يبدو أن العديد من الخبراء والمهتمين، مع اقتراب انسحاب آخر القوات الأمريكية من أفغانستان، بدوا حاسمين في استنتاجاتهم حول أسباب وخلفيات "الإخفاق" الأمريكي بعد 20 عاما من القتال، مشيرين إلى الأكاذيب وغرور الجنرالات والاستراتيجيات القصيرة المدى والأهداف غير الواقعية. رأى المفتش العام الخاص لإعادة إعمار أفغانستان جون سوبكو في رسالة انفعالية عن أسباب الوضع "القاتم" في البلاد، أنه كان لدى الولاياتالمتحدة "الغرور للاعتقاد بأننا نستطيع أن نأخذ هذا البلد الذي كان في حالة خراب في 2001 ونجعله نرويجا صغيرة". وأضاف سوبكو المكلف منذ 2012 من قبل الكونغرس بمراقبة استخدام الأموال الأمريكية في هذه الحرب، "وصلنا إلى أفغانستان بفكرة تشكيل حكومة مركزية قوية وكان ذلك خطأ". وأعرب عن أسفه لأن الخبراء كانوا يعرفون أن هذا البلد ليس مناسبا لبنية حكومية من هذا النوع، لكن "لم يستمع إليهم أحد". وأضاف أن الجنرالات المتعاقبين في أفغانستان وضعوا أهدافا قصيرة المدى ليتمكنوا من إعلان نجاحهم عند مغادرتهم بعد عامين أو ثلاثة أعوام، بينما كان يجب تخصيص وقت لجهود إعادة الإعمار مع الاهتمام بالتحديات اللوجستية التي يشكلها هذا البلد الذي يحصل ثلاثون في المائة فقط من سكانه على الكهرباء طوال اليوم، واتهم المفتش العام الجنرالات بإخفاء حجم المشاكل. وقال سوبكو "في كل مرة كنا نذهب فيها إلى هذا البلد، كان العسكريون يغيرون أهدافهم لتسهيل إعلان نجاح". وأضاف "عندما لم يعودوا قادرين على فعل ذلك، فرضوا السرية الدفاعية على الأهداف". وتابع أيضا أنهم "يعرفون إلى أي حد كان الجيش الأفغاني سيئا"، موضحا أن الذين يستطيعون الإطلاع على الوثائق الخاضعة للسرية الدفاعية يعرفون ذلك أيضا، "لكن المواطن الأمريكي العادي ودافع الضرائب العادي والمسؤول المنتخب العادي والدبلوماسي العادي لا يستطيعون أن يعرفوا". في سياق آخر، قال كارتر مالكاسيان المسؤول السابق في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) الذي نشر مؤخرا كتابا عن تاريخ الحرب في أفغانستان، "لا شك إطلاقا في أننا خسرنا الحرب". ورأى هذا الخبير الذي نصح رئيس الأركان السابق جوزف دانفورد، أن طالبان برهنت على إرادتها في محاربة "الغزاة"، بينما بدا أن الجيش الأفغاني "مباع" للأجانب. كتب مالكاسيان في كتابه أن "مجرد وجود أمريكيين في أفغانستان ينتهك فكرة هوية أفغانية تستند إلى كرامة وطنية وتاريخ طويل من محاربة الغزاة والتزام ديني بالدفاع عن الوطن". وأضاف "كنا نعتقد أن بعض الأمور كانت ممكنة في أفغانستان: هزيمة طالبان أو السماح للحكومة الأفغانية بأن تستقل، لكن الأمر لم يكن كذلك". وتابع أن عناصر "الشرطة والجنود لم يرغبوا في المجازفة بحياتهم من أجل حكومة فاسدة تميل إلى إهمالهم". كما يرى جون سوبكو، أن الولاياتالمتحدة تصرفت في أفغانستان كما فعلت في العراق وكما فعلت في فيتنام، وقال "لا تصدق الجنرالات أو السفراء أو مسؤولي الإدارة الذين يقولون: لن نفعل ذلك بعد الآن"، مشيرا إلى أن "هذا بالضبط ما قلناه بعد فيتنام: لن نفعل ذلك مرة أخرى، والمفاجأة أننا فعلنا ذلك في العراق وفعلنا ذلك في أفغانستان". وتابع "سنفعل ذلك مرة أخرى".