في الوقت الذي كانت تراهن فيه بعض المنظمات غير الحكومية والجمعيات ذات الطابع السياسي الإسبانية على استصدار قرار قضائي محرج للحكومتين المغربية والإسبانية والاتحاد الأوروبي، من خلال الطعن في الدعم المالي الموجه للمغرب لمواجهة وتغطية تكاليف محاربة الهجرة غير النظامية؛ انتصر القضاء الإسباني للدعم المالي الحكومي الإسباني المخصص للمغرب، قاطعا بذلك الطريق على من يحاول استغلال بعض الإجراءات القضائية للتأثير سلبا في العلاقات الثنائية المغربية الإسبانية أو المغربية الأوروبية، كما حدث ما بين 2016 و2017 مع قرارات محكمة العدل الأوروبية في قضية اتفاقية الصيد البحر والتجاري، والذي انتهى بالانتصار للموقف المغربي. في هذا الإطار، رفضت المحكمة العليا الإسبانية الطعن الذي تقدمت به المنظمتان غير الحكوميتين «آكسي أنفو أوروبا» و«الأندلس تؤوي» بخصوص الدعم المالي البالغ 30 مليون أورو، الذي منحته مدريد للمغرب لمواجهة الهجرة غير النظامية سنة 2019. وتقول الأطراف التي تقدمت بالطعن إن الدعم الموجه إلى المغرب غير قانوني، لأنه يستهدف المهاجرين، ولأن مصدره هو صندوق الطوارئ الإسباني الذي يخصص عادة لمواجهة بعض الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية أو بعض الأحداث المأساوية، لكن غرفة النزاعات في المحكمة العليا رفضت الدخول في تقييم الدعم، معللة ذلك بأن الأطراف التي تقدمت بالطعن فاقدة أصلا لشرعية الطعن في القرار، بحكم أنها ليست معنية به ولا مستهدفة، ولا مصلحة لها فيه. مع ذلك، رفضت الأطراف الجمعوية التي تقدمت بالطعن قرار المحكمة العليا، وفق صحيفة «إلباييس». وعلقت زعيمة «أكسي أنفو أوروبا»، إلين داربيير، على القرار القضائي قائلة: «إذا لم تكن هناك شرعية لدى المنظمات غير الحكومية مثل أكسي أنفو والأندلس تأوي، إذن، لا يوجد أي ممثل للمجتمع المدني الإسباني لديه مصلحة شرعية، وهذا مشكل خطير يدل على غياب تقديم الحساب بخصوص تصرفات الحكومة». أما الأمين العام لجمعية الأندلس تأوي، خوس ميغيل موراليس، فزعم أن القرار أصبح مقلقا في ما يتعلق بالمراقبة الديمقراطية. وأكدت مصادر أخرى أن مبلغ 30 مليون أورو كان عبارة عن دعم للمغرب لوقف زحف الهجرة غير النظامية، وكان خرج من صندوق الطوارئ المخصص للكوارث الطبيعية المفاجئة داخل التراب الإسباني، أو لتمويل العمليات العسكرية في الخارج، ووجه بالأساس لتغطية جزء من «نفقات السلطات المغربية في إطار التعاون مع إسبانيا والاتحاد الأوروبي في مراقبة الحدود ومكافحة الهجرة غير النظامية التي تجعل من السواحل الإسبانية وجهتها»، وذهبت هذه الأموال بالضبط لتغطية نفقات الوقود، وصيانة معدات الدوريات البرية والبحرية، والوجبات الغذائية، والمبيت، وتعويضات رجال الأمن عن التنقل. وعلى غرار الدعم، كانت الحكومة الإسبانية، في 2019، وافقت على تقديم هبة للمغرب قيمتها 26 مليار أورو لتشجيعه على منع خروج المهاجرين من سواحل المملكة، ومحاربة مافيا تهريب المهاجرين؛ لكن هذه الهبة قيل إنها لن تضخ في ميزانية الدولة نقدا، بل عبارة عن مركبات وشاحنات، إذ خصصت لشراء 384 مركبة وشاحنة ستقوم الحكومة الإسبانية بتسليمها لوزارة الداخلية المغربية. هذا الدعم اللوجستيكي مخصص بالضبط لشراء عربات رباعية الدفع، وسيارات إسعاف، وشاحنات مختلفة. وينقسم الدعم إلى سبع حصص؛ الحصة الأولى موجهة لشراء 230 عربة رباعية الدفع بقيمة 13.8 مليون أورو؛ ثانيا، 10 مركبات رباعية الدفع للإسعاف بقيمة 520 ألف أورو؛ ثالثا، 100 مركبة رباعية الدفع من طراز «بي كوب» بقيمة 5.5 ملايين أورو؛ رابعا، 10 شاحنات صهريج المياه رباعية الدفع بقيمة 1.65 مليون أورو؛ خامسا، 8 شاحنات صهريج البنزين بقيمة 1.32 مليون أورو؛ سادسا، 18 شاحنة منصة رباعية الدفع بقيمة 2.61 مليون أورو؛ سابعا، 8 شاحنات للتبريد ب600 ألف أورو، حسب صحيفة «إلباييس» وتقارير إعلامية إسبانية أخرى.