بعد أن قرّرت متابعتهم في حالة سراح، تعقد ابتدائية قلعة السراغنة، غدا الاثنين، جلسة محاكمة ثلاثة أشخاص، من المشاركين في اعتصام مفتوح سبق للعشرات من ضحايا الفيضانات الأخيرة بجماعة «أولاد زرّاد» بالإقليم نفسه، أن نظموه بطريق إقليمية، قبل أن تتدخل القوات العمومية، عصر الثلاثاء 10 شتنبر المنصرم، لفضّه وتوقيف الأشخاص المذكورين، الذين وُضعوا تحت الحراسة النظرية، على ذمة البحث القضائي التمهيدي، الذي أجراه المركز القضائي، التابع لسرية الدرك الملكي بقلعة السراغنة، ليتم تقديمهم، يومين بعد ذلك، أمام النيابة العامة المختصة، التي قرّرت إحالتهم على المحاكمة بتهمة «المشاركة في تجمهر مسلح»، المنصوص عليها في الفصل 17 من الظهير الشريف بشأن التجمعات العمومية، فيما تنص فصول أخرى من الظهير نفسه على عقوبتها. وجاء الاعتصام احتجاجا ضد ما اعتبره المتظاهرون «إهمالا» تعرّضوا له من طرف السلطات، التي يقولون بأنها تركتهم يواجهون مصيرهم لوحدهم، موضحين بأنه، وبعد الزيارة الميدانية التي قام بها الكاتب العام لعمالة الإقليم، محمد الشيكَر، للدواوير المتضررة من الفيضانات، لم تتدخل السلطات الإقليمية والمحلية ولا المجلس الجماعي، بعد ذلك، لتقديم الدعم للسكان المتضررين من الأمطار الرعدية، التي وإن كانت لم تخلف أي خسائر بشرية، فإنها تسببت في خسائر مادية جسيمة، إذ تشير مصادر محلية إلى انهيار أكثر من 100 منزل وإسطبل بدواوير «كْتاوة»، «أولاد طلحة»، و»أولاد الكَرن»، ناهيك عن نفوق العشرات من رؤوس المواشي، خاصة الأبقار، بهذه الجماعة الترابية التي تعتبر أول منتج للحليب بالإقليم. ويؤكد السكان، الذين جرفت السيول منازلهم والإسطبلات الملحقة بها، بأنهم لم يتلقوا أي دعم مادي من أجل مساعدتهم على إعادة بنائها، باستثناء المساعدات الغذائية البسيطة المقدمة إليهم من لدن عمالة الإقليم، والمتمثلة في 10 كيلوغرامات من الدقيق، 5 لترات من الزيت، 4 كيلوغرامات من السكر، ونصف كيلو غرام من الشاي. وكانت السلطات الإقليمية والمحلية فتحت حوارا مع ممثلي المتظاهرين من سكان جماعة «أولاد زرّاد»، وفيما نجحت في إقناع المحتجين، من سكان دواري «أولاد طلحة» و»أولاد الكَرن»، بالانسحاب من المعتصَم، رفض العشرات من سكان دوار «كْتاوة» فك اعتصامهم، واستمروا في نصب خيمة وقطع الطريق الإقليمية الرابطة بين سيدي بوعثمان وقلعة السراغنة، خاصة على مستوى المقطع الطرقي الرابط بين جماعتهم وجماعة «لمحرّة» بإقليم الرحامنة، واضعين أحجارا وأغصان نبات السدر الشوكي (النبق) في وسط الطريق المذكورة، وهو ما شلّ حركة السير واضطرّ مستعمليها إلى اللجوء لمسالك طرقية من أجل الوصول إلى وجهتهم. وفي الوقت الذي رفض فيه المتظاهرون فكّ الاعتصام إلا في حالة الاستجابة لمطالبهم القاضية بالاستفادة من مساعدات مادية ولوجيستيكية لإعادة بناء منازلهم التي جرفتها السيول، كانت التعزيزات الأمنية تصل تباعا إلى المنطقة من القيادة الجهوية للدرك الملكي بمراكش، حيث قدِم إليها حوالي 50 دركيا على متن أربع سيارات أمنية، قبل أن تصدر التعليمات لعناصر الدرك الملكي بالقيام بتدخل أمني لفضّ الاعتصام، والذين وما إن شرعوا في إزالة الأحجار من الطريق وإبعاد المتظاهرين، حتى تعرّضوا للرشق بالحجارة. واستنادا إلى مصادر محلية متطابقة، فقد أصيب خمسة دركيين، خلال التدخل الأمني المذكور، قبل أن يتم نقلهم إلى المستشفى الإقليمي «السلامة» بقلعة السراغنة لتلقي العلاج من جروحهم الخفيفة، فيما آثر المصابون من المتظاهرين عدم الانتقال لتلقي الإسعافات الأولية بأي مؤسسة استشفائية عمومية بالإقليم، خشية تعرّضهم للاعتقال.