ينتظر أن يفتتح البرلمان دورته التشريعية يوم الجمعة 10 أبريل الجاري، على إيقاع التدابير الاستثنائية التي اتخذتها الحكومة لمواجهة انتشار فيروس كورونا، فما هو الدور الذي يمكن أن يقوم به البرلمان في هذه المرحلة الحرجة، وهو يطرح انعقاده بشكل مقلص إشكالية النّصاب وتمثيلية قرار ممثلي الأمة؟ بخصوص مجلس النواب أُثير جدل في اجتماع، ترأسه رئيسه لحبيب المالكي بحضور رؤساء الفرق البرلمانية، يوم الاثنين الماضي، حول جدوى افتتاح البرلمان في هذه الظروف، واقترح رئيس فريق التجمع الدستوري، تأجيل الدخول البرلماني إلى حين عودة الأوضاع لطبيعتها، لكن بقية رؤساء الفرق عارضوا الفكرة، ودعوا إلى أن يلعب البرلمان دوره في هذه المرحلة، وخلص الاتفاق على وضع ترتيبات خاصة للدخول البرلماني. وفي هذا السياق، جرى الاتفاق على تدابير عقد الجلسة الافتتاحية الجمعة المقبل، وأيضا تدابير عقد جلسة لمساءلة رئيس الحكومة يوم الاثنين 13 أبريل، حول سؤال محوري يتعلق بتداعيات جائحة كورونا والإجراءات المتخذة لمحاربتها. في الجلستين معا سيقتصر الحضور على رؤساء الفرق وعضوين من كل فريق .والشيء عينُه بالنسبة إلى حضور الجلسات المخصصة للأسئلة الشفوية، وذلك بالاكتفاء باستدعاء قطاع واحد في كل الجلسة، مع حضور أكبر لقطاع الصحة، إلى جانب قطاعات أخرى. ورغم الظروف التي فرضتها حالة الطوارئ لمحاربة كورونا، فإنه مطلوب من البرلمان، أن يمارس دوره الرقابي والتشريعي، خاصة فيما يتصل بمواجهة كورونا. وفي هذا الصدد، يرى عبداللطيف وهبي، برلماني الأصالة والمعاصرة، أن نواب الأمة “يخضعون أيضا لحالة الطوارئ”، معتبرا أن حضور الحد الأدنى منهم للجلسات “يطرح إشكالية القرار الذي يتخذه ممثل الأمة”، موضحا أن هذه المرحلة يجب أن يقتصر فيها دور البرلمان على “مساعدة الحكومة في تسريع عملية التشريع لمواجهة وباء كورونا”، مثل المصادقة على مرسوم بقانون بشأن حالة الطوارئ، والتعاطي مع “بعض القضايا الاستراتيجية التي تكتسي طابع الاستعجال”، مشددا على أن هذه المرحلة ليست وقت الخلافات. من جهته، يرى عبدلله بوانو برلماني البيجيدي ورئيس لجنة المالية بمجلس النواب، أن الدورة التشريعية لن تتناول العديد من النصوص التشريعية الخارجة عن نطاق التحدي الصحي، مثل مشروع القانون الجنائي، بل ستنكب على المواضيع والنصوص ذات الصلة بجائحة كورونا. وحول ما إذا كان مشكل النصاب سيطرح خلال المصادقة على بعض النصوص رد بأن “النصاب مطروح فقط، خلال التصويت على بعض القوانين التنظيمية وهي غير واردة حاليا”، أما بقية الاجتماعات فلا يشترط فيها النصاب. وأكد بوانو أن الفرق البرلمانية اتفقت على عقد جلسات مساءلة مختصرة، بسؤال واحد لكل فريق، مع حضور ثلاثة أعضاء فقط، من كل فريق. وبخصوص مجلس المستشارين، فقد قرر بدوره تقليص جدول الجلسات العامة، وتقليص الحضور ليقتصر على عضوين من كل فريق أو مجموعة برلمانية على حد أقصى، مع إعطاء الأولوية للنصوص القانونية والقضايا المرتبطة بمواجهة كورونا، وذلك للتفاعل مع التدابير المتخذة من طرف الحكومة ومراقبتها. أما ما يتعلق بالجلسات الأسبوعية المخصصة للأسئلة الشفوية الموجهة للحكومة، فقد تقرر وضع نظام استثنائي مؤقت لها، بتخصيص سؤال واحد فقط، لكل فريق أو مجموعة برلمانية. من جانبه، اقترح مجلس المستشارين إعمال قاعدة احتساب كل تصويت رئيس فريق أو مجموعة برلمانية على النصوص القانونية بعدد أعضاء فريقه أو مجموعته، في الجلسات التشريعية التي يتم فيها التصويت على النصوص التشريعية، علما أن التصويت حق شخصي. أما عن طريقة اشتغال اللجان الدائمة، فسيتم الاقتصار على حضور عدد محدود ما بين واحد أو اثنين من كل فريق أو مجموعة، ويمكن تسهيل إطلاع الرأي العام على سير الجلسات من خلال نقل أشغالها عبر طرق التواصل المتاحة. وبخصوص الجلسات الشهرية المخصصة لأجوبة رئيس الحكومة عن الأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة، فإن مجلس المستشارين اقترح عقد جلستين في هذه الدورة الأولى في 27 أبريل، والثانية في 2 ماي، مع التركيز على المواضيع ذات الصلة بمكافحة فيروس كورونا، وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية، ووضعية القطاع الصحي. أما الجلسة العامة المخصصة لمناقشة تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2018، فإنه هناك تفكيرا في تأجيلها، بعدما جرى تأجيلها في ختام دورة أكتوبر. وعموما، يدرس مجلس المستشارين إرجاء تفعيل بعض المقتضيات من النظام الداخلي، إلى حين عودة الأوضاع إلى وضعها الطبيعي، مثل إحداث بعض المجموعات الموضوعاتية المتخصصة ولجنة العرائض. وبخصوص التدابير العملية خلال الاجتماعات، فقد تقرر احترام مسافة الأمان خلال الجلوس في القاعة بمتر ونصف على الأقل، ووضع المطهرات في مداخل قاعات الاجتماعات، وعدم السماح بالدخول لمقر المجلس سوى للبرلمانيين والموظفين المداومين، وتوقيف تنظيم الزيارات والأيام الدراسية وتأجيل المهام الاستطلاعية.