أجواء من الحزن والأسى خيمت، مساء أول أمس الثلاثاء، على الأطقم الطبية والتمريضية بالمستشفى الجامعي الحسن الثاني بفاس، بعدما أسلمت زميلتهم، وهي ممرضة متقاعدة اشتغلت بنفس المستشفى، الروح لبارئها، بسبب تعرضها لتدهور مفاجئ في حالتها الصحية وصعوبة في التنفس، ربطتها مصادر طبية باكتشاف إصابتها بالفيروس التاجي في وضعية متقدمة. وحسب المعطيات التي حصل عليها "اليوم 24" من مصادره الخاصة، فإن الممرضة البالغة من العمر 66 سنة، التي أحيلت على التقاعد منذ ثلاث سنوات من الآن، بعدما أنهت عملها بقسم الأمراض التنفسية بالمستشفى الجامعي الحسن الثاني بفاس، وحصلت على عمل بعد تقاعدها كممرضة بمصحة خاصة بمقاطعة أكدال بوسط المدينة نفسها، ظهرت عليها، نهاية الأسبوع المنصرم، أعراض كورونا، ما جعلها تتوجه إلى المستشفى الجامعي لإجراء التحاليل الخاصة ب"كوفيد 19′′، وهو ما أكدته نتائج الكشف المخبري، إذ أظهرت أن الممرضة كانت في وضعية متقدمة من حملها للفيروس، قبل أن تظهر أعراض المرض عليها. وأضافت المصادر عينها، أن الممرضة وبعد قضائها يوم الأحد الماضي بغرفة معزولة في انتظار نتائج كشفها المخبري، أصيبت بتدهور مفاجئ في حالتها الصحية، تطلبت وضعها بغرفة العناية المركزة، قبل أن يتم نقلها مع دخولها مرحلة الغيبوبة إلى قسم الإنعاش بالطابق العلوي للمستشفى الجامعي، حيث خضعت للإنعاش التنفسي للقلب بتهوية اصطناعية، فيما تكفل الفريق الطبي والتمريضي بالمضاعفات التي تترتب عن الحالة التي أوصل كورونا المريضة إليها، والتي تزداد خطورتها بتعطيل وظيفة أجهزة أخرى في الجسم لدى أغلب الحالات التي تدخل مرحلة العناية الطبية المركزة أو الإنعاش، وهي المرحلة التي لم تخرج منها الممرضة المتقاعدة حية، حيث لفظت أنفاسها الأخيرة مساء أول أمس الثلاثاء، أي بعد أقل من ثلاثة أيام من اكتشاف حملها للفيروس ودخولها حالة حرجة، ناتجة عن اضطرابات وصعوبات في التنفس، زادت من تعقيداتها إصابتها قيد حياتها بأمراض مزمنة، منها السكري وارتفاع ضغط الدم لديها، علاوة على تقدمها في السن ومعاناتها من السمنة المرضية، كلها عوامل، يوضح المصدر الطبي ل"اليوم 24′′، لم تسعف الممرضة المتقاعدة على مجابهة كورونا، رغم محاولات الأطباء لمساعدتها عبر الإنعاش التنفسي للقلب بتهوية اصطناعية. والمحزن في قصة الممرضة المتقاعدة المتوفاة، والتي تحولت بسبب كورونا إلى مأساة إنسانية واجتماعية مؤثرة، أنه بعدما لم يمهلها كورونا للانتشاء بتقاعدها بعد نضال وعطاء متواصل في مهنة التمريض على مدى 63 سنة، ها هي ترحل بعدما نقلت العدوى إلى فلذة كبدها ولابنها الوحيد، تاركة إياه وحيدا في مواجهة الفيروس، حيث دفنت جثتها مساء أول أمس الثلاثاء في جنازة صغيرة بمقبرة قريبة من مقر سكناها بحي الليدو الشعبي، فيما واجهت السلطات الصحية بفاس صعوبات في نقل الابن المكلوم والحزين على فراق أمه إلى مركز تجميع مرضى "كوفيد 19" بمدينة بنسليمان ضواحي الدارالبيضاء، بعدما دخل في حالة من العُصاب الهستيري. من جهة أخرى، علم الموقع أن السلطات الصحية، وفور كشف أبحاث فريقها الطبي والتمريضي لليقظة والرصد الوبائي، عن احتمال ارتباط مصدر إصابة الممرضة المتوفاة بكورونا، بعملها بالمصحة الخاصة وسط مدينة فاس، وهي المصحة التي سبق وأن رصدت بها إصابات مؤكدة بالفيروس؛ سارعت السلطات، أول أمس الثلاثاء، إلى إغلاقها، فيما جرى حصر لائحة جميع العاملين بالمصحة من أطقم طبية وتمريضية وإدارية، وكذا لائحة مرتفقيها خلال الأسبوعين الأخيرين السابقين لاكتشاف إصابة الممرضة المتوفاة، حيث تم إخضاعهم جميعا للحجر الصحي المنزلي المراقب، في انتظار نتائج تحليلاتهم المخبرية. وفاة الممرضة المتقاعدة تعد أول حالة بعد دخول جهة فاس مرحلة تخفيف الحجر الصحي في العاشر من شهر يونيو الفائت، ليرتفع عدد الوفيات إلى 28 حالة، بعدما استقرت بالجهة لمدة طويلة، منذ تسجيل آخر وفاة منتصف شهر ماي الماضي.