يبدو أن فيروس “كوفيد-19″ لم يفقد بعد قوة نشاطه، حيث لا تزال الوضعية الوبائية في بعض المدن مثل مدينة طنجة، تشهد تسجيل إصابات مرضية متفاوتة؛ فبعد هدوء نسبي دامعدة أيام الأسبوع الماضي، سجل منحنى الإصابات قفزة ما بين ليلة الثلاثاء وليلة الأربعاء/الخميس، حيث سجلت على التوالي 16 و21 إصابة مؤكدة. وأظهرت المعطيات المستحدثة صباح أمس الخميس، ارتفاع الحالات المؤكدة بجهة طنجةتطوان الحسمية، إلى 1145 حالة مؤكدة، تعافى منها بعد خضوعها لبروتوكول العلاجالسريري حوالي 970 شخصا، في حين فتك كورونا ب 38 شخصا في ثلاثة أقاليم بالجهة، بينهم 29 في مدينة طنجة وحدها. وتعود الحالات الجديدة كلها إلى عمال وعاملات وحدات صناعية كبرى، تأكدت إصابتهم من خلال عمليات الفحص المخبري العشوائي الخاص باليد العاملة التي تستعد لاستئنافالعمل، وأيضا الأشخاص المشتبه في مخالطتهم مصابين في تجمعات عائلية أو مهنية، وقد ظهر من بين المصابين عمال يقطنون في مدينة أصيلة التي ظلت آمنة من العدوى أكثر منشهرين ونصف. وبالنظر إلى حصيلة الوفيات في المدن والأقاليم الكبرى، تعطي الأرقام المسجلة في عاصمة جهة الشمال، انطباعا بأنها تسجل أكبر نسبة من ضحايا مرض “كوفيد 19″ علىالصعيد الوطني، غير أنه بإجراء مقارنة النسب مع إجمالي المصابين يتبدد هذا الانطباع، حيث تحتل المرتبة الثالثة وطنيا من أصل (205 وفيات)، بعد مراكش – آسفي (52 وفاة) بنسبة 3,88 في المائة، ثم جهة الدارالبيضاء ب (51 وفاة) بنسبة 1,92 في المائة، و27 وفاة بجهة فاسمكناس بنسبة 2,39 في المائة، في حين تسجل جهة سوس نسبة أعلى منإجمالي الإصابات بلغت 7,86 في المائة، تليها جهة الشرق ب 4,27 في المائة. وأثارت أرقام المتوفين في مدينة طنجة بسبب العدوى الوبائية جدلا وسط الأطقم الصحية في عاصمة البوغاز، ذلك أن مجموع الوفيات بطنجة بلغ بداية شهر يونيو 29 حالة وفاة، وهورقم يتجاوز العدد الذي سجل بمجموع أقاليم جهة فاسمكناس خلال نفس المدة منذ بداية تفشي الوباء، حيث اعتبر البعض هذه النسبة مرتفعة وتحتاج إلى دراسة تقدم تفسيراتلمعرفة الأسباب، في حين اعتبرها البعض الآخر أنها عادية وليست مدعاة لأي قلق. وضمن تفسيرات هذه الأرقام بعاصمة البوغاز، أكد طبيب إنعاش وتخدير ضمن طاقم خلية اليقظة الوبائية في مندوبية الصحة بطنجة، في حديث مع “أخبار اليوم“، أن جل الوفياتسجلت في المرحلة الأولى من نشاط الفيروس، سواء بمدينة طنجة أو بمدينة تطوان، التي فتك بها الوباء ب 7 أشخاص، حيث لم يكن التشخيص يتم مبكرا، وحين ظهور الأعراضيكون الفيروس نهش جسد المريض واستبد بجهازه التنفسي. وأضاف المصدر الطبي أن الحالات المتوفاة جلها وفدت إلى المستشفيات في حالة حرجة جدا وبعضها في غيبوبة شبه تامة، حيث لم تسعف العناية الطبية في قسم الإنعاش والتخديروالاستعانة بالتنفس الاصطناعي، في رفع فرص نجاة الحالات الحرجة، خاصة أصحاب الأمراض المزمنة وكبار السن، كما لفت المتحدث الانتباه إلى أنه خلال المرحلة الأولى، لم يكنالمغرب شرع في اعتماد بروتوكول علاج دواء الكلوروكين، الذي أظهر فعاليته في محاصرة الوباء إذا تم اكتشاف الإصابة في مرحلتها الأولى. وخلال شهر ماي الماضي، سجلت على الصعيد الوطني 24 حالة على الصعيد الوطني أكثر من نصفها بجهة الشمال، حيث فتك الفيروس ب 14 شخصا كلهم في مدينة طنجة، حيثفارقوا الحياة خلال تواجدهم في أسرة الإنعاش بمستشفى محمد السادس الذي يستقبل كل الحالات الخطيرة المصابة بفيروس كورونا، لكن عدد الذين تحسنت حالتهم وتمكنوا منتجاوز مرحلة الخطر، يقارب 100 شخص خلال نفس الفترة، لا يزال منهم حاليا بمصلحة الإنعاش 4 مصابين فقط حالتهم مستقرة. من جهة أخرى، أفاد مسؤول بخلية اليقظة الوبائية في مندوبية الصحة بمدينة طنجة، أن توقعاتهم بشأن نشاط الفيروس أصبحت واضحة أكثر من أي وقت سابق، حيث مكن إجراءالتحاليل بشكل موسع على المواطنين، من معرفة حجم تفشي الفيروس وطريقة وأماكن انتشاره وسرعة توسعه، وهو ما جعل رؤية التدخلات الطبية أكثر فاعلية ونجاعة في المدىالمنظور. وتابع المصدر نفسه أن الحالة الوبائية ورغم نشاطها المتذبذب، يمكن القول إنه متحكم فيها من حيث قدرة التدخل والتكفل بعلاجها في المستشفيات والمصحات المجهزة لاستقبالالمرضى، أو من خلال وضع المصابين رهن الحجر الصحي المنزلي تحت مراقبة السلطات، إلا أنه بالرغم من ذلك، يضيف المصدر، يصعب التنبؤ بمفاجآت الحالة الوبائية، خاصة معوجود صعوبات ملموسة في ضبط سلوك الأفراد بعد استئناف الحركة الاقتصادية، والعودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية.