كشفت معطيات جديدة عن بعض كواليس المفاوضات بين المغرب والاتحاد الأوروبي فرضتها أكبر أزمة للهجرةالسرية، عاشتها السواحل المغربية الإسبانية سنة 2018، بهدف احتوائها وتجنب تفاقمها خلال السنة الجارية أوالمقبلة. إذ إن المغرب طلب في البداية دعما ماليا من بروكسيل، من أجل مواجهة تكاليف تدبير الهجرة التي تبلغ سنويانحو 200 مليار سنتيم سنويا، لكن الأوروبيين طبلوا من نظرائهم المغاربة تقديم لائحة حاجيات ملموسة وذات أولوية. في البداية، تقدمت السلطات المغربية بلائحة طويلة من الحاجيات، بما في ذلك المروحيات وقوارب الرصد والمراقبة. ويبدو أن الاتحاد الأوروبي رفض تزويد المغرب بهذه المطالب، وبرر ذلك بالقول إنها ستستهلك جزءا كبيرا من الدعم،حيث فضل التركيز على تزويد الرباط بوسائل وآليات متنوعة وأقل تكلفة، وفق مصادر مطلعة على المفاوضات لوكالةالأنباء الإسبانية ” إيفي“. وتابعت المصادر ذاتها أن المغرب طلب من الأوروبيين، أيضا، أن يتعامل معه بالطريقةعينها التي يتعاملون بها مع تركيا بخصوص الدعم المالي، فيما كان رد الأوروبيين أن تركيا هي أكبر بلد يأوياللاجئين ب3.68 مليون لاجئ سنة 2018، مقابل ال7775 من اللاجئين الذين يأويهم المغرب، وفق المفوضيةالسامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. مصادر أمنية أوضحت أن ما يزيد عن 1300 عربة أوروبية ستشرع في حراسة ومراقبة السواحل المغربية، لاسيماالشمالية منها، في إطار “برنامج مراقبة الحدود” الذي استفاد منه المغرب في سياق الدعم المالي الذي خصصللمغرب سنة 2018، والذي بلغت قيمته 140 مليون أورو. واستطردت المصادر ذاتها أن الدفعة الأولى من السيارات الأوروبية شرعت في الوصول في الأيام الأخيرة، ويتعلقالأمر ب1113 عربة، أغلبها عبارة عن سيارات رباعية الدفع، إلى جانب 227 دراجة نارية. علما أن الحصةالمخصصة للعربات تشمل 10 شاحنات خاصة للماء، و8 شاحنات للغاز، و8 لتبريد الأغذية المنقولة، و10 شاحناتللإسعاف. ومن شأن هذا الدعم أن يسهم في توفير الآليات والمعدات لأكثر من 13 ألف عنصر أمن يشتغلون فيمراقبة وتدبير الحدود على طول سواحل المملكة. هذا الدعم الوجستي “سيصرف“، بتكليف من المفوضية الأوروبية، إلى المغرب عبر المؤسسة الدولية والإبيرو أمريكيةللإدارة والسياسة العامة (FIIAPP)، والمركز الدولي لتطوير سياسة الهجرة (ICMPD). الأولى تبلغ قيمةاللوجستيك الذي ستزود به المغرب 44 مليون أورو، بينما تبلغ قيمة الدعم الثاني بنحو 40 مليون أورو. هذا، وشرع(ICMPD) في إدخال 192 عربة للمغرب، من بينها 120 سيارة شرطة متعددة الأغراض. ورغم أن السيارات والشاحنات والدراجات استأثرت بحصة الأسد من الدعم اللوجستيكي الأوروبي، إلا أن المغرباستفاد، أيضا، من شبكة مراقبة تكنولوجية متطورة، والتي من المنتظر أن يحصل عليها قبل نهاية السنة الجارية: 1999 حاسوبا، و984 آلة طبع بالألوان والأسود والأبيض، و400 لوحة إلكترونية، 400 كاميرا، و4760 جهازسكانير– 50 في المائة من هذه السكانيرات مخصصة لأخذ بصمات الأصابع، وأقراص صلبة وأجهزة الشحن. ومن المرتقب، كذلك، أن يحصل المغرب على 15 وحدة من الطائرات بدون طيار (الدرون)، وأجهزة راديو وراداراتللاتصال والرصد والمراقبة، وأنظمة رسم الخرائط، ووحدات GPS محمول. وتشير المصادر عينها إلى أن التعاون في مجال الهجرة بين المغرب والاتحاد الأوروبي شهد تغيرا ملحوظا سنة2019، إذ هيمن الهاجس الأمني، فيما تراجعت برامج دعم وإدماج المهاجرين إلى المرتبة الثاني. تجدر الإشارة إلى أن هذا الدعم اللوجستيكي يهم سنة 2018، ولا علاقة له ببرامج الدعم التي تزيد عن 400 مليارسنتيم، والتي خصصها الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة الماضي إلى المغرب، علما أن الدعم الجديد شمل 101 مليونأورو بتمويل من صندوق الطوارئ الائتماني الموجه إلى الدول الإفريقية؛ ودعم مالي ثان بقيمة 289 مليون أورو،بهدف دعم الإصلاحات والتنمية المدمجة، وتدبير وإدارة الحدود، إلى جانب تعزيز الشراكة الأوروبية المغربية لتحقيقالازدهار المشترك. .