يبدو أن التكتيك الجديد الذي أصبحت تعتمده جبهة البوليساريو، بتنسيق مع الجزائر، للعودة إلى الواجهة الإعلامية الدولية، مع قرب صدور القرار الأممي حول قضية الصحراء نهاية الشهر الجاري، كانت له نتائج عكسية على الجبهة نفسها وحلفائها، إذ تأكد جليا أن الجبهة عامل مهدد للاستقرار في المنطقة، خاصة مع إمعانها في انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار في المنطقة العازلة، وعرقلة حركة السير والنقل في معبر الكركرات. هذا ما ذهب إليه، ضمنيا، بيان صادر عن الأممالمتحدة، مساء أول أمس الأربعاء، ردا على قيام مجموعة من الموالين المدنيين للبوليساريو بعرقلة حركة السير في معبر الكركرات صباح أول أمس الأربعاء. كما أن هذا البيان الصحافي الذي تلاه ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، يأتي بعد إمعان البوليساريو في استفزاز المغرب والبعثة الأممية، من خلال وقفات احتجاجية أمام ممر أمني تراقبه عناصر الجيش المغربي بمنطقة أمهيريز، وأمام مقر بعثة المينورسو في منطقة بئر الحلو يومي الأحد والاثنين الماضيين على التوالي. في هذا الصدد، تفاعل الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، بشكل سريع مع التطورات المتسارعة في معبر الكركرات، تجنبا لأي تصعيد محتمل قد يؤدي إلى المواجهة بين الجيش المغربي وميليشيات البوليساريو، بحيث طالب غوتيريس، مرة أخرى، مساء أول أمس الأربعاء، البوليساريو ومليشياتها بمغادرة المنطقة العازلة بالكركرات، وعدم عرقلة حركة السير المدنية والتجارية المنتظمة في هذه المنطقة. المتحدث باسم غوتيريس أوضح قائلا: "نذكر بأن حركة السير المدنية والتجارية المنتظمة لا يجب أن تتعرض للعرقلة بالكركرات، ولا يجب اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يشكل تغييرا للوضع القائم في المنطقة العازلة" بالمعبر. هكذا يكون الأمين العام للأمم المتحدة فند مزاعم البوليساريو بخصوص "عدم شرعية المعبر"، مبرزة أن عرقلة حركة تدخل في إطار انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار ومحاولة تغيير الوضع القائم. وفي الوقت الذي تحاول فيه البوليساريو أن تصور ما يجري في الكركرات كأنه مسيرة شعبية، أوضح المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أن الأمر يتعلق بمجموعة من "خمسين شخصا" ينتمون إلى البوليساريو وميليشياتها رصدتهم عناصر بعثة المينورسو، الأربعاء، بالكركرات، حيث "كانوا يعرقلون حركة السير في المنطقة". وتجنبا لأي تصعيد محتمل، عبأت بعثة المينورسو "المزيد من عناصرها، صباح الأربعاء، في المنطقة للمساعدة في نزع فتيل أي توتر، وفتح الطريق أمام حركة السير" المدنية والتجارية. كما أشارت إلى أنها ستواصل مراقبة الوضع عن كثب. علاوة على ذلك، حثت "جميع الأطراف المعنية على ضبط النفس واتخاذ كافة التدابير اللازمة لتهدئة التوترات". وإذا كانت البوابات الإعلامية التابعة للجزائر والبوليساريو توظف كل صغيرة وكبيرة لاستفزاز المغرب ومهاجمة الأممالمتحدة وفرنسا وإسبانيا، فإنها تجاهلت، هذه المرة، بيان الأمين العام للأمم المتحدة، لأنه حملها مسؤولية التوترات الحالية في معبر الكركرات، وطالبا بعدم عرقلة السير فيه. وإلى حدود زوال أمس الخميس، لم تعلق جبهة البوليساريو على بيان الأممالمتحدة، لكن واجهتها المتمثلة فيما يسمى "مكونات المجتمع المدني الصحراوي المشرفة على إغلاق ثغرة الكركرات"، أصدرت بيانا رافضا لماء جاء في بيان الأممالمتحدة، وأكدت أنها ستستمر في إغلاق المعبر في تحدٍ للأمم المتحدة.