سلوك احتجاجي جديد من المنتظر أن تبصم عليه النقابات خلال احتفالات عيد العمال المقبل، ففي ظل وضع الطوارئ الصحية، تعيش المركزيات على "قسر" الاشتغال الافتراضي، في محاولة للاحتفاظ بمكانة "فاتح ماي" في الذاكرة، رمزيا على الأقل. وقررت أغلب النقابات وضع برنامج افتراضي متنوع، لتغطية فاتح ماي، عبر كلمات قيادات وندوات افتراضية، ثم عودة إلى الماضي لاستحضار محطات تاريخية، نقلتها أشرطة وثائقية، في محاولة لإذكاء الحضور النقابي، رغم "التراجع" الحاصل منذ مدة. واعتادت الطبقة العاملة، في كل عيد شغل، على تنظيم مسيرات احتجاجية وأشكال احتفالية، في مختلف ربوع البلاد؛ وهو ما سيجعل تخليد هذه السنة غريبا، خصوصا في سياق حلول شهر رمضان، واستمرار تفشي فيروس كورونا بالمملكة. وتأتي احتفالات عيد للشغل لهذه السنة في أوضاع استثنائية، يسمها فيروس كورونا وظهور بعض "البؤر العمالية" في مدن متفرقة، ثم العديد من استمرار "بلوكاج" الملفات الخلافية مع الحكومة، ويتقدمها قانونا الإضراب والنقابات المثيران للجدل. رهان الدولة الاجتماعية يقول عبد القادر الزاير، الكاتب الوطني للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إن النقابات اختارت التخليد افتراضيا بالعودة إلى السياق الراهن، مشيرا إلى أن جائحة كورونا هي إنذار وامتحان لقدرة الجميع على النهوض والبناء. ويضيف الزاير، في تصريح لجريدة هسبريس، أن العيد لا يمكن تجاهله، لكن هذه السنة لا وجود لملفات مطلبية، مشددا على ضرورة اتخاذ كافة الاحتياطات، خصوصا في ظل كثرة الأخطار المحدقة، والتي تتجاهلها الحكومة، متنبئا بأزمات عالمية قادمة من جديد. ويؤكد القيادي النقابي أن الرهان هو الخروج من الوضع الحالي بأقل الخسائر، ثم التفكير مليا في مفهوم الدولة الاجتماعية، وتناسي رغبات الربح السريع، مسجلا أن المركزيات مستعدة للتعاون مع الباطرونا والدولة، من أجل استدراك النواقص. مكسب عمالي يورد الميلودي مخارق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، أن التخليد افتراضي بالنسبة للمركزية هذه السنة، بالعودة إلى الوضع القائم، مسجلا أن الرهان هو المحافظة على المكسب العمالي، واستمرار إحياء ذكرى فاتح ماي، وعدم إضرار الجائحة بالعمال. ويوضح مخارق، في تصريح لهسبريس، أن النقابة ستخلد الذكرى عبر عديد الأنشطة؛ منها كلمة الأمين العام، وندوة حول الوقاية من الفيروس، وكذا عرض لأشرطة وثائقية، مشددا على أهمية حماية العمال، مع حقهم في الانسحاب، في حالة العكس. ويشير النقابي المغربي إلى أن النقابات لا غرض لها بالشعبوية، وبالتالي كل الملفات العالقة مع الحكومة يؤجل نقاشها إلى حين المهم الآن، هو حماية سلامة وصحة العمال، وضمان عدم طرد الأجراء بمقاولات القطاع الخاص.