كما كان متوقعا، وعلى غرار عدد من بلدان العالم التي تأثرت اقتصاداتها سلبا بتداعيات فيروس كورونا، عمدت وكالة التصنيف الائتماني “فيتش رايتينغ” إلى مراجعة توقعات التصنيف الائتماني طويل الأجل للعملات المغربية، من مستقرة إلى سلبية. مع التأكيد على التصنيف عند “BBB-“. واعتبرت الوكالة الدولية أن هذه المراجعة كانت متوقعة، نظرا إلى تأثير أزمة كورونا على الاقتصاد المغربي، مثل جميع البلدان الأخرى في العالم. لكنها تبقى أنباء سيئة لأن المغرب كان يعتزم الخروج إلى السوق المالية الدولية لجمع الأموال بغاية تمويل خطة الدعم والانتعاش الاقتصادي. وقالت فيتش إن صدمة جائحة كوفيد 19 ستتسبب في أكبر انكماش في الناتج الداخلي الإجمالي منذ 25 سنة، بالإضافة إلى زيادة حادة في عجز الميزانية الخارجية ونسب الدين في المغرب. فضلا عن تدهور الوضع الائتماني للبلاد رغم السياسة الاستباقية المعتمدة بما يتماشى مع التزام السلطات باعتماد سياسات اقتصادية حذرة. فضلا عن هذا، تتوقع الوكالة أن يؤدي انخفاض الصادرات والسياحة والتحويلات إلى مضاعفة عجز الحساب الجاري إلى 8.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2020، مقابل مستوى مرتفع أصلا في 2019 بلغ 4.1 في المائة. ومقابل هذا سيؤدي الانخفاض الحاد في أسعار النفط، ووقف الاستثمارات التي تعتمد بشدة على الاستيراد، وزيادة المساعدات الخارجية، إلى بعض التخفيف، مما يحد من تدهور رصيد الحساب الجاري. وتتوقع وكالة فيتش العودة إلى عجز بنسبة 5 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي في 2021، مدفوعا بانتعاش السياحة وزيادة في القدرة التصديرية للقطاع الصناعي. وتتوقع فيتش، أيضا، أن يجري تمويل عجز الحساب الجاري بشكل رئيس من خلال القروض الخارجية، ما سيرفع صافي الدين الخارجي إلى 27 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي في 2021، مقابل 16.8 في المائة في 2019، وهو أعلى بالفعل من متوسط “BBB” الحالي، أي 8 في المائة. إضافة إلى ذلك، تتوقع وكالة فيتش أن الاقتراض العام من الدائنين الرسميين سيغطي نحو ثلثي العجز المتراكم في 2020-2021. وتتوقع، أيضا، أن تسعى الحكومة إلى التوصل إلى اتفاقية تحوطية لاحقة لخط الوقاية والسيولة مع صندوق النقد الدولي في الأشهر المقبلة وتمديد سندات “الأورو بوند”، التي تبلغ قيمتها 5 مليار دولار لمدة خمس سنوات في أكتوبر. وعلى صعيد آخر، لا تتوقع وكالة فيتش اعتماد مرحلة أخرى من مسلسل إصلاح نظام سعر الصرف بالدرهم خلال العامين المقبلين، وتتوقع أن تكتمل خطة الحكومة للانتقال إلى نظام عائم، إلى ما بعد الأفق المتوقع الحالي. ونظرا إلى العجز الكبير في الحساب الجاري ومرونة سعر الصرف التي لاتزال محدودة، سيتراجع احتياطيات النقد الأجنبي إلى نحو 22.9 مليار دولار في نهاية 2020، مقارنة ب 25.3 مليار دولار في نهاية 2019. كما سيوفر الصرف الأجنبي دائما تغطية مريحة مقابل كل من المدفوعات في الحساب الجاري، في 6 أشهر (متوسط “BBB: “6.6 شهرا). بخصوص تداعيات جائحة كورونا على الإيرادات الضريبية تتوقع وكالة التصنيف الائتماني زيادة عجز الميزانية عند 7.2 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي في 2020، مقابل 4 في المائة في 2019. أما صافي ديون الخزينة، فسيصل إلى 58 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي في 2020، مقابل 52.5 في المائة في 2019، وهو أعلى من متوسط التوقعات “BBB” البالغ 50 في المائة. وستنخفض إلى 55 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي في 2021، مستفيدا من انتعاش النمو وتقليص لعجز الميزانية إلى 4.6 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي في عام 2021. وعموما، ترى الوكالة الدولية فرصة لانتعاش النشاط الاقتصادي مع خروج الاقتصاد العالمي من صدمة الوباء، بفضل الاقتصاد المتنوع للمغرب وخطط التنمية والتصنيع الجارية. وهكذا، فمن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6 في المائة في 2021، بفضل زيادة محاصيل الحبوب، واستئناف مشاريع البنية التحتية، مع انتعاش بطيء للسياحة والتجارة العالمية.