تتجه أنظار العالم، إلى الطريقة التي سيشتغل بها الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، وكيفة تعامله المرتقبة في تدبير مختلف الملفات داخليا وخارجيا، خصوصا بعد الولاية الرئاسية لدونالد ترامب، الذي لطالما أثارت قراراته، وسلوكاته جدلا داخليا، وخارجيا. وبعكس ترامب، توقع الدكتور وليد عبد الحي، بناءً على دراسة سيكولوجية أمريكية صادرة، في شهر غشت الماضي، أن يكون بايدن تصالحيا مع الداخل، وبعيدا عن المنطق العسكرتاري في التعامل مع حلفهائه، ومختلف دول العالم. وتبرز الدراسة، الصادرة عن جامعة St. John's University الأمريكية السمات الشخصية للرئيس الأمريكي الجديد، وقد تم فيها جمع البيانات ذات الصلة بالتشخيص النفسي لبايدن من مصادر السيرة الذاتية له، ومن تقارير وسائل الإعلام، وتم تجميعها في ملف تعريف شخصي، استنادا إلى نموذج تحليلي هو نموذج Millon Inventory of Diagnostic Criteria، الذي يشتمل على 170 سمة متفرعة من 12 مقياسا للشخصية تغطي خمسة أبعاد رئيسية هي: السلوك اللفظي أو التعبيري، والسلوك الشخصي، والنموذج المعرفي، والمزاجية، والصورة الذاتية (كيف يرى نفسه). ووفقا للدكتور عبد الحي تظهر نتائج التطبيق على شخصية بايدن أنه "شخصية منفتحة، واجتماعية بنسبة 40 في المائة، أي أنه غير منغلق إلى حد ما" وأن قابليته للتكيف تبلغ 27 في المائة، "أي استعداده لتقبل نسبي لأغلب التغيرات أو الضغوط الفاعلة عليه"، فيما يظهر التحليل أن نسبة نزعات الطموح لديه تبلغ " 15 في المائة، أي أنه يقبل غالبا بالنتائج، وليس لديه مشروعات كبرى خارج الدائرة الداخلية"، فيما تبلغ نسبة "نزوعه للسيطرة على الآخرين 9 في المائة، أي أنه قابل للاستجابة للضغوط أكثر من قابليته للضغط على الآخرين". كما يشير التحليل إلى أن درجة تأنيب الضمير لدى بايدن لا تتجاوز 6 في المائة، أي ليس لديه "الأنا العليا الفعالة"، أما فيما يخص نسبة الشجاعة، والميل إلى المخاطرة فلا تزيد لديه عن 3 في المائة. وبناء على نتائج التحليل لشخصية بايدن في النموذج المشار إليه أعلاه، يتوقع صاحب المقال أن يكون الرئيس الأمريكي الجديد، أكثر تصالحيا -داخليا- مع الجمهوريين، وفئات المتطرفين من العنصريين، والمتطرفين الدينيين، وأن تكون إدارته أكثر استقرارا في كوادر العاملين فيها، أي أن ميله لعمل الفريق سيجعل إدارته أقل تغييرا في لاعبيها( خلافا تماما لترامب). وأضاف المتحدث نفسه أن ترامب سيكون أقل ميلا للنزعة العسكرتارية مع البيئة الدولية، والحلفاء، والخصوم، وهو ما يعني أنه سيعمل تدريجيا على تخفيف التوترات مع الصين، وإيران، وفنزويلا، وسيكون أكثر تفهما لمطالب حلفائه في الناتو، لا سيما في الإنفاق الدفاعي. لكن النزعة التصالحية لدى بايدن، يقول عبد الحي، ستكون متناسبة مع قدرة خصومه على استغلال نزعته التكيفية، "فعلى المستوى الداخلي، فإن شخصيته ستجعله أكثر قابلية لتأثير اللوبيات الداخلية، مثل اللوبي اليهودي، أو جماعات المصالح الآخرى خصوصا إذا تعاملت معه بذكاء، وخبرة". وبنا عليه، قال عبد الحي إن "على الطرف العربي –تحديدا الفلسطيني المقاوم – أن يقدم صورة أكثر تماسكا"، بل وعنادا "للتسوية، التي بنيت على صفقة القرن، وأن يخلق انطباعا بأنه قادر على "تصعيد" التوتر في المنطقة من خلال توثيق علاقات مع إيران، وسوريا، وحزب الله، واليمن، وارسال مفاوضين، ودبلوماسيين لكل من الصين، وروسيا"، بل "والقيام ببعض العمليات العسكرية في الداخل الفلسطيني، أو الضفة الغربية"، وتابع عبد الحي: "أما الفلسطيني المساوم في سلطة التنسيق الأمني فليس لديه ما يقدمه". كما توقع الكاتب ذاته أن تكون الفترة الأولى من رئاسة بايدن متجهة إلى الوضع الداخلي، خصوصا في قطاعات ثلاثة: أزمة كورونا، استرخاء التوتر العنصري، والتجاذب الإعلامي، وأخيرا الانعاش الاقتصادي، فيما سيميل إلى إعادة الدور الأمريكي في المنظمات الدولية، وسيكون أقل عدائية تجاه الأممالمتحدة، ولجان، وتقارير حقوق الإنسان، والمنظمات، والاتفاقات الدولية بمقدار ضغوط الطرف الآخر عليه. وكنتيجة عامة يتوقع الكاتب أن يميل بايدن إلى الاستجابة لكل دولة أو جهة تخلق لديه انطباعا بأنها "ستخلق له قدرا أكبر من الاضطرابات"، أما سياسات الغواية فستكون نتائجها أقل فائدة لمن يتبناها من الداخل.