إدارة السجن المحلي "عين السبع 1" تنفي اتهامات سجين سابق لموظف ب "تعذيب سجناء حتى الموت"    2025: سنة التغيير في ملف الصحراء    سدود جهة طنجة – تطوان – الحسيمة تتوفر على مخزون مائي يفوق 876 مليون متر مكعب    التحقيقات تكشف تفاصيل مثيرة عن كارثة الطائرة الكورية.. هل كان الجشع وراء الحادث؟    الملك يبعث برقية تعزية إلى بايدن    الحسيمة..العثور على جثة أربعيني داخل منزل ببني بوعياش    بسبب الفوضى.. والي جهة طنجة يأمر بإيقاف منح الرخص لأصحاب "الجيلي الأصفر"    تأملات مرحة في موضوع جدي!    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    تبون يمارس سياسة "كاموفلاج" للتغطية على أزمات الجزائر الداخلية    شخصية السنة/الدجاجلة: بين جغرافيا الجسد وسيكولوجيا السلطة !    التكنولوجيا في خدمة التعليم: التحالف الاستراتيجي لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة مع شركة هواوي المغرب    الفنيدق تحتضن منافسات كأس العرش للفول كونتاكت    الدورة الثالثة لمهرجان الكتاب الإفريقي بمراكش ما بين 30 يناير و2 فبراير المقبلين    تأجيل محاكمة فؤاد عبد المومني إلى تاريخ 20 يناير المقبل    المالكي يغادر السجن بعد تخفيض العقوبة    جماهير الرجاء تطالب عادل هالا بالاستقالة    إسرائيل تنفذ عملية "سرية" في سوريا    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    وزارة الثقافة تعلن موعد الدورة ال30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب    سطات تتصدر مقاييس الأمطار بالمغرب    وفاة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر عن 100 عام    دراسة: طفرة جينية قد تساعد على إبطاء نمو أنواع من السرطان    الذهب يرتفع بفضل زيادة الإقبال على الملاذ الآمن وسط حالة غموض عالمية    دراسة تكشف عدد الدقائق التي يفقدها المدخن من حياته مع كل سيجارة    الجالية المغربية تخول المملكة المرتبة الثالثة إفريقيا في التحويلات    وزارة التربية الوطنية توزع 240 تفرّغا نقابيا على 5 نقابات تعليمية    تبون يواجه الأزمات الداخلية لبلاده بتجييش الجزائريين ضد المغرب وفرنسا    حقوقيات يطالبن بفتح تحقيق في واقعة نقل مريضة على نعش في أزيلال    وفاة المطرب المصري الشعبي الشهير أحمد عدوية    سخرية عارمة من رئيس جهة سوس بسبب حديثه عن إمكانية إنتاج الهيدروجين الأخضر بطاطا    تراجع أسعار النفط وسط تعاملات ضعيفة    مسبار "باكر" الشمسي يحقق إنجازا تاريخيا باقترابه من الشمس والتحليق في غلافها الجوي    بورصة الدار البيضاء : تداولات الافتتاح على وقع الأخضر    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الإثنين    ما مصير "النوميرو أوتشو" أوناحي بعد تجربة بناثينايكوس اليوناني؟    غوارديولا يصل للمباراة رقم 500 مع مانشستر سيتي    كيميتش: "لم أستطع النوم بعد خروج ألمانيا من بطولة يورو 2024"    مراجعة مدونة الأسرة... عوائق أمام نجاح التواصل مع الرأي العام    بسبب فرضه الأحكام العرفية.. رئيس كوريا الجنوبية يواجه الاعتقال    أحمد الشرع يؤكد أن الانتخابات في سوريا قد تحتاج إلى أربع سنوات لتنظيمها    ارتفاع حصيلة قتلى حادث السير في إثيوبيا إلى 71 شخصا    المدرج الجنوبي" يخرج عن صمته ويرفع الورقة الحمراء في وجه رئيس الرجاء ومكتبه    داري وعطية الله يعززان دفاع الأهلي في مواجهة إنبي    علاكوش يشرف على تأسيس النقابة الوطنية للمتصرفين التربويين بجهة الدار البيضاء سطات    مع اختتام فعاليات مهرجان AZEMM'ART للفنون التشكيلية.. المنظمون يهدفون إلى تحقيق 1000 جدارية بالمدينة    مع انتشار البطالة .. جمعية المعطلين بالناظور تعلن عن " اسبوع الغضب"    الوزاني بخمسة أهداف في البرتغال    شخصيات بارزة وجمهور شغوف يحيون ليالي الجاز في دار الصويري    الصحة العالمية تكشف سر المرض الغامض في الكونغو    دراسة: اكتشاف طفرة جينية قد تساعد على إبطاء نمو أنواع من السرطان    الولايات المتحدة.. تحور فيروس إنفلونزا الطيور يثير قلقا علميا    انطلاق فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    انتشار "بوحمرون" بإقليم شفشاون يدق ناقوس الخطر ومطالب عاجلة على طاولة الوزير    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تشومسكي و الاعلام
نشر في اليوم 24 يوم 14 - 09 - 2013

يبدو ان الاعلام الرسمي في مختلف بقاع العالم تحكمه اليات و توجهات تهدف اساسا الى خلق مواطن سلبي غير قادر على الانعتاق من بوتقة العاطفة و الخمول الفكري
و الدليل على ذلك الاستراتيجيات العشر التي وضعها العالم و الاكاديمي المعروف نعوم تشومسكي و التي بين من خلالها كيفية توظيف الاعلام لالهاء الجماهير. هذه الاستراتيجيات لا تستهدف شعبا بعينه بل هي ميكانيزمات موحدة يتم توظيفها لترويض عقول ألفت التلفاز كمخدر لا محيد عنه. و اذا ما قمنا بقراءة بسيطة لما جاء به تشومسكي نجد انه مطابق تماما لاعلامنا الرسمي، ففي ظل غياب قنوات هادفة و تهميش الكتاب و هيمنة الجانب السلبي من الاجهزة الالكترونية بمختلف مشاربها، فقد تمكن اعلامنا (القنوات التلفزية خصوصا) من بسط سيطرته على شبابنا قبل شيبنا و اصبح جزء ا من هويتهم و طرفا فاعلا و مؤثرا في تربيتهم و طريقة تفكيرهم.
تتمثل الاستراتيجية الاولى في الهاء الجماهير وذلك عن طريق تحويل انتباههم عن المشاكل الحقيقية التي تتخبط فيها البلاد و تعويضها ببرامج اخرى تافهة ولكم في قناتينا خير دليل ، فنشرات الاخبار تعج بمواضيع موجهة و تفتقر الى خط تحريري واضح المعالم، و بالمقابل تفتح ذراعيها لبرامج الواقع التخريبية التي اضحت تأتي على الاخضر و اليابس
اما الاستراتيجية الثانية فتتمثل في خلق مشاكل ثم ايجاد حلول لها و ذلك بغرض جس نبض الشارع و قياس ردة فعله، و يلعب الاعلام دورا فعالا في الترويج لهذا المشكل المصطنع حتى يصبح حديث الخاصة و العامة، و الكل يدرك ان الخبر ينتشربسرعة متناهية بين الناس كانتشارالنار في الهشيم.
و لنا في بعض الامراض و الفيروسات التي تم الترويج لها عالميا خير برهان حيث لايعلم مصدرها الا الله ثم الراسخون في التضليل و الضحك على الذقون، و التي توارت عن الانظار بقدرة قادر و اصبحت لا تظهر في وسائل الاعلام الا لماما، و بطبيعة الحال فقد تم التركيز على انتشار انفلونزا الخنازير مثلا لالهاء الرأي العالمي عن الازمة الاقتصادية التي ارخت بظلالها ابتداء من 2007 و لقضاء مآرب اخرى هم اعلم بها و اعرف.
الاستراتيجية الثالتة حسب تشومسكي تتجلى في اسلوب التدرج وذلك بغاية قبول اجراء مرفوض و غير مستساغ من عامة الناس، و اعتقد ان هذا الاسلوب يتم تطبيقه في شتى المجالات: الزيادة في اسعار المواد الاساسية، تطبيق بعض القرارات السياسية، التطبيع مع مشاهد في الاعلام كانت الى حدود الامس القريب غير مقبولة في مجتمعنا ...
اما الاستراتيجية الرابعة فهي استراتيجية المؤجل و هي وسيلة يتم الالتجاء اليها كترياق مر لا بد من تناوله املا "في غد افضل" و كسبا لمزيد من الوقت قصد اشغال الناس و الهاءهم، وواقع حالنا يشير الى الكثير من هذه الحالات، فقد انتظرنا طوال العشرية الاولى من الالفية الثالثة وصول عشر ملايين من السياح ببلوغ سنة 2010 لكن شيئا من ذلك لم يحصل و بلعنا على مضض الزيادة الاخيرة في اسعار البترول نظرا "لاسباب كثيرة" و ترقبا "لغد افضل" و تحملا "لاكراهات اقتصادية عالمية" لكننا ما زلنا لم نلمس اي تغيير، كما ان هذه الاستراتيجية يتم ترسيخها من خلال برامج توهمنا على اننا سائرون على درب التنمية التي طبل لها مصطفى العلوي و زمر خلال ثلاث قرون و نيف و حتى من خلال تقارير النشرات الاخبارية التي تقدم المشاكل و احتجاجات المواطنين في البداية و تعطينا الحلول و الاجراءات التي تم اتخادها مما يعطينا الانطباع ان الامور تسير في الاتجاه الصحيح.
تتجلى الاستراتيجية الخامسة في مخاطبة الشعب كمجموعة أطفال صغارلا تمتلك اي احساس نقدي و هذا يعني انه كلما خاطبنا شخصا بنبرة طفولية كلما كانت ردة فعله متخلفة و هزيلة و كانه طفل في العاشرة من عمره بالرغم من تواجد اطفال نوابغ و لا تنطلي عليهم الحيل. هذا النوع من الخطابات نجده في كثير من الخطابات و خصوصا في تلك المسابقات التافهة التي تقدمها القنوات عقب كل فيلم او مسلسل.
اما الاستراتيجية الموالية فهي استثارة العاطفة بدل الفكر وهدفها تعطيل الحس النقدي و تعويضه بكل ما يوقظ احاسيس الشفقة و العاطفة السلبية، وهذه الاستراتيجية كذلك لم يغض اعلامنا الطرف عنها بل هي حاضرة بقوة من خلال ترسانة من البرامج التي تقلب المواجع و تثير المشاكل التي يعلمها الجميع، بيد انها تقدم بتقنيات سينيمائية مصاحبة بموسيقى تصويرية حزينة توقعنا في شركها فتخشع القلوب و تذرف الدموع و تعطل العقول.
اما الاستراتيتجيتين السابعة و الثامنة علي التوالي فهما ابقاء الناس في حالة جهل وحماقة و استحسانهم للرداءة من خلال تسخير اعلام ردئ لا يقوم باي دور تنويري او فكري يتم التطبيع معه و قبوله بشكل تدريجي، و هذا ما يجعل فئة غير قليلة من الناس تبحث عن ضالتها في قنوات اخرى. لكن و بالمقابل هناك جماهير اخرى بحكم محدودية تعليمها وبحثها عن "متعة" من نوع خاص فلا ضير بالنسبة لها ان تقدم برامج تافهة مادام التلفاز وسيلة لتزجية الوقت و الترويح عن النفس بالمفهوم العامي.
الاستراتيجية التاسعة فهي تعويض التمرّد بالإحساس بالذنب، حيث يظنّ الفرد أنّه المسؤول الوحيد عن تعاسته، وأن سبب مسؤوليّته تلك هو نقص في ذكائه وقدراته أو مجهوداته، فالاعلام يلقي الضوء على العامل البشري كسبب مباشر و معرقل للعديد من الاصلاحات و المبادرات التي يمكن اتخادها. و نلمس ذلك من خلال قول بعضهم اننا "شعب" لا يصلح معه الا "الهراوة" بدل توجيه الاتهام الي المسؤولين الحقيقيين عن تعطيل عجلة التنمية المنشودة. فالدول المتقدمة تهب لمواطنيها حقوقهم قبل ان تضع القوانين الزجرية اما نحن فنحاسب انفسنا عن وضع لم نختره بل نوجه اصبع الاتهام الى بعضنا البعض.
معرفة الأفراد أكثر ممّا يعرفون أنفسهم، هي اذن الاستراتيجية التي يختم بها تشومسكي لائحته، فالدول تسخر ما استجد من العلوم و التقنيات لمعرفة الكائن البشري، و بحسب تعبير تشومسكي "أصبح هذا "النّظام" قادرا على معرفة الفرد المتوسّط أكثر ممّا يعرف نفسه، وهذا يعني أنّ النظام في أغلب الحالات يملك سلطة على الأفراد أكثر من تلك التي يملكونها على أنفسهم".
يتبين اذن ان تشومسكي اماط اللثام عن الادوار الخفية التي يلعبها الاعلام من خلال سعيه الى تنميط العقل البشري و جعله ضيق الافق، ذلك العقل الذي يدعونا سبحانه و تعالى لاعماله قصد التفكر و التفكير لتغليب الحق على الباطل و رؤية الاشياء بوضوح بعيدا عن كل لبس او غشاوة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.