سارعت الأكاديميات الجهوية لوزارة التربية الوطنية في جهات الشمال والشرق، والرباط القنيطرة، وفاس مكناس، ومراكش آسفي، وسوس ماسة، إلى عقد مجالسها الإدارية خلال بداية الأسبوع الجاري، يومي الاثنين والثلاثاء، بحضور المدراء الإقليميين، والأعضاء المنتخبين في المجالس الإدارية، وممثلي الجمعيات الرسمية لمؤسسات التعليم المدرسي، وتمثيلية جمعيات آباء وأولياء أمور التلاميذ والتلميذات، بهدف احتواء مظاهر الاحتقان والتوتر التي وصلت إلى الباب المسدود. وجاءت هذه الاجتماعات، عقب بيان استنكاري شديد اللهجة للفدرالية الوطنية المغربية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء أمور التلاميذ، استنكرت فيه ما اعتبرته "انتقاء" بعض الأكاديميات الجهوية التمثيليات المدعوة لحضور اللقاءات الجهوية السابقة، وهو ما اعتبرت أنه "يشكل ضربا وتجاهلا لمخرجات لقاء فاتح يونيو الجاري مع وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي سعيد أمزازي". وأفادت مصادر تربوية حضرت اجتماعا في أكاديمية جهة طنجةتطوانالحسيمة، أن مخرجات الاجتماع لم تؤد إلى تقدم كبير في مفاوضات الوساطة بين أطراف الخلاف بشأن الإشكالات العالقة، بعدما تمسك كل طرف بموقفه، مع وجود تباين في المواقف داخل كل طرف، أي تمثيليات أرباب المدارس الحرة والمؤسسات التعليمية الخصوصية، وبين أولياء آباء وأمهات التلاميذ. وبحسب نفس المصادر، فإن أهم توصية صدرت عن مخرجات الاجتماع، تلك التي شددت على ضرورة التعاطي الإيجابي والتضامني مع الأسر المتضررة من الوضعية الوبائية في بلادنا، منذ أكثر من ثلاثة أشهر، والدعوة أيضا إلى الالتزام بالتواصل الإيجابي والبناء مع أمهات وآباء وأولياء التلاميذ لحل جميع القضايا الخلافية، مع تغليب المصلحة الفضلى للتلاميذ. وأكدت مصادر "أخبار اليوم" أن المخاوف التي تشكل صداع الرأس لدى المسؤولين الجهويين لوزارة التربية الوطنية، هي طلبات التنقل من مؤسسات التعليم الخاصة إلى المدرسة العمومية، إذ من الناحية القانونية، فإن المديريات الإقليمية للتربية الوطنية ستكون ملزمة بتلبية طلبات الآباء والأمهات في رغباتهم، حيث يجب عليها التدخل لإجبار إدارات المدارس الخاصة بتسليم شواهد الانتقال لطالبيها دون ابتزاز، ثم اللجوء إلى القضاء لمتابعة أولياء الأمور في المستحقات المادية العالقة. وتتمثل النقط موضوع الخلاف، في كيفية إثبات صعوبة الأداء بالنسبة لبعض الآباء أو الأمهات الذين يشتغلون في القطاعات الحرة، أو لصالحهم الخاص، حيث إن بعضهم بالرغم من عدم تضرر أنشطته المهنية، كما هو الحال بالنسبة للأطباء، والصيادلة، والمحامين، والمهندسين، فإن فئة منهم امتنعت عن أداء الأقساط الجزئية حسب الحلول المتفق عليها، لكن الوقائع المحيرة بالنسبة للمسؤولين في الأكاديميات والمديريات الإقليمية والتي شكلت معضلة عويصة، تتجلى في امتناع بعض الموظفين عن الأداء. وعن الجانب الآخر، تراوحت مواقف أصحاب المدارس الحرة ومؤسسات التعليم الخاص، بين الليونة والتشدد في طرح الحلول للأزمة الراهنة نتيجة حالة الطوارئ الصحية، وانكماش الحركة الاقتصادية، وشلل تام في قطاعات أخرى، ففي الوقت الذي بادرت فيه مؤسسات تعليمية من تلقاء نفسها إلى إبداع حلول موضوعية ومناسبة لظرفية الأزمة، تمثلت في خفض أقساط التكاليف إلى الثلث والنصف، رغم أن بعض المدارس التي توجد في المدن الصغيرة لا تتعدى تكلفة الأجرة الشهرية 500 درهم، إلا أن أرباب مدارس أخرى شنقوا على أولياء أمور التلاميذ لأداء الأجور كاملة برسم شهور أبريل ماي ويونيو. وتطورت الأمور إلى تقديم طلبات سحب جماعي للتلاميذ من المدارس الخصوصية، والتهديد بنقلها إلى المدرسة العمومية، وهو السيناريو الأسوأ الذي ينتظره المسؤولون مع بداية الموسم الدراسي المقبل، إذا ما نفذت شريحة من أولياء أمور التلاميذ وعيدها، ذلك أن المدرسة العمومية تعاني أصلا في ظل هذه الظروف اكتظاظا في أقسامها، مع خصاص متفاوت في البنيات التحتية والموارد البشرية. وكانت الفيدرالية الوطنية المغربية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء أمور التلاميذ، أصدرت، يوم السبت الماضي، بيانا استنكاريا عندما دخلت الأزمة التي باتت تهدد مستقبل منظومة التربية الوطنية، نفقا مسدودا، حيث استنكرت ما وصفته أسلوب التهديد والوعيد والابتزاز الذي لجأت إليه بعض المؤسسات الخصوصية، لإجبار أسر التلاميذ على أداء واجبات التمدرس عن بعد خلال فترة الحجر الصحي ببلادنا، وصلت حد رفع دعاوى قضائية ضد بعض أولياء أمور التلاميذ. واعتبرت الفدرالية أن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، هي الجهة المسؤولة عن إيجاد الحلول لهذه الأزمة وإنصاف أسر التلميذات والتلاميذ، داعية إلى أن تكون وساطة الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين على سبيل الاستئناس ومدخلا لأي توافق وطني ممكن. كما ناشدت مؤسسات التعليم الخصوصي إلى تقدير الدور الذي لعبته أسر التلاميذ في تحقيق الاستمرارية البيداغوجية، خاصة فيما يتعلق بجانب تحمل نفقات إضافية وضغوطات نفسية.