بورصة البيضاء تفتتح التداول بارتفاع    مؤشر عالمي جديد يؤكد مكانة المغرب كنموذج للاستقرار في شمال إفريقيا    إسرائيل توسع الهجوم في قطاع غزة    بن غفير يقتحم مجددا المسجد الأقصى    الجيش يتقدم بشكوى ضد بيراميدز    تقلبات جوية وأمطار متفرقة بالمغرب    خبراء الصحة ينفون وجود متحور جديد لفيروس "بوحمرون" في المغرب    دراسة تحذر من ارتفاع استخدام المضادات الحيوية في الإنتاج الحيواني    صلاح الدين بنعريم يستهل رحلة طويلة بالدراجة على طول 24 ألف كيلومتر من أوشوايا إلى ألاسكا    طلبة طب الأسنان بالدار البيضاء يواصلون إضرابهم    وزارة الشؤون الداخلية للدول        القرود ناكِثو العهود !    المغرب يسجل تباطؤا في نموه الاقتصادي في الربع الأخير من 2024 مقارنة مع 2023    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    إليوت بنشيتريت ويونس العلمي لعروسي يغادران جائزة الحسن الثاني للتنس مبكرا    اختبار صعب لنهضة بركان أمام أسيك ميموزا الإيفواري في ذهاب ربع نهائي "الكاف"    نائل العيناوي يختار اللعب لفائدة المنتخب المغربي بدلا عن الفرنسي    كأس ملك إسبانيا .. إياب حارق في دور نصف النهائي    حكيمي وبنصغير ينافسان على جائزة أفضل لاعب أفريقي في الدوري الفرنسي    إطلاق خط جوي مباشر بين أكادير و أمستردام    وصول 77 مهاجرا إلى سبتة خلال 15 يوما    بعد وفاة بن عيسى .. محكوم سابق في قضية مخدرات يهدد منتدى أصيلة وأمينه العام الجديد    إفران تحتضن الدورة السابعة من مهرجان الأخوين للفيلم القصير    قناة فرنسية تسلط الضوء على تحولات طنجة التي حولتها لوجهة عالمية    وفاة أيقونة هوليوود فال كيلمر عن عمر يناهر 65 عاماً    حجيرة يترأس حفل تنصيب محمد بلحرمة مفتشا إقليميا لحزب الاستقلال بتاوريرت    47,5 مليار درهم من التمويلات للمقاولات الصغيرة والمتوسطة عبر "تمويلكم" في 2024    المديرية الإقليمية بالجديدة تنظم ملتقى الإعلام والتوجيه 2025    إسبانيا تخطو نحو تنفيذ نفق الربط القاري مع المغرب وسط رهانات مونديال 2030    واقعة تعنيف إطار صحي بقلعة السراغنة تتكرر بأكادير..    هشام جيراندو.. خيانة مفضوحة للملكية في الواقع ووطنية مزعومة في المواقع    التشغيل في حد ذاته دعم مباشر    الدفاع المدني يعلن مقتل 15 شخصا في غارتين إسرائيليتين على منزلين في قطاع غزة    بارديلا يدعو الفرنسيين للتظاهر ومحكمة استئناف تعتزم النظر بقضية لوبان والتوصل إلى قرار في 2026            القوات المسلحة المالية تفضح الجيش الجزائري بخصوص إسقاط طائرة بدون طيار    الصين: "هواوي" تسجل ارتفاعا في إيرادات المبيعات في 2024    اختتام فعاليات دوريي أراغي والمرحوم إبراهيم مزياني ببني بوعياش    مهرجان ربيع وزان السينمائي الدولي يفتتح دورته الأولى: "شاشة كبيرة لمدينة صغيرة"    إشكاليات سوق إمزورن الأسبوعي تدفع امغار إلى مساءلة وزير الداخلية    تحديد موعد العودة للساعة الإضافية.. توقيت "مرهق" أم ضرورة اقتصادية    احتجاج يجمع أساتذة للتعليم الأولي    تدريبات تعزز انسجام "منتخب U17"    القنصلية العامة في دوسلدورف تكرّم أئمة المساجد والمرشدين الدينيين    الولايات المتحدة ترسل حاملة طائرات ثانية إلى الشرق الأوسط    الادخار الوطني بالمغرب يستقر في أكثر من 28 في المائة على وقع ارتفاع الاستهلاك    بلجيكا تشدد إجراءات الوقاية بعد رصد سلالة حصبة مغربية ببروكسيل    السلطات البلجيكية تشدد تدابير الوقاية بسبب سلالة "بوحمرون" مغربية ببروكسيل    أجواء من الفرح والسرور ببرنامج راديو الناس احتفالا بعيد الفطر رفقة مجموعتي نجوم سلا والسرور (فيديو)    أغنية تربط الماضي بالحاضر.. عندما يلتقي صوت الحسن الثاني بإيقاعات العصر    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    القهوة في خطر.. هل نشرب مشروبًا آخر دون أن ندري؟    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سليمان الريسوني يكتب: اختفاء بلاغات الحموشي وعبد النبوي
نشر في اليوم 24 يوم 20 - 05 - 2020

هكذا، ودون سابق ولا لاحق إشعار، اختفت بلاغات الإدارة العامة للأمن الوطني التي كانت تقدمها، بانتظام، عن عملياتها الأمنية لفرض حالة الطوارئ، ومعها اختفت الأرقام التي كانت تصلنا، أولا بأول، عن أعداد الأشخاص الموقوفين، وأعداد الذين أودعوا منهم تحت تدبير الحراسة النظرية لإحالتهم على النيابة العامة…
وبعد أيام اختفت، في إثرها، بلاغات النيابة العامة، وبقينا دون أرقام عن أعداد الأشخاص الذين جرى تحريك المتابعة القضائية في حقهم، ونسبة الذين أحيلوا منهم على المحكمة في حالة اعتقال، ومن توبعوا في حالة سراح. لقد اختفت، فجأة، هذه البلاغات، دون أن نعرف السبب، ودون أن تتساءل جهة من الجهات الملزمة بالتساؤل، عن اختفائها (جات باسم الله.. مجاتش تبارك الله).
وفي غياب توضيح الجهتين المعنيتين، دعنا نطرح احتمالا عن وجود عامل، حتى إذا لم يكن هو الوحيد الذي تحكم في إيقاف هذه البلاغات، فمن المؤكد أنه كان ضمن أهم العوامل التي جعلت إدارتي الحموشي وعبد النبوي تلوذان بمقولة: «كم من حاجة قضيناها بتركها»، وهو أن عدد المتابعين تجاوز عدد الخاضعين للتحاليل. كيف؟
ففي آخر بيان لها، أعلنت رئاسة النيابة العامة أن النيابات العامة لدى محاكم المملكة، منذ دخول المرسوم بقانون المذكور حيز التنفيذ إلى غاية يومه الجمعة 08 ماي 2020 على الساعة الرابعة عصرا، قامت بتحريك المتابعة القضائية في مواجهة ما مجموعه 65 ألفا و352 شخصا قاموا بخرق حالة الطوارئ الصحية.
في المقابل، لم يتجاوز عدد الأشخاص الذين خضعوا للتحاليل المخبرية المتعلقة بفيروس كورونا، 63 ألفا، حسب جدول إحصاء جامعة جونز هوبكنز، المعتمد عالميا.
قد يتساءل البعض: وما ذنب السلطات الأمنية والنيابة العامة، إذا كان عدد الحالات التي خرقت القانون واستوجبت المتابعة، قد فاق عدد الحالات التي جرى إخضاعها للتحاليل المخبرية؟ ذنبهم، بعد الجهة التي أمرت بتطبيق مرسوم قانون حالة الطوارئ الصحية قبل عرضه على البرلمان، يكمن في إنفاذ القانون بما يناقض روح الحق والقانون؛ ففي الوقت الذي تكتفي فيه مصر السيسي بتغريم من ضبط دون كمامة، دون توقيفه، تقوم السلطات المغربية، المتقدمة، حقوقيا، بسنوات ضوئية على مصر السيسي، بإيقاف كثير ممن يتجولون دون كمامة، في تجاهل تام لنداء مفوضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، التي طالبت الحكومات بالكف عن انتهاك حقوق الإنسان بحجة التدابير الاستثنائية والطارئة التي تعتمدها في مواجهة انتشار فيروس كورونا، وقالت: «في بعض البلدان، يُعتَقل الآلاف من الأشخاص بسبب انتهاك حظر التجول، وهذا من الممارسات غير الضرورية وغير الآمنة. فالسجون والحبوس بيئات محفوفة بمخاطر شديدة، وعلى الدول أن تسعى إلى الإفراج عمن يمكن تسريحه بصورة آمنة، وعدم احتجاز المزيد من الأشخاص».
إن أكبر معيق ذاتي تعاني منه نيابتنا العامة، المفروض فيها حماية الحق العام، وضمنه الصحة العامة، هو أنها غالبا ما تختزل نفسها في كونها مجرد سلطة اتهام. فحتى وهي ترى أن عدد المتابعين يتعدى عدد الخاضعين للتحاليل المخبرية، لم تقدِّر أن إنجاز تحليل كورونا لشخص واحد ربما لا يتجاوز 15 دقيقة، بين أخذ العينة والحصول على النتيجة من جهاز الاختبار، وهذا قد يقوم به شخص واحد، فيما تقتضي متابعة شخص خرق الحجر الصحي عدة أيام عمل، وتتطلب تدخل عدة موظفين مكلفين بإنفاذ القانون، بدءا من توفير شرطيين، على الأقل، لتوقيف المعني بخرق الحجر، ثم ضابط الشرطة القضائية الذي سينجز المحضر، وكذا عدد من الأمنيين المكلفين بالحراسة النظرية، بالإضافة إلى وكيل الملك أو نائبه الذي سيقدم أمامه المعني بخرق الحجر، وفي حال تقررت متابعته في حالة اعتقال، فسيتطلب ذلك عدة أيام عمل من القاضي الذي سينظر في قضيته، وكاتب ضبط ليدون في محاضر الضبط كل ما يحدث في الجلسات، وكذا عدد من موظفي المحكمة الذين سيقومون بالأعمال الإدارية المرتبطة بالملف، بالإضافة إلى المحامي الذي سينوب عنه. وعند إحالة المعني بالأمر على السجن، سيزيد اكتظاظ هذه المؤسسة التي تعرف ارتفاعا مهولا في عدد السجناء، وربما سيفضي ذلك إلى إضافة أعباء أخرى إلى المندوب العام لإدارة السجون، الذي سيضطر إلى إصدار بيانات للرد على الجمعيات الحقوقية التي ستندد بعدم احترام المغرب القرارات الأممية الداعية إلى عدم احتجاز المزيد من الأشخاص، وتدعوه إلى الاقتداء بأغلب بلدان العالم التي سنت تشريعات تعاقب على خرق الحجر الصحي بالغرامة فقط.
وبناء على هذه المقارنة السريعة من ناحية الجهد المبذول من لدن السلطات العمومية في زجر مخالفات الحجر الصحي، مقابل القيام بتحاليل كشف كورونا، والتي توجه منظمة الصحة العالمية إلى توسيع نطاق إنجازها ليشمل أكبر عدد ممكن من الناس، يمكن ملاحظة أن الجهد المبذول لزجر مخالفات الحجر الصحي يزيد على الجهد المبذول في إنجاز تحاليل كشف كورونا، والذي تجعل منه منظمة الصحة العالمية أهم تدبير للوقاية من كورونا، إلى جانب الحجر الصحي المعقلن بطبيعة الحال. لكن، لا يوجد، إلى حد الآن، من قال إن الإكثار من المتابعات الزجرية يسهم في الوقاية من كورونا، بل ربما يكون العكس، خاصة أن كانت المتابعات تقع في حالة اعتقال.
فهل هذا هو السبب الذي تحكم في حجب بلاغات الحموشي وعبد النبوي؟ حتى إذا لم يكن هو السبب المباشر، فيجب أن يكون هو السبب في دفع البرلمان إلى مراجعة مقتضيات مرسوم الطوارئ وإخلائه من العقوبة السالبة للحرية والاكتفاء بالغرامة.
كما يجب أن يكون السبب في دفع الأمن والنيابة العامة إلى عدم الالتجاء إلى التوقيف والمتابعة إلا في الحالات القصوى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.