أفرزت نتائج انتخابات أعضاء الغرف المهنية التي أعلن عنها عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، تموقعا جديدا للأحزاب السياسية، داخل المشهد السياسي بالمغرب، سيكون له تأثير مهم على خريطة الاستحقاقات التشريعية والجهوية والجماعية المقبلة، المقرر إجراؤها يوم 8 شتنبر المقبل. لكن ما ميز هذه الاستحقاقات المهنية التي جرت يوم الجمعة الماضي، هو الفوز الساحق لحزب التجمع الوطني للأحرار وحصوله على المركز الأول ب638 مقعدا، متبوعا بحزب الأصالة والمعاصرة، أقوى أحزاب المعارضة الذي حصل على 363 مقعدا، فيما حل حزب الاستقلال في المرتبة الثالثة ب360 مقعدا، وحل الحركة الشعبية رابعا ب160 مقعدا، فالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ب146 مقعدا، والاتحاد الدستوري ب90 مقعدا، ثم التقدم والاشتراكية ب82 مقعدا، في الوقت الذي مني فيه حزب العدالة والتنمية بهزيمة انتخابية كبيرة حين حل ثامنا ب49 مقعدا. المثير في هذه الاستحقاقات هو هذا التقدم الذي حققه التجمع على حساب أحزاب لها ثقلها السياسي في المشهد الحزبي بالمغرب، فما هي يا ترى العوامل التي ساهمت في صعود نجم أخنوش في الانتخابات المهنية، في الوقت الذي كان يتعرض هو وحزبه لهجمات سياسية مكثفة، من طرف بعض الأحزاب. حسب المحلل والباحث السياسي، محمد شقير، فإن تصدر حزب التجمع الوطني للأحرار للانتخابات المهنية يمكن إرجاعه لعدة عوامل، من بينها أنه حزب رجال الأعمال وكبار الفلاحين، والمهنيين، وبالتالي هذه عوامل ساعدته كثيرا في عملية التعبئة في الحملة وتحقيق مزيد من الأصوات الانتخابية. شقير قال في تصريحه ل"اليوم24 "، إن وزراء التجمع في الفلاحة والصناعة والسياحة يعتبرون من قيادات الحزب، وأشرفوا على قطاعات اقتصادية حساسة، ولا ننسى أن عزيز أخنوش، ظل في منصبه وزيرا للفلاحة والصيد البحري لأكثر من عشر سنوات، وكان مشرفا ومنفذا للمخطط الأخضر بكل تبعاته. فهذه العوامل كلها حسب شقير لعبت دورا كبيرا في عملية الحشد والحضور الانتخابي، الذي كان لافتا للحزب في هذه الانتخابات المهنية التي مرت مؤخرا. أما بالنسبة لمولاي حفيظ العلمي وزير الصناعة، فيكشف شقير أنه خاض معركة للتصدي لانتشار الرأسمال التركي، والكل يعلم أن رجال الأعمال التركيين راهنوا في وقت من الأوقات على حزب العدالة والتنمية، ليوسعوا دائرة نفوذهم الاقتصادي بالمغرب، ويحققوا أرباحا مهمة، الشيء الذي تصدى له الوزير العلمي، وهو في وقت من الأوقات، مارس ضغطا كبيرا من أجل العمل على إعادة النظر في اتفاقية التبادل الحر بين المغرب وتركيا، هذه كلها عوامل عملت على بروز نجم هذين الوزيرين، وانعكس عملهما إيجابيا على الحزب، بالإضافة إلى هذا، فالحزب يضم بين صفوفه قطاعات كبيرا من رجال الأعمال وكبار الفلاحين، وحتى في مجال الصيد البحري، ولهذا فأهم النتائج التي حصل عليها الحزب، كانت قادمة من غرف الصيد البحري، وفي مقدمتها ميناء أكادير المتواجد بمدينة تعتبر من منطقة نفوذ حزب التجمع الوطني للأحرار، دون أن ننسى أن انتماء زعيم التجمع لهذه المنطقة لعب دورا كبيرا هو الآخر في حسم نزال غرف الصيد البحري لصالح حزبه. من هنا يعتبر المحلل السياسي، أن وزراء الأحرار كان لهم دور كبير في فوز التجمع بانتخابات الغرف المهنية، فإضافة إلى مشروع مائة يوم مائة مدينة، لاحظنا تحركا لافتا لأخنوش بكل مناطق المغرب، زد على هذا أن الحملة الانتخابية للمهنيين، كان فيها تواصل كبير وحشد مهم. من العوامل الأخرى التي ساهمت في الفوز الساحق للأحرار، هو تجذره الحزبي والانتخابي على مدى 30 سنة، مما جعل الفارق الانتخابي كبيرا على مستوى النتائج بينه وبين أحزاب أخرى وفي مقدمتها حزب العدالة والتنمية، وهو المؤشر الإيجابي الذي سيكون لصالح حزب التجمع الوطني للأحرار على عكس "البيجيدي"، الذي تعتبر نتائجه مؤشرا سلبيا على إمكانية تراجعه انتخابيا في الاستحقاقات التشريعية والجهوية والجماعية القادمة، تنضاف إلى تراجع ذراعه النقابي، في انتخابات الأجراء، مما ينذر بتعرضه لخسارة كبيرة مستقبلا، ولفشل ذريع. وبالنظر إلى هذه النتائج والعوامل السياسية التي ساعدت على فوز الأحرار، وهل ستنعكس إيجابيا على تحالفاته مستقبلا، وتجعله قادرا على حسم الفوز برئاسة مجلس المستشارين، فقد أوضح الباحث شقير، أنه من السابق لأوانه، معرفة من سيتصدر مجلس المستشارين، وهذا مرتبط في نظر متحدثنا بما سيلي هذه الاستحقاقات. وقال المحلل السياسي، إنه من السابق لأوانه، لكي نقول بأن تصدر حزب التجمع الوطني للأحرار لنتائج الغرف المهنية، من الممكن أن يمكنه من الحصول على رئاسة الغرفة الثانية بكل سهولة، وهو أمر سننتظر بشأنه ما ستسفر عنه نتائج الانتخابات القادمة. بالنسبة لشقير، فإن فوز حزب الأحرار سيجعله يثق بنفسه أكثر، ويبذل مجهودات أكبر من أجل الحصول على مراتب متقدمة في الانتخابات القادمة، خاصة وأن الحزب يرنو إلى تصدر نتائج الانتخابات التشريعية ومن تم قيادة الحكومة المقبلة، موضحا أن التحرك السياسي للتجمع هو سيرورة قادمة بشكل متدرج، ومن الأكيد أن الانتخابات القادمة ستعكس هذه المؤشرات يؤكد شقير في تحليله.