بخلاف ما دأبت عليه النقابات خلال احتفالات عيد العمال المصادف لفاتح ماي من الخروج في مسيرات وتنظيم مهرجانات خطابية، يأتي العيد هذه السنة بطعم آخر، غير الذي عهدته الطبقة العاملة، التزاما بالحجر الصحي الذي فرضته عدد من الدول للحد من انتشار فيروس كوفيد-19. وعلى غرار الندوات واللقاءات والحفلات التي أصبحت تُنظم بشكل افتراضي خلال فترة الحجر الصحي، نحت النقابات بدورها في هذا المنحى، حيث قررت تنظيم أنشطتها افتراضيا وبثها على مواقع التواصل الاجتماعي، من قبيل تنظيم مهرجانات خطابية افتراضية لقيادتها، وتنظيم ندوات تناقش فيها وضع الشغيلة في ظل جائحة كورونا، ثم بث أشرطة تستحضر فيها المحطات النضالية السابقة وتاريخها في العمل النقابي. وبالرغم من تراجع الاحتجاجات على الحكومة من طرف النقابات، بحكم الظروف التي تعيشها بلادنا ووحدة الصف، غير أن هذا العيد جاء ولازالت العديد من الملفات عالقة بين النقابات والحكومة، وأهمها قانون الإضراب. وفي هذا السياق، قال النعم ميارة، الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين في المغرب، إن أولوياتهم كنقابة تغيرت خلال فترة الحرجة التي يمر منها المغرب، إذ أصبحت الأولوية للتضامن والتآزر من أجل مواجهة جائحة كورونا، مع مواكبتهم للإجراءات التي قامت بها الدولة من صرف تعويضات للذين فقدوا مناصب الشغل والعاملين بالقطاع غير المهيكل وباقي الفئات. ويرى ميارة في حديثه ل”أخبار اليوم” أن الدولة قامت بإجراءات مهمة، من خلال إحداث صندوق كورونا والتعامل مع الفئات المتضررة وهو ما خفف عليها الأعباء والضغط، غير أن تصرفات بعض أعضاء الحكومة أثرت على الإجماع الوطني، خاصة في الجانب المتعلق بقانون 20_22، وتصريحات بعض الوزراء عما بعد الحجر الصحي، والتردد في إعلان خطة الحكومة لرفع حالة الطوارئ، بالإضافة إلى الإعلان المرتجل عن العطل المدرسية الذي أربك الأسر والأطر التعليمية وغيرها من الإجراءات.. يضيف ميارة. وتابع ميارة أن الرهان اليوم، هو الخروج من الأزمة بأقل الخسائر، وأن يحافظ العمال على مناصب الشغل، وألا يكون هناك تراجع في حقوقهم. بدوره، عبدالرزاق الإدريسي، الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم، قال إن: ” فاتح ماي اليوم، لا يجب أن يمر كباقي الأيام الأخرى، إذ نوصي مناضلينا بإحياء عيد العمال عن بعد وعبر المشاركة في الندوات والخطابات والتواصل مع الشغيلة”. واعتبر الإدريسي في تصريح ل”أخبار اليوم” أن “أزمة كورونا بينت أن كل ما كنا نطالب به كنقابات على مستوى الخدمات العمومية من صحة وتعليم وسكن وشغل، هو الكفيل بإنقاذ الدولة من هذه الأزمة”، مشددا أن على الحكومة الاهتمام بالخدمات الاجتماعية. وأردف الإدريسي أن فاتح ماي، هو فرصة للاحتجاج على القرارات الدولة والحكومة، وأهمها الاحتجاج على قانون التكميم “20_22″، إذ تبين أن الحكومة تحاول تمريره بسرعة، غير أنه لقي احتجاجا قويا من طرف المواطنين”، يقول المتحدث ذاته، وزاد “يجب التراجع على هذا القانون وليس فقط تعديله، فهو يشكل مثالا على شطط في استعمال السلطة السياسية في البلاد”. الاتحاد الوطني للشغل دعا ، من جانبه، إلى رفع درجة الحماية الوقائية للعمال والموظفين والمستخدمين والمرتفقين عبر ضمان إجراءات السلامة والصحة، وتوفير أجهزة قياس درجة الحرارة عند أماكن الولوج. كما دعا السلطات والمؤسسات والتنظيمات إلى توحيد الجهود وتكثيفها لمعالجة التداعيات الاجتماعية والاقتصادية وآثارها على الشغيلة المغربية وعموم المواطنين، الناجمة عن الإجراءات المتخذة لمواجهة جائحة كرونا، وإلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة المغاربة العالقين خارج المغرب وداخله إلى ديارهم وذويهم.