات التي يتم الإدلاء بها أثناء مرحلة التحقيق، وذلك من أجل تشجيع الشهود على الإدلاء بشهاداتهم أمام المحكمة في جلسة علنية". وعبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، عن انشغاله "بكيفية معالجة القضايا المتعلقة بالعنف الجنسي في مجتمعنا، بشكل يخالف مبادئ وقيم وثقافة حقوق الإنسان"، معبرا عن إدانته "بشدة حملة التشهير والتحرش والتحقير، المُسْتَعِرة وغير المسبوقة، التي كان ضحيتها المشتكية والمشتكي في هاتين القضيتين، فضلا عن القذف والاعتداء والتهديدات المتكررة التي مست بكرامتهما وعرضت سلامتهما وصحتهما ورفاههما للخطر". وفي السياق ذاته، قال المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إنه "عاين انتشار قدر كبير من المعلومات الخاطئة وغير المدققة بشأن هاتين القضيتين، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي"، مجددا، "توصيته بتجريم خطاب التشهير والتمييز والتحريض على الكراهية والعنف، وعلى توصيته المتعلقة بوضع إطار قانوني مناسب لمكافحة المعلومات المضللة و"الأخبار الزائفة"" وشدد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، على "أنه لا المهنة ولا الشهرة ولا العلاقات ولا حتى آراء المعنيين، يمكن أن تشكل بمفردها عناصر لتأكيد أو نفي تهم بارتكاب جرائم و/أو جنح؛ كما لا ينبغي لها، بأي حال من الأحوال، المس بمبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون الذي يكفله الفصل السادس من الدستور" علاوة على ذلك دعا المجلس "هيئة العدالة إلى ضمان تحكيم المقتضيات الدولية التي صادقت عليها المملكة المغربية، عندما ترى ذلك مناسبا، إلى حين ملائمة قوانين المملكة مع المعايير الدولية وأحكام الدستور، كما ينص على ذلك تصدير الدستور"، كما أوصى المجلس، بتمكينه من حضور الجلسات المغلقة خلال المحاكمات التي يقوم بملاحظتها، وملائمة قانون الدرك الملكي مع أحكام الدستور والمعايير الدولية المتعلقة بتوقيع المحاضر، إخضاع جميع القرارات المتعلقة بالحرمان من الحرية لمراجعة قضائية مستقلة، وفقا للمعايير الدولية في هذا الشأن". وجدد المجلس الوطني لحقوق الإنسان في توصياته، "التأكيد على توصيته المتعلقة بمصادقة البرلمان، في أقرب الآجال، على إصلاح القانون الجنائي وتكريس مبادئ الشرعية والضرورة والتناسب وتوقع مآلات تطبيق القوانين"، و" مراجعة الباب الثامن من القانون الجنائي وخاصة تعديل المادة 468 والمواد من 489 إلى 493 وتوصيته بجعل الرضى أساس التشريع المتعلق بالجرائم والجنح ذات الطابع الجنسي"، داعيا " النيابة العامة إلى تسريع جهود عقلنة اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي"، و" لإعمال تدابير حماية الضحايا طبقا لمقتضيات القانون رقم 103.13 ولإعمال تدابير حماية الضحايا والشهود والمبلغين طبقا للقانون رقم 37.10″ إلى ذلك، أشار المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إلى "إجرائه عشر زيارات لسليمان الريسوني وعمر الراضي، من ضمنها زيارة قام بها وفد عن المجلس بتاريخ 27 يونيو 2021 للريسوني، خلصت إلى كون حالته الصحية مستقرة"، وذكر المجلس بآخر زيارة " قامت بها اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالدارالبيضاء – سطات بتاريخ 3 غشت 2021، للريسوني وهو التاريخ الذي أعلن فيه الريسوني أنه "قرر إيقاف إضرابه عن الطعام" والعدول عن رفضه الخضوع للتكفل الطبي المحدد في حالات الانخفاض الحاد للسعرات الحرارية". وبتاريخ 7 غشت الجاري، قال المجلس الوطني لحقوق الإنسان، "إن الريسوني أجريت له تحاليل طبية وفحوصات بالمستشفى، جاءت نتائجها جد مطمئنة". وأضاف المجلس نفسه، أنه "عقد لقاء مع منسق دفاع عمر الراضي بشأن جلستين مغلقتين أثناء محاكمته"، وأفاد المجلس "احترام شرط العلنية في المحاكمتين"، و"استيفاء مسطرتي الاعتقال المقتضيات القانونية طبقا للمسطرة الجنائية"، و"تقديم دفاعي المتهمين بطلب إجراء المحاكمتين حضوريا، وهو الطلب الذي تجاوبت معه المحكمة"، كما تم "احترام الآجل المعقولة في المحاكمتين"، بحسب المجلس الوطني لحقوق الإنسان، و"إشعار المتهمين بالتهم الموجهة إلى كل منهما، وتمكن كل واحد منهما من الاتصال بمحام من اختياره، وتمكينهما من الوقت والتسهيلات اللازمة لإعداد الدفاع"، كما "استجابت المحكمة لطلبات التأجيل المتعددة التي قدمها دفاع كل متهم على حدة من أجل تحضير المحاكمتين".