اعترف رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران أن قرار الحكومة باعتماد المباريات في ولوج الوظيفة العمومية عوض التوظيف المباشر كان "مكلفا". رئيس الحكومة الذي كان يتحدث خلال الجمع العام العادي للمجلس الأعلى للوظيفة العمومية، صباح اليوم بالرباط، أكد وجود "عدم توازن" في المجتمع يتمثل في استعداد البعض للانتحار في سبيل ولوج الوظيفة العمومية. وقال بنكيران "لقد جعلنا في الوظيفة منطقا في الاجرة والامتيازات يتجاوز الموجود في المجتمع،" ما يستدعي ان تكون الوظيفة متقاربة مع القطاع الخاص، قبل أن يضيف "هذا ليس دعوة للنقص من اجور الموظفين بل لتصحيح الوضع للارتقاء بالوظيفة بعيدا عن منطق المطالبة المستمرة،" مشيرا إلى أن قرار توقيف التوظيف المباشر والتوجه نحو المباراة كان مكلفا، مستغربا في نفس الوقت من "بعض من يحتجون على الحكومة ويخالفون القانون "على عينك يا بنعدي " ويوظفون اشخاصا في مؤسسة تصدر منها القوانين،" في إشارة إلى التوظيفات المشبوهة في البرلمان. ودعا في هذا السياق إلى إعطاء المثال في الأخلاق من النفس أولا قبل ابداء الملاحظات والنصائح. إلى ذلك، شدد بنكيران على ضرورة تعديل القانون الأساسي المنظم للوظيفة العمومية، لمرور ما يقرب ستين سنة على إصداره، وذلك لمواكبة التغيرات والتأثيرات التي عرفتها المملكة ، خصوصا وأن "الوظيفة العمومية من المؤسسات التي تأثرت بالمناخ الذي عرفته السياسية والوطن منذ الاستقلال ، وتأثرت بالتنازعات السياسية،" حسب رئيس الحكومة. وأرجع ذلك إلى "الكثير من السلوكات غير الصحية التي جعلت المواطن لا ينظر الى الادارة بنظرة جيدة وجعلتها لا ترقى لتطلعاته لكونه ينفق عليها من اموال ضرائبه ومن ثروته الوطنية،" للتنازعات السياسية التي تحدث عنها. وأشار رئيس الحكومة خلال كلمته إلى وجود من أسماهم ب"المواطنين المبعدين من الادارة،" كالقرويين الذين يلجونها بلباس تقليدي مما يجعلهم يعانون في بعض الأحيان من التهميش خلال تواجدهم في الإدارات، الشيء الذي يستدعي حسب بنكيران إعادة النظر في إشكالية العلاقة بين الإدارة والمواطن، وتعزيز الشعور بأن الإدارة في خدمة المواطن وليس العكس، و"إعادة الاعتبار الى المواطن، ليكون مقدسا خلال تواجده في الادارة ليأخذ اشياء ليس في حاجة لها كالبطاقة الوطنية والوثائق التي تعتبر من متطلبات الإدارة." ولم يفت رئيس الحكومة أن يربط بين الاقتطاعات من أجور المضربين وتناقص الإضرابات في الوظيفة العمومية، ولو أن هذا القرار لم يكن محل اجماع حتى في الحكومة بحد ذاتها حسب بنكيران ، إلا أن "نتائجه جعلت معارضيه يعترفون بنجعاته،" ضاربا المثل بهذا الاجراء ليثبت أن" معالجة الاختلالات في الادارة ليس مستحيلا" مؤكدا أن البحث عن التوافق في جميع القرارات مستحيل وإذا تم انتظاره "هنا غانبقاو" حسب تعبير بنكيران الذي طالب وزارة الداخلية بالصرامة ولو "اقتضى الامر ان تصطدم جهة مع جهة لان التغيير يخيف البعض من ذوي المصالح فالانسان يتخوف من كل ما هو جديد."قبل أن يضيف "نحاول التفاهم لكن ليس من الضروري ان تكون متفاهما مع الجميع."