كيف كانت حياتك طيلة شهور الوباء المكثفة والعازلة هذه؟ هل كنت قادرة على الكتابة؟ *** أكتب بطريقة متقطعة على كل حال، إذ لا تتبع الكتابة نظاما ثابتا. كنت منكبة على كتاب أرقني طيلة أربع سنوات. ثم كتبت بعض القصائد على نحو غير متوقع، أواخر يوليوز وغشت الماضيين، وفجأة تبدى لي كيف يمكنني أن أشكل هذا المخطوط وأنهيه. كان الأمر بمثابة أعجوبة. لقد هتك ال»كوفيد» بمشاعر الحبور والارتياح المعتادة، لأنني كنت مجبرة على مجابهة رعبي اليومي والقيود الحتمية المفروضة على حياتي اليومية. عمَّ تتحدث المجموعة الجديدة؟ التداعي. هناك الكثير من الرثاء في الكتاب. ثمة أيضا الكثير من الهزل في الكتاب. والقصائد سريالية للغاية. لقد كتبت حول الموت مذ صرت قادرة على الكتابة. كنت أكتب عن الموت عندما كنت في العاشرة. أجل، حسنا، كنت فتاة مفعمة بالحياة. فالتقدم في السن أمر معقد أكثر. إذ لا يتعلق الأمر فحسب بالحقيقة التي تفيد أنك بِتَّ قريبا من الموت، وإنما بتلك التي تؤكد أن الملكات التي اعتمدت عليها- نعمة الجسد والقوة والذكاء الذهني- أن هذه الأشياء صارت معرضة للخطر أو التهديد. وكان من المثير للاهتمام التفكير فيها والكتابة عنها. الكثير من أعمالك يعتمد على الميثولوجيا الكلاسيكية وينسج نماذج أسطورية مع أبيات معاصرة أكثر حميمية حول الأواصر والعلاقات الأسرية. ما الذي يجذبك نحو تلك الوجوه الأسطورية؟ وكيف تعزز تلك القصص ما تحاولين استكشافه وتبليغه عبر الشعر؟ يستمد كل من يكتب السند والدعم من الذاكرات المبكرة، ومن الأشياء التي غيرتك أو أثرت فيك أو أثارتك خلال طفولتك. كان والداي المتبصران يقرآن علي الأساطير الإغريقية. وعندما استطعت أن أقرأ لنفسي، واصلت قراءتها. كانت شخصيات الآلهة والأبطال ساطعة عندي سطوعا أكبر من الأطفال الصغار الآخرين بالمبنى في «لونغ أيلاند» (جزيرة شمال شرق الولاياتالمتحدةالأمريكية). لم يكن الأمر كما لو أنني كنت أرسم على شيء ما اكتسبته في وقت متأخر من حياتي، لأضفي على عملي بعض الطلاء مما تعلمته. كانت تلك قصصي قبل أن آوي إلى الفراش. كان لبعض القصص صدى عندي على نحو استثنائي، خاصة «بيرسيفوني» (إلهة الربيع في الأسطورة الإغريقية)، حيث ظللت أكتب عنها مرارا وتكرارا طيلة خمسين سنة. وأظن أنني وقعت في صراع مع والدتي، مثلما تفعل الفتيات الطموحات. وأعتقد أن تلك الأسطورة بالذات أضفت خاصية جديدة على تلك الصراعات. لا أقصد أنها كانت مفيدة في حياتي اليومية. فعندما كتبت، بدل الشكوى من والدتي، استطعت أن أشتكي من «ديميتر» (إلهة الخصب وحامية الزواج في الأسطورة الإغريقية). قارن البعض عملك ب»سيلفيا بلاث» ووصفوا أبياتك بأنها دينية وحميمية. إلى أي مدى استندت إلى تجربتك الخاصة في عملك؟ وإلى أي مدى تستكشفين تيمات إنسانية كونية؟ إنك تعتمد دوما على تجربتك الخاصة لأنها مادة حياتك، بدءا بطفولتك. لكني أبحث عن تجربة نموذجية، وأفترض أن صراعاتي وأفراحي ليست فريدة. إنهم يشعرون أنها فريدة عندما تختبرها، لكني لست مهتمة بتسليط الضوء على ذاتي وحياتي الخاصة، وإنما على صراعات وأفراح البشر الذين ولدوا وأجبروا على الرحيل. أظن أنني أكتب عن الفناء لأنه مثَّل لي صدمة رهيبة عندما اكتشفت في الطفولة أنك لا تصاب بهذه إلى الأبد. جربت أشكالا شعرية مختلفة على امتداد مسارك المهني، رغم أن صوتك ظل متفردا. هل كان ذلك جهدا مقصودا وواعيا لحث نفسك بتجريب أشكال مختلفة؟ *** نعم، في كل الأوقات. أنت تكتب لتصبح مغامرا. أريد أن أوخذ إلى مكان ما لا أعرف عنه شيئا. أريد أن أصير غريبة على أرض ما. فمن الأشياء الجيدة القليلة التي تقال عن الشيخوخة أنك تخوض تجربة جديدة. إذ لا يمثل التضاؤل الفرح الذي يترقبه الجميع بتطلع أكبر، لكن ثمة مستجدات في هذا الوضع. وذاك لا يقدر بأي ثمن بالنسبة إلى الشاعر أو الكاتب. أعتقد أنك مطالب على الدوام بأن تندهش وتصير مبتدئا من جديد، بطريقة ما، وإلا كنت سأحمل نفسي على البكاء. عن صحيفة «نيويورك تايمز» بتصرف