طيلة حوالي 5 ساعات استمرت مساء أمس السبت 21 نونبر، جلسة نقاش مكاشفة في اللجنة السياسية المنبثقة عن المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، حول وثيقة مبادرة "التقويم والتقييم" التي وقعها عدد من أعضاء شبيبة الحزب، داعية إلى عقد مؤتمر استثنائي لمراجعة مسار الحزب. أبرز ما ميز الجلسة هو غياب أصحاب المبادرة، بعد تحفظ الأمانة العامة على حضورهم، في حين سبق أن وافق مكتب المجلس الوطني للحزب برئاسة إدريس الأزمي، على حضورهم كملاحظين. وعلمت "أخبار اليوم" أن الأمانة العامة اعتبرت أن حضورها للاجتماع، "مؤطر بالقانون" لأنها تخضع للمساءلة من طرف أعضاء المجلس الوطني وليس من غيرهم، وبما أن أصحاب المبادرة ليسوا أعضاء في المجلس، فلا يمكن حضورهم، بل إنها رفضت حتى حضورهم كملاحظين، لأن حضور هؤلاء أيضا مؤطر بالنظام الداخلي للمجلس. ووصف مصدر حضر اللقاء الذي نظم عن بعد، بأنه شكل مناسبة ل"حوار صريح". من حيث الشكل، فقد افتتح اللقاء بكلمة تأطيرية، من طرف بثينة القروري، رئيسة اللجنة السياسية، حول سياق عقد اللقاء، استجابة لوثيقة أعضاء من شبيبة الحزب، وبعد ذلك تدخل سليمان العمراني، عضو الأمانة العامة، ليقدم ما يشبه تقريرا سياسيا، حول أداء الحزب والتحديات التي تواجهه، والمكتسبات التي حققها. وبخصوص مذكرة الشباب، أشار إلى أن الحزب "منفتح على المبادرات"، وأنه لا مشكلة لديه في تقديم الأفكار والملاحظات، لكنه تحفظ على "لجوء الشباب إلى الإعلام من أجل الضغط على الحزب"، وإصدارهم بلاغات متتالية "تستقوي بعدد الموقعين على الوثيقة". وإلى جانب العمراني، شارك كل من مصطفى الرميد، وزير الدولة، وعضو الأمانة العامة "عن بعد"، إضافة إلى كل من محمد أمكراز ونبيل الشيخي، عضوي الأمانة العامة اللذين شاركا في الحوار من داخل مقر الحزب بالرباط. وسجل غياب سعد الدين العثماني، الأمين العام للحزب بسبب التزامه بتأطير مهرجان خطابي حول الصحراء، نظمه الحزب "عن بعد". وبعد مداخلة العمراني، جرى فتح باب النقاش، بتسجيل أزيد من 70 مداخلة، لأعضاء المجلس الوطني، حدد لكل واحد منهم 3 دقائق. وحسب مصدر حضر اللقاء، فإن المداخلات كانت "مختلفة ومتوازنة" سواء من حيث تأييد المبادرة الشبابية أو انتقادها بسبب "التوقيت الذي طرحت فيه قبيل الانتخابات"، وهناك من اعتبر أن المبادرة لم تحترم منهجية الحزب في إدارة النقاش الداخلي. فيما طرح عدد من المتدخلين تساؤلات حول الوضع السياسي، والتراجعات الحقوقية. وفي نهاية اللقاء جرى الاستماع إلى تعقيبات أعضاء الأمانة العامة. ومن أبرز المتدخلين مصطفى الرميد، الذي اعتبر أن الحزب "منفتح على الحوار الذي طرحه الشباب"، ولكنه أوضح أن الانتقادات التي توجه لأداء الحزب والحكومة، تبقى في جزء منها "غير موضوعية"، مضيفا أن الحزب ليس مسؤولا عن بعض الأمور التي تقع، وقال مصدر ل"أخبار اليوم"، إن الإشارة هنا واضحة إلى التراجعات الحقوقية. وبخصوص مبادرة الشباب قال إنه لا مشكلة للحزب في الحوار معهم، لكنه أبدى امتعاضا من "الإساءات والاتهامات الباطلة والكلام الذي لا يليق"، في إشارة إلى ما تضمنته وثيقة مبادرة التقويم والتقييم من نقد للرميد، بخصوص موقفه من معاش بنكيران. وكانت مبادرة مجموعة من شاب الحزب لجمع توقيعات لعقد اجتماع مؤتمر استثنائي لتقييم أداء الحزب، أثارت رجة داخل الحزب بعدما أعلن عنها في 14 شتنبر، عبر مذكرة من 19 صفحة، كتبت بأسلوب نقدي لاذع للحزب ولأدائه في الحكومة، من قبيل مهاجمة استوزار محمد أمكراز، الكاتب العام للشبيبة، معتبرة أن قرار استوزاره "ملغوم أُريد به إخضاع الشبيبة ومساومتها"، وهاجمت المواقف القاسية للأمانة العامة تجاه البرلمانية أمينة ماء العينين، كما انتقدت طريقة تعامل الحزب مع قضية عبدالعلي حامي الدين.. واعتبرت أن حكومة العثماني تكتفي ب"تنفيذ التعليمات". ولهذا دعت المبادرة إلى عقد مؤتمر استثنائي "للتقويم والتقييم". وسارع مكتب المجلس الوطني للحزب للتجاوب مع المبادرة في 18 شتنبر، وأعلن فتح حوار بشأنها عن طريق اللجنة السياسية، رغم أن أصحاب المبادرة ليسوا أعضاء في المجلس الوطني ولا يحق لهم المطالبة بعقد مؤتمر استثنائي. وشكلت هذه الاستجابة السريعة فرصة لاحتواء المبادرة واحتضان النقاش حولها داخل مؤسسات الحزب. وتشير مصادر من الحزب أن اللقاء الذي عقد أول أمس السبت أفضى إلى طي صفحة هذه لمبادرة، لأن "الرسالة الأساسية من ورائها وصلت إلى الأمانة العامة"، وبالتالي، فلم يعد هناك مجال لإمكانية عقد مؤتمر استثنائي، لأنه يتطلب جمع توقيعات ثلثي أعضاء المجلس الوطني. لكن سيكون على اللجنة السياسية إعداد توصيات من هذا اللقاء لرفعها للأمانة العامة لتأخذها بعين الاعتبار .