بعد احتفاء وزارة الصحة، منتصف شهر أبريل الماضي، بشفاء الرضيعة “سما”، وهي أصغر مريضة تسلل إلى جسمها الصغير فيروس “كوفيد-19″، وهي في شهرها الثاني من ولادتها؛ أعلنت المديرية الجهوية للصحة بفاس، تعافي عجوز يزيد عمرها عن 110 سنوات، قدمتها السلطات الصحية بالمغرب على أنها أكبر معمرة أصيبت بالفيروس، حيث غادرت نهاية الأسبوع المنصرم وحدة الحجر الصحي بالمستشفى الجامعي الحسن الثاني، بعدما خضعت فيه للعلاج لمدة تزيد عن 20 يوما، قبل أن تؤكد نتائج التحليلات المخبرية-الفيروسة، التي خضعت لها، خلو جسمها من الفيروس وإعلان شفائها بالكامل من المرض. الابن مصدر العدوى أظهرت المعطيات التي حصلت عليها “اليوم 24” من مصادرها الخاصة، والتي تتعلق بالمعمرة التي اشتهرت وسط الأطقم الطبية والتمريضية بالمستشفى الجامعي الحسن الثاني بفاس، باسم “مي فاطنة”، أن إصابتها بفيروس كورونا المستجد، جاءت عقب انتقال العدوى إليها من ابنها الذي كان يشتغل بالمركز التجاري المشهور “برج فاس”، بعدما تحول هذا المركز إلى بؤرة محلية لكورونا بالعاصمة العلمية منتصف شهر أبريل الماضي، حيث خلف أزيد من 150 إصابة بالفيروس، وسط مستخدميه ومخالطيهم، كان من بينهم ابن المعمرة “مي فاطنة”. وأضافت المصادر عينها، أن تأكيد نتائج التحليلات المخبرية لإصابة ابن “مي فاطنة” نهاية شهر أبريل الماضي بالمرض، بعد مخالطته لزملائه العاملين بالمركز التجاري الموبوء بوسط مدينة فاس، عجل حينها بإخضاع زوجته وأمه، لكونهما يعيشان معه في نفس المنزل، لكشف مخبري أظهرت نتائجه إصابتهما بالعدوى، حيث وضعتا بعد أسبوع من إصابة ابن “مي فاطنة” تحت الحجر الصحي بالمستشفى الجامعي الحسن الثاني بفاس، تحكي زوجته فتيحة. وزادت المتحدثة نفسها أن زوجها وبعد خضوعه للعلاج لمدة خمسة عشر يوما، غادر وحدة الحجر الصحي للمستشفى الجامعي الحسن الثاني بفاس، خلال الأسبوع الأول من شهر ماي الماضي، فيما واصلت هي علاجها بعده حتى الأسبوع الثالث من الشهر نفسه، غير أنها قررت بعد شفائها، وبموافقة من الطاقم الطبي المتابع لمرضى كوفيد بالمستشفى الجامعي الحسن الثاني، البقاء لرعاية حماتها “مي فاطنة”، والتي استمرت رحلة علاجها لحوالي 26 يوما، ما تطلب من زوجة ابنها بذل تضحيات ومجهود كبيرين لملازمة حماتها العجوز ومساعدتها على تلبية كل حاجياتها طوال مدة مكوثها تحت العلاج، حيث كانت الزوجة الشابة خير أنيس ل”مي فاطنة”، وهي تواجه معركة ضارية في خريف عمرها مع الفيروس القاتل. رحلة العلاج بعد مرور أسبوع من مرض ابنها الأصغر الذي تعيش معه في بيته بأحد أحياء فاس، ودخوله نهاية شهر أبريل الماضي وحدة الحجر الصحي لمرضى “كوفيد-19” بالمستشفى الجامعي الحسن الثاني، بدأت تظهر أعراض كورونا على “مي فاطنة”، حيث شعرت بارتفاع غير معهود في درجة حرارة جسمها رغم تقدم سنها، رافقته حالة عياء وتهوع غير معهود لديها وصداع في الرأس، وهو ما جعل زوجة ابنها تتصل بالرقم الأخضر”ألو يقظة”، سبق لفرقة التدخل السريع لرصد الوباء أن منحته للشابة بعد إصابة زوجها العامل بمركز تجاري مشهور بفاس. في فاتح ماي المنصرم، بحسب ما حكته زوجة ابن المعمرة “مي فاطنة”، دخلت الشابة معية حماتها العجوز نفس وحدة العزل الصحي التي يرقد بها ابنها المصاب بكورونا، لتنطلق رحلة علاج أكبر مسنة أصابها الفيروس التاجي بالمغرب، وهو ما تطلب عناية خاصة من الطاقم الطبي والتمريضي بوحدة الحجر الصحي لمرضى “كوفيد-19” بالمستشفى الجامعي الحسن الثاني، يورد البروفيسور محمد العبقري، الأخصائي في أمراض الجهاز الهضمي بالمستشفى الجامعي الحسن الثاني بفاس، والذي كان ضمن الطاقم الطبي الذي تابع حالة “مي فاطنة”. واستنادا إلى المعلومات التي حصلت عليها الموقع من مصادرها بالمستشفى الجامعي بفاس، فإن مخاطر العدوى لفيروس كورونا، والتعقيدات الصحية التي يمكن أن يتسبب فيها هذا المرض، عجل بتخصيص أجنحة خاصة بكل فئة من المرضى الذين يتم استقبالهم يوميا، منها جناح خاص بالأطفال وآخر بالنساء والرجال، وقاعات منفردة يوضع بها كبار السن، وأخرى لمن يعانون من أمراض مزمنة، وهو ما جنب الأطقم الطبية مواجهة تعقيدات صحية مفاجئة لمرضاهم، كما هي حالة “مي فاطنة” التي خُصصت لها غرفة صغيرة، تقاسمتها معها زوجة ابنها التي تعافت من المرض. المعمرة تهزم كورونا كشف البروفيسور محمد العبقري، أن المعمرة المصابة ومنذ وصولها إلى وحدة الحجر الصحي، حرص الطاقم الطبي والتمريضي على شملها بعناية خاصة، بسبب تقدمها في السن، حيث كانت تخضع لتتبع يومي لحالتها الصحية، كما أجريت لها عدة فحوصات بيولوجية، وكشوف مخبرية أظهرت أن “مي فاطنة” ورغم تقدمها في السن، لا تعاني من أي مرض مزمن، وهو ما أفرح الطاقم الطبي المتابع لحالتها، لما تشكله الأمراض المزمنة من خطورة على صحة المتقدمين في السن، والذين يصابون بمرض كورونا. من جهته، أورد مصدر طبي قريب من موضوع المعمرة أن جسمها، رغم كبر سنها، تجاوب مع البرتوكول العلاجي الذي تعتمده وزارة الصحة لمعالجة مرضى “كوفيد-19” من مختلف الأعمار والأجناس، والمعتمد على دواء “الكلوروكين” و”الهيدروكسي- كلوروكين”، حيث شدد المصدر الطبي، في حديثه ل”أخبار اليوم”، على أن المعمرة “مي فاطنة”، أمضت مدة علاجها في ظروف جد جيدة، فاجأت توقعات الطاقم الطبي والتمريضي المتابع لحالتها، والذي خشي من مواجهته لتعقيدات أقلها تعرض المريضة لاضطرابات عصبية ونفسية، لكن ولله الحمد ، يردف المصدر الطبي، كل شيء كان على ما يرام، حيث لم تعانِ “مي فاطنة” طيلة مدة العلاج بالرغم من تقدم سنها، من صعوبات واضحة في التنفس، ولم تكن تسعل أو تعاني من ارتفاع في درجة حرارة جسمها، حيث ساعدها على ذلك، يضيف المصدر عينه، عدم إصابتها بأي مرض مزمن من شأنه أن يعقد من حالتها الصحية، ذلك أنها ظلت هادئة ومتعاونة مع المشرفين على حالتها، إلى أن خضعت نهاية الأسبوع المنصرم لآخر كشف مخبري أجري على عينات من مسالكها التنفسية بالمختبر الجهوي التابع للمستشفى الجامعي الحسن الثاني، والذي أثبت خلو جسم المعمرة من فيروس “كوفيد-19” وشفائها الكامل منه. هذا واستقبلت الأطقم الطبية والتمريضية بالمستشفى الجامعي الحسن الثاني، خبر شفاء “مي فاطنة” بأجواء من الفرح والارتياح بعد رحلة علاج شاقة، حيث احتفلوا، نهاية الأسبوع المنصرم، بمغادرة المعمرة لوحدة علاج مرضى “كوفيد-19″، وهي تحمل بيدها باقة ورد سلمها لها المحتفون بها، من بينهم الأطباء والممرضون وتقنيو الصحة بالمستشفى الجامعي، فيما بدت المعمرة منتشية بانتصارها على الفيروس، وهي تصدر ضحكات مرتجفة، خلال مغادرتها المستشفى على كرسيها المتحرك، لتعود من جديد إلى أبنائها الثمانية وأحفادها البالغ عددهم 29 حفيدا، معلنة مواصلتها رحلة حياة ما بعد كورونا