في ظل الخلافات القائمة بين السلطات المغربية ومجموعة من المؤسسات الإسبانية في الآونة الأخيرة، طفا على سطح العلاقات الثنائية بين البلدين منذ يوم الجمعة المنصرم، مشكل الانفصال الكتالاني الذي لم يعد يحصر معركته في الجارة الشمالية، بل يحاول نقلها إلى الجنوب المغربي في محاولة لاستغلال حاجة الحكومة الإسبانية الائتلافية المركزية إلى نواب الحزب الجمهوري الكتالاتي ونواب حزب بوديموس، للخروج من الأزمة التي يعيشها منذ شهور عبر إحراج المغرب. في هذا الصدد، قامت السلطات المغربية، يوم الجمعة الماضي، بطرد ثمانية سياسيين ونشطاء كتالان من مطار مدينة العيون بعد أن حاولوا دخول المدينة لعقد لقاءات بها دون إخبار السلطات المغربية ببرنامج الزيارة. وكشفت وكالة الأنباء الإسبانية “إيفي” أن عناصر مغربية بزي مدني لم تسمح لثلاثة برلمانيين كتالان وأربعة نشطاء بالنزول من الطائرة الآتية من جزر الكناري، حيث منحتهم تذاكر العودة في نفس الطائرة إلى مطار “لاس مالماس” بجزر الكناري. وأوردت المصادر ذاتها أن الزيارة نظمها ما يسمى الفريق المشترك للسلام والحرية من أجل الشعب الصحراوي في البرلمان الكتالاني، حيث كان يرغب في عقد اجتماعات بمدينة العيون مع مدافعين صحراويين عن حقوق الإنسان. وتتكون المجموعة من ثلاثة نواب في برلمان كتالونيا، فيران سيبيت عن الحزب اليساري الجمهوري، وبيدال آراغونيس عن الوحدة الشعبية الكتالاني، وسوزانا سيغوبيا عن بوديموس كتالونيا، وأعضاء في الوكالة الكتالانية للتعاون وممثلين عن الصندوق الكتالاني للتعاون، وجمعية البلديات المتضامنة مع الصحراء. وتُبين التقارير الإسبانية أن الحكومتين المغربية والإسبانية كانتا على اتصال قبل وصول المجموعة الكتالونية إلى مطر العيون، كما أن وزارة الخارجية الإسبانية كانت تدرك أن المغرب لن يسمح بدخول بعض الانفصاليين إلى العيون دون المرور عبر القنوات الرسمية المغربية. وزارة الخارجية الإسبانية أخبرت السفارة الإسبانية بالرباط بالزيارة المحتملة للنواب والنشطاء الكتالان إلى العيون؛ وبدورها، قامت السفارة بإخبار الخارجية المغربية. لكن إخبارية السلطات الإسبانية تحدثت عن زيارة ثلاثة نواب كتالان إلى العيون، قبل أن يُكتشف أن المجموعة تتكون من ثمانية كتالان، وفق صحيفة “البيريوديكو دي الكناري”. وتابع المصدر ذاته أن السفارة الإسبانية حذرت من مدريد قائلة: “بما أنها ليست زيارة رسمية ببرنامج متفق عليه، فلن يوافق عليها المغاربة”. مصادر دبلوماسية أشارت إلى أن برلمان كتالونيا راسل الحكومة الإسبانية بخصوص الزيارة لكي “تمر بطريقة مناسبة وآمنة”، وعليه طلبت السفارة الإسبانية من السلطات المغربية ضمان “المرور العادي للزيارة”. لكن الحكومة الإسبانية كانت تتوقع منع المغرب الزيارة لأنها ليست رسمية ولم تحترم القواعد المعمول بها، كما أن الأمر كان يتعلق في البداية بثلاثة نواب قبل أن يتحولوا إلى مجموعة تضم ثمانية أشخاص. من جهته، دخل رئيس برلمان كتالونيا، روجير توران، على خط الواقعة، إذ عبر عن احتجاجه ورفضه لقرار السلطات المغربية. لكن مصادر مغربية تحفظت عن ذكر اسمها أوضحت ل “أخبار اليوم” أن القرار المغربي سيادي، وأن كل من يريد زيارة أي منطقة في المغرب يجب عليه أن ينسق مع السلطات المغربية. وتساءل قائلا: “هل يمكن مثلا أن تنتقل مجموعة من البرلمانيين والنشطاء المغاربة إلى منطقة بإسبانيا دون تنسيق أو إخبار للسلطات الإسبانية”. في نفس السياق، ذكرت وكالة الأنباء الإسبانية “إيفي” أن المغرب طرد السنة المنصرمة 43 ناشطا أجنبيا متعاطفا مع الانفصاليين الصحراويين، مبرزا أن أغلب المطرودين هم إسبان. وزعمت الوكالة أن المغرب يقوم بعملية الطرد دون تقديم أي توضيحات وتبريرات عن أسباب الطرد.