في الوقت الذي لم يُغلق فيه بعد ملف فضيحة ما عرف إعلاميا بملف "الماستر مقابل المال"، الذي هز كلية الحقوق بفاس عشية الدخول الجامعي (2018-2017)، في انتظار الجولة الثانية من محاكمة عضو "ترانسبرانسي" المغرب ومنسق ماستر المنازعات العمومية بكلية الحقوق بظهر المهراز، عبد الله الحارسي، المدان ابتدائيا في مارس الماضي بسنة واحدة سجنا نافذا، بعدما آخذته المحكمة بجناية "الارتشاء واستغلال النفوذ"؛ خرج مؤخرا أستاذ جامعي بكلية الحقوق في مكناس ليفضح الفساد المتواصل والمستفحل، كما قال، في امتحانات ولوج سلكي الماستر والدكتوراه بالجامعات المغربية، إضافة إلى مباريات التوظيف بالتعليم العالي، مشددا، في شريط بالصوت والصورة منشور بصفحته الرسمية على "الفايسبوك"، على أن الكليات ترزح تحت سلطة "لوبيات" كما وصفها، تتحكم في وحدات الماستر والدكتوراه وتنعم في الريع، على حد تعبيره. الشريط المنسوب إلى أستاذ مادة القانون الجنائي بكلية الحقوق بجامعة المولى إسماعيل في مدينة مكناس، عبد الكبير العلوي الصوصي، المتحدر من إقليم زاكورة، والذي نال متابعة كبيرة بمواقع التواصل الاجتماعي، تسبب في ضجة كبيرة خلفت ردود أفعال رواد الفضاء الأزرق، الذين طالبوا بفتح بحث في مضمون الشريط لتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات، فيما سارعت إدارة كلية الحقوق، عبر اللجنة العلمية لشعبة القانون الخاص، إلى إصدار قرار تأديبي قضى بتوقيف الأستاذ فاضح اختلالات الماستر والدكتوراه من إلقاء الدروس النظرية بكلية الحقوق بمكناس. "لايف" يفضح طرق "صناعة" الدكتوراه والماستر الخروج المثير للأستاذ الجامعي عبد الكبير العلوي الصوصي، الذي تسبب في ضجة ما زالت متواصلة، كان يوم الثلاثاء الماضي عبر حلقة مباشرة على صفحته الرسمية ب"الفايسبوك"، خصصها لموضوع "واقع الماستر بالجامعات المغربية"، حيث تحدث إلى متتبعي صفحته، كما قال، دون لغة خشب، ودون كمامة، في إشارة منه إلى رفضه تكميم أفواه منتقدي الوضع القائم بالجامعات، خصوصا كلياتها التي تتوفر على وحدات للماستر والدكتوراه. وانتقد الأستاذ الجامعي الكيفية التي يتم عبرها صناعة الماستر أو إحداث وحداته بالكليات المغربية، مشددا على أن وزارة التعليم العالي اكتفت بوضع دفتر ضوابط بيداغوجية عامة مصادق عليه في فاتح يناير 2015، للحسم في الملفات الوصفية أو المشاريع التي يتقدم بها الأستاذ الحاصل على التأهيل الجامعي أو التعليم العالي لإحداث وحدة بسلك الماستر، ما ترك الباب مشرعا على اختلالات عرت واقع الماستر، ذكر منها الأستاذ الصوصي، في حلقته المنشورة على صفحته ب"الفايسبوك"، غياب توحيد شروط الولوج بجميع الكليات وتوضيحها وتحديدها من قبل وزارة التعليم العالي، ما فتح المجال، بحسبه، أمام خروقات مست مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع الطلبة، حيث توقف عند شرط الميزة الذي تفرضه بعض الكليات لولوج الماستر، معتبرا الحصول على ميزة أو أكثر ليس محددا لكفاءة الطالب، وحجته على ذلك أن النقط يتم النفخ فيها لفائدة طلبة بعينهم حتى يضمنوا مقاعدهم بالماستر. واشتكى أستاذ مادة القانون الجنائي بكلية الحقوق بمكناس، وهو يتحدث نيابة عن زملائه الأساتذة بعدد من الجامعات المغربية، من إقصاء الأساتذة حاملي الضمير المهني كما سماهم، وقطع الطريق عن وصولهم للتدريس بوحدات الماستر المستحدثة بالكليات، والسبب، بحسبه، هو أن المنسق العام للوحدة لما يظفر مشروعه بموافقة وكالة التقييم بوزارة التعليم العالي، يسارع إلى تشكيل فريقه البيداغوجي، الذي يختار عناصره بناء على المصالح المشتركة والعلاقات الخاصة، بما يحفظ أسرار الفريق، ما يجعل منسق وحدة الماستر يتعاقد مع أساتذة من كليات مختلفة على الرغم من وجود أساتذة مؤهلين بكليته، وهو ما يتسبب في استنزاف ميزانية الكلية المخصصة للماستر والدكتوراه. وطالب الأستاذ، الذي اعتبر نفسه أول من قرر اقتحام قلع الماستر والدكتوراه المحصنة، بإنهاء واقع الريع الذي ينتشر بهذه الوحدات، وإبعاد "اللوبيات" التي تسيطر عليها، عبر تدخل عاجل لوزارة التعليم العالي، عن طريق مراجعة القوانين التي تنظم قطاع التعليم العالي، التي تعود إلى سنوات 1975 و1998، كما اشترط نشر الوزارة أو الكليات لجميع الملفات الوصفية الخاصة بإحداث وحدات الماستر والدكتوراه وإطلاع العموم عليها. وبخصوص انتقاء المرشحين للماستر، أوضح العلوي الصوصي، عبر صفحته على الفايسبوك، بأن الكليات تعتمد على النظام المعلوماتي، لكن هذا النظام تشوبه شبهات، بسبب عدم إخضاعه لآلية المراقبة قبل اعتماد الانتقاء الذي انتهى إليه، بسبب إدخال القائمين على النظام المعلوماتي لمعلومات خاطئة وأحيانا مدبرة تخص المرشحين، منها النفخ في النقط المحصل عليها دون الاعتماد على كشف النقاط المسلم للطالب من كليته الأصلية، وهو ما تسبب في إقصاء عدد من الطلبة من الولوج إلى الماستر رغم توفرهم على الكفاءة العلمية والمعرفية. وتوقف الأستاذ في شريطه الذي فضح من خلاله اختلالات الماستر بالمغرب، عند موضوع امتحانات ولوج الماستر، والتي تشوبها شبهات ربطها بتسريب مواضيع الامتحان الكتابي، ما بات يفرض، كما قال، على وزارة التعليم العالي مراجعة القوانين وتكليف جهة محايدة بوضع أسئلة الامتحان الكتابي، وإخضاعه لكافة تدابير ضمان سريته كما هو معمول به في البكالوريا، ما سيمكن من تكريس تكافؤ الفرص بين جميع المترشحين. كما انتقد الأستاذ عينه انفراد أساتذة بنفس الأسماء المعروفة كل سنة بوضع السؤال الكتابي وتصحيح أوراق الامتحان والإشراف على الامتحان الشفوي، ما يخل بضمانات التقييم المحايد لولوج الماستر، بل الخطير هو أن أوراق الامتحان تصحح، بحسب الأستاذ العلوي الصوصي، بمنازل الأساتذة وليس داخل الكليات وتحت مراقبة اللجان المختصة، حيث تحدث في هذا السياق عن أساتذة قاموا بتصحيح أوراق زوجاتهم وأبنائهم وأفراد عائلاتهم من مختلف درجات القرابة، بل تمسكوا بالإشراف على الامتحان الشفوي لأقربائهم، ولذلك تجد أسماء عائلية بعينها تتردد بعدد من وحدات الماستر والدكتوراه، ما حذا بالعلوي الصوصي في خروجه، عبر صفحته على "الفايسبوك" بحلقة الثلاثاء الماضي، بمطالبته بوضع كاميرات بالقاعات التي تحتضن الامتحان الشفوي للماستر والدكتوراه، فيما أنهى ملاحظاته بلجوء عدد من الكليات إلى إحراق أوراق الامتحان مباشرة بعد إعلان نتائج الطلبة الناجحين لولوج الماستر أو الدكتوراه، وهو ما اعتبره المجلس الأعلى للحسابات، في أحد تقاريره المنجزة عن كلية لم يذكر اسمها أستاذ مكناس، خرقا إداريا، حيث طالب الكلية بالاحتفاظ بأوراق الامتحانات بأرشيف الكلية، حتى يتسنى الرجوع إليها كوثيقة في حال ورود شكايات من طلبة شكوا في رسوبهم. رد اللجنة العلمية بمكناس في مقابل صمت وزارة سعيد أمزازي بالتعليم العالي والبحث العلمي، عجل "لايف" أستاذ مادة القانون الجنائي بكلية الحقوق في مكناس، بعد اللغط الذي تسبب فيه محليا ووطنيا منتصف الأسبوع الماضي، بالتئام اجتماع طارئ للجنة العلمية التابعة لشعبة القانون الخاص بنفس الكلية، والتي قررت تجريد الأستاذ عبد الكريم العلوي الصوصي من إلقاء الدروس النظرية داخل الكلية في جميع المسالك والمواد التي كان يدرسها، فيما أسندوا إليه، مقابل ذلك، مهمة تقديم الدروس التوجيهية بحسب متطلبات الشعبة، وما تقرره اللجنة العلمية في إطار الغلاف الزمني المخصص لفئته. ووجه الأساتذة الغاضبون على الخروج الإعلامي لزميلهم، طلبا إلى عميد كلية الحقوق ورئيس جامعة المولى إسماعيل، بغرض اتخاذ الإجراءات الإدارية اللازمة في حق الأستاذ عبد الكبير العلوي الصوصي وعرضه على المجلس التأديبي، حيث اعتبرت اللجنة العلمية أن ما تضمنه "اللايف" المنشور بصفحته على "الفايسبوك"، خرقا لمقتضيات المادتين 13 و18 من قانون 24 فبراير 1958 المتعلق بالوظيفة العمومية، في إشارة من اللجنة إلى إفشاء الأستاذ المعفي من مهمة التدريس النظري للسر المهني، وعدم كتمان كل ما يخص الأعمال والأخبار التي يعملها أثناء تأدية مهامه أو بمناسبة مزاولتها، كما هو متضمن في المادة 18 من ظهير الوظيفة العمومية. وهدد أعضاء اللجنة العلمية بشعبة القانون الخاص بكلية الحقوق في مكناس بمقاضاة زميلهم، بسبب اتهامهم له بالتشهير والتشويش على عملهم، وكذا السب والقذف في حقهم، وتحريض الطلبة عليهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي. من جهته، رد العلوي الصوصي، عبر صفحته على "الفايسبوك"، معلقا على المحضر الصادر عن اللجنة العلمية لشعبة القانون الخاص، مؤكدا أنه تحدث في "اللايف"، الذي يحاسبه عليه زملاؤه، بصفته مواطنا يتفاعل مع مجموعة من القضايا التي تهم الطلبة ونظام التعليم الجامعي، وهذا من حقه كما قال، لأنه بصفته أستاذا جامعيا غير ملزم بواجب التحفظ، ولا أحد يمكنه مصادرة حقه في التواصل بمواقع "السوشيال ميديا"، وتقييمه للسياسات العمومية التعليمية، حيث رفض وصف حديثه عن اختلالات الماستر والدكتوراه، بأنها إفشاء للسر المهني تستوجب متابعته إداريا وقضائيا. وأوضح الأستاذ عينه في رده على اللجنة العلمية لشعبته، أنه تكلم عن البعض من زملائه المتورطين في الاختلالات التي تعرفها عمليات الولوج إلى الماستر، نافيا أن يكون قد خص كلية الحقوق بمكناس أو كلية أخرى بحديثه، وحجته أنه لم ينطق اسم كلية معينة، ما يجعل كلامه يسري على جميع الجامعات والكليات التي تتوفر على وحدات الماستر والدكتوراه، حيث شدد، في جوابه عن قرار منعه من تقديم الدروس النظرية لطلبته، بأنه قرار تعسفي لا يستند على أي مبرر قانوني أو واقعي، خصوصا وأنه، كما قال، لم يضبط في حقه أي خطأ بيداغوجي أو مهني، يستوجب إقحام اللجنة العلمية لتأديبه، فيما طالب، مقابل ذلك، كل من تضرر من كلامه على صفحته "بالفايسبوك"، بأن يلجأ إلى القضاء؛ الجهة المختصة للنظر في ذلك ولا دخل لأجهزة الكلية والجامعة في ذلك، بحسب تعبير الأستاذ العلوي الصوصي. هذا ولقي أستاذ كلية الحقوق بمكناس، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حملة تضامن واسعة معه من قبل زملائه الأساتذة بمختلف الجامعات المغربية، وكذا طلبته وفاعلين حقوقيين محليا ووطنيا، حيث اعتبر المتضامنون معه بأن مضمون الشريط الذي نشره بصفحته الشخصية على "الفايسبوك"، يتطلب من الجهات المعنية بوزارة التعليم العالي والقضاء، فتح بحث والتحقيق فيما ورد فيه من معطيات ووقائع، لترتيب الجزاءات في حق المخالفين لمبدأ تكافؤ الفرص والعدالة في ولوج وحدات الماستر والدكتوراه، عوض المسارعة إلى تكميم فم الأستاذ الجامعي بقرارات اللجنة العلمية للشعبة التي ينتمي إليها بكلية الحقوق في مكناس. وسبق لوزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي سعيد أمزازي، أن أعلن نهاية سنة 2018، خطته لإصلاح سلكي الماستر والدكتوراه، بعد الفضيحة التي فجرتها قضية "الماستر مقابل المال" بكلية الحقوق بموقع ظهر المهراز بفاس، حيث يعول الوزير أمزازي على القانون الإطار "01.00"، المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي ضمن الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030، لإرساء نموذج جديد بسلك الدكتوراه والماستر، وتمكين الطلبة من الانخراط الفعلي في البحث العلمي، وتقديم أطروحات ذات جودة عالية ومناقشتها في آجال معقولة، غير أن الأساتذة والمتتبعين اعتبروا ذلك صيحة في وادٍ ما لم تراجع الوزارة القوانين، التي تنظم قطاع التعليم العالي التي تعود إلى سنوات 1975 و.1998