إسبانيا تكافئ المغرب على الالتزام والنجاح في محاربة تدفقات الهجرة السرية خلال السنة الجارية، بعد الأزمة غير المسبوقة التي عرفتها سواحل المملكتين خلال السنة الماضية؛ إذ قررت الحكومة الاشتراكية بقيادة رئيسها المؤقت بيدرو سانتشيز، منح المغرب هيبة قدرها 26 مليار أورو، لتشجيعه على منع خروج المهاجرين من سواحل المملكة ومحاربة مافيا تهريب المهاجرين. آخر المعطيات الآتية من العاصمة مدريد، تفيد بأن المجلس الوزاري الإسباني صادق، يوم الجمعة الماضي، على تخصيص، من ميزانية هذه السنة، 26 مليار سنتيم للمغرب لمحاربة الهجرة السرية، لكن هذا الدعم لن يضخ في ميزانية الدولة نقدا، بل سيكون عبارة عن مركبات وشاحنات. مبلغ 26 مليار سنتيم هذا سيوجه لشراء 384 مركبة وشاحنة، ستقوم الحكومة الإسبانية بتسليمها لوزارة الداخلية المغربية، بهدف تقوية وتعزيز المراقبة على طول السواحل المتوسطية للمملكة. هذا الدعم اللوجيستكي مخصص بالضبط لشراء عربات رباعية الدفع، وسيارات إسعاف، وشاحنات مختلفة. وينقسم الدعم إلى سبع حصص: الحصة الأولى موجهة لشراء 230 عربة رباعية الدفع بقيمة 13.8 مليون أورو؛ ثانيا، 10 مركبات رباعية الدفع للإسعاف بقيمة 520 ألف أورو؛ ثالثا، 100 مركبة رباعية الدفع من طراز بي كوب بقيمة 5.5 مليون أورو؛ رابعا، 10 شاحنات صهريج المياه رباعية الدفع بقيمة 1.65 مليون أورو؛ خامسا، 8 شاحنات صهريج البنزين بقيمة 1.32 مليون أورو؛ سادسا، 18 شاحنة منصة رباعية الدفع بقيمة 2.61 مليون أورو؛ سابعا، 8 شاحنات التبريد ب600 ألف أورو، حسب صحيفة “إلباييس” وتقارير إعلامية إسبانية أخرى. وفي الوقت الذي انتقدت فيه في الكونفدرالية الإسبانية للشرطة حكومتها على توجيه هذا الدعم للمغرب بدل تخصيصه للأمن الإسباني، كشفت “إلباييس” المقربة من الحكومة الإسبانية، أن مبلغ 26 مليون أورو الموجه للمغرب، يدخل في إطار الدعم المالي الإضافي 140 مليون أورو الذي كان خصصه الاتحاد الأوروبي للمغرب نهاية السنة المنصرمة، لمواجهة تحدي أكبر أزمة للهجرة السرية منذ ظهور قوارب الموت سنة 1988. وتابعت أن الحكومة الإسبانية ستخصص دعما ماليا آخر في الطريق للمغرب قيمته 16 مليون أورو. وأضاف المصدر ذاته أن إسبانيا التزمت في إطار الدعم الأوروبي 140 مليون أورو، بصرف 40 مليون أورو منها للمغرب على شكل معدات للمراقبة عبر “المؤسسة الدولية ومن أجل إيبيروأمريكا للإدارة والسياسات العامة”، وهي مؤسسة عامة إسبانية مكلفة بالدعم الدولي. وفي انتظار صرف باقي الدعم المالي الأوروبي، سواء نقدا أو على شكل معدات، كشفت تقارير أوروبية أنه إلى حدود ماي الماضي، توصل المغرب ب30 مليون أورو فقط، فيما باقي الدعم لازال يواجه تعقيدات الإجراءات البيروقراطية الأوروبية. مصادر إسبانية كشفت ل”أخبار اليوم”، أن الدعم الأول 26 مليون أورو والدعم الثاني 16 مليون أورو، وهما جزء من ميزانية 2019، وهي الميزانية التي لم يصادق عليها البرلمان الإسباني. لهذا فإن تمرير هذا الدعم على أرض الواقع مرتبط بقدرة رئيس الحكومة سانتشيز على حصوله على الدعم الكافي في مجلس النواب يومي 22 و23 يوليوز الجاري لتنصيبه رئيسا للحكومة. وفي حالة نجح في حشد الدعم، فإنه سيكون في حاجة إلى الحصول على موافقة حلفائه للمصادقة على هذا الدعم. هذا الدعم المالي الإسباني جاء مباشرة بعد تسجيل تقرير لوزارة الداخلية الإسبانية في منتصف يونيو المنصرم، تراجع تدفقات المهاجرين السريين انطلاقا من السواحل المغربية إلى نظيراتها الإسبانية. إذ سُجِل وصول 11409 مهاجر سري، على رأسهم المغاربة، بحرا وبرا، إلى إسبانيا منذ فاتح يناير الماضي إلى حدود 16 يونيو الجاري، بانخفاض قدره 15.1 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية، عندما سجل وصول 13442 مهاجرا. ما جعل إسبانيا تتراجع لتصبح البوابة الثانية للمهاجرين الراغبين في معانقة الفردوس الأوربي بعد اليونان، التي وصل إليها 15 مهاجرا سريا هذه السنة، وفق إحصائيات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. فيما علَّقت صحيفة “إلباييس” على هذا التراجع في أعداد المهاجرين قائلة: “التراجع المهم في الأرقام لم يكن ممكنا لولا تعاون المغرب الذي يخرج منه 97 في المائة من المهاجرين الذين يصلون إلى إسبانيا”، باعتراف من السلطات الإسبانية والاتحاد الأوروبي في العلن والسر.