أحال الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء ملف أكبر عملية نصب عقاري في تاريخ المغرب، والمتعلق ب»باب دارنا» على الغرفة الجنحية (غرفة المشورة) للنظر في قرار قاضي التحقيق بالمحكمة الزجرية بعدم الاختصاص، وكذا في الطعن الذي تقدم به دفاع المتهمين، خاصة الموثق الذي جرى تكييف الأفعال المنسوبة إليه واتهامه بالتزوير واستعماله والمشاركة. وحسب مصادر من هيئة دفاع ضحايا الملف البالغ عددهم أزيد من 1000، فإن الغرفة الجنحية أدرجت الملف للنظر فيه، متوقعة أن تتخذ قرارا بقبول قرار قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بعدم الاختصاص، وبالتالي فمن المتوقع أن تعيد الملف إلى الوكيل العام بقبول القرار، ليعمل الأخير بدوره إلى إحالة القضية على قاضي التحقيق بمحكمة الجنايات للانطلاق في التحقيق التفصيلي من جديد مع كافة المتهمين، وعلى رأسهم الموثق الذي بنيت عليه مذكرة عدم الاختصاص المقدمة من دفاع الضحايا، وكذا قرار قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية. وبالمقابل، احتج العشرات من ضحايا المشروع العقاري الوهمي، أول أمس السبت، بمنطقة كاليفورنيا التي تتضمن عددا من الأراضي التي كانت موضوع المشاريع المقترحة من الشركة العقارية «باب دارنا» للزبائن داخل المغرب وخارجه، مطالبين بمحاسبة ومساءلة ملاك تلك الأراضي لتورطهم بدورهم في المؤامرة التي سقط ضحيتها المئات من المغاربة في مجموعة من دول العالم. وطالب المحتجون بتفعيل الخطابات الملكية بخصوص قضايا مافيا العقارات، التي شهدت محاكم المغرب قضايا متعلقة بها بشكل ملحوظ، بالإضافة إلى تتبع جميع الخيوط المشكلة للمؤامرة التي سقطوا ضحايا لها، ومحاسبة جميع المسؤولين عن ذلك، مع التشديد على ملاك الأراضي التي جرى الترويج لها على أنها الأوعية العقارية للمشاريع التي سيستفيد منها الضحايا. مستنكرين تنصل المسؤولين، وعلى رأسهم رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، من المسؤولية في أضخم عملية للنصب العقاري بالمغرب. وكان العشرات من ضحايا «باب دارنا» بأوربا، قد طالبوا في وقفة احتجاجية جرى تنظيمها بالعاصمة الفرنسية باريس، بتحكيم ملكي في الملف الذي يرون أن عملية النصب الضخمة التي طالتهم كانت بمساعدة غير مباشرة من مكونات الحكومة، كما أصدروا بيانا طالبوا فيه بالحرص والتدقيق في التراخيص لإقامة المعارض الخاصة بالعقار خارج المغرب، موضحين أنها تحولت إلى شبكات عنكبوتية تروم النصب والاحتيال على الجالية المغربية بالخارج، وهو البيان الذي جعل إدارة «سماب إيمو» المنظمة لمعارض العقار المغربي بالخارج ترفع دعوى قضائية على المسؤولين بشركة «باب دارنا» تتهمها فيها بالنصب والاحتيال. وشكلت فضيحة الشركة العقارية الوهمية «باب دارنا» مجموعة من علامات الاستفهام حول الطريقة التي تم النصب بها على الضحايا، خاصة وأن الأمر يتعلق بعقود أشرف عليها موثق، ومبالغ مالية متحصلة من العملية تجاوزت 70 مليار سنتيم، خاصة وأن وصلات الإشهار التي شاهدها ملايين المغاربة عبر القنوات العمومية بتأدية نجوم مغاربة في الكوميديا والغناء، لعبت دورا مهما في استقطاب الزبائن، مما جعل بعض الضحايا يستاؤون منهم، ويعتبرونهم جزءا من الخدعة الكبيرة التي انطلت عليهم، علاوة على قطب الإشهار بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة الذي مرر الإشهار للقنوات. وتعود فصول القضية إلى تقاطر الشكايات على المحكمة والضابطة القضائية، خاصة بعد تواتر أنباء اعتقال المتهم الرئيسي الذي أسس ثلاث شركات ضخمة، وأنشأ إمبراطورية عقارية وهمية، لم تستثن من ضحاياها ملاك عقارات، وكوادر وطنية بداخل المغرب وخارجه، مما جعله يراكم ثروة تعد بالملايير، حيث تجاوز عدد الضحايا 800 شخص، كما أمر وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية عين السبع بالدار البيضاء بإحالة الملف على قاضي التحقيق الذي احتفظ بالمتهم الرئيس رهن الاعتقال الاحتياطي، واسترسل في الاستماع إلى الضحايا، وهي العملية التي أسقطت 7 أشخاص، ضمنهم الرئيس المؤسس للمجموعة، والمديرة المالية والإدارية، إضافة إلى موثق المجموعة العقارية، والمحاسب الذي يحمل الجنسية الغينية، ثم المدير تجاري، والمتصرف، ثم المدير العام المساعد الذي تم القبض عليه بالديار الإيفوارية.