حالة احتقان تعيشها جماعة “أولاد زرّاد”، بضواحي مدينة قلعة السراغنة، فقد أسفر تدخل أمني، عصر أول أمس الثلاثاء، لفضّ اعتصام مفتوح بطريق إقليمية لضحايا الفيضانات الأخيرة، عن توقيف ثلاثة أشخاص وُضعوا تحت الحراسة النظرية على ذمة البحث القضائي التمهيدي، الذي يجريه المركز القضائي، التابع لسرية الدرك الملكي بقلعة السراغنة، في انتظار تقديمهم أمام النيابة العامة المختصة، يومه الخميس. واستنادا إلى مصادر محلية متطابقة، فقد أصيب خمسة دركيين، خلال التدخل الأمني المذكور، قبل أن يتم نقلهم إلى المستشفى الإقليمي “السلامة” بقلعة السراغنة لتلقي العلاج من جروحهم الخفيفة، فيما آثر المصابون من المتظاهرين عدم الانتقال لتلقي الإسعافات الأولية بأي مؤسسة استشفائية عمومية بالإقليم، خشية تعرّضهم للاعتقال. وحسب المصادر نفسها، فقد نجح الحوار الذي فتحته السلطات الإقليمية والمحلية مع ممثلي المتظاهرين في إقناع المحتجين، من سكان دواري “أولاد طلحة” و”أولاد الكَرن”، بالانسحاب من المعتصَم، بينما رفض العشرات من سكان دوار “كْتاوة” فك اعتصامهم، واستمروا في نصب خيمة وقطع الطريق الإقليمية الرابطة بين سيدي بوعثمان وقلعة السراغنة، خاصة على مستوى المقطع الطرقي الرابط بين جماعتهم وجماعة “لمحرّة” بإقليم الرحامنة، واضعين أحجارا وأغصان نبات السدر الشوكي (النبق) في وسط الطريق المذكورة، وهو ما شلّ حركة السير واضطرّ مستعملوها إلى اللجوء صوب مسالك طرقية من أجل الوصول إلى وجهتهم. وفي الوقت الذي رفض فيه المتظاهرون فكّ الاعتصام إلا في حالة الاستجابة لمطالبهم القاضية بالاستفادة من مساعدات مادية ولوجيستيكية لإعادة بناء منازلهم التي جرفتها السيول، ليلة السبت الأحد، وصلت إلى المنطقة تعزيزات أمنية من القيادة الجهوية للدرك الملكي بمراكش، حيث قدِم إليها حوالي 50 دركيا على متن أربع سيارات أمنية، قبل أن تصدر التعليمات لعناصر الدرك الملكي بالقيام بتدخل أمني لفضّ الاعتصام،في حدود الساعة الرابعة من بعد زوال أول أمس، والذين وما إن شرعوا في إزالة الأحجار من الطريق وإبعاد المتظاهرين، حتى تعرّضوا للرشق بالحجارة. هذا، ولاتزال جماعة “أولاد زرّاد” تعيش حالة استنفار أمني قصوى، حيث شهدت، صباح أمس الأربعاء، إنزالا أمنيا مكثفا، تمثل في وصول حوالي 100 عنصر من القوات العمومي، ينتمون إلى الدرك الملكي والقوات المساعدة، في الوقت الذي تدعو فيه فعاليات حقوقية محلية إلى تغليب الحكمة في مواجهة تداعيات هذه التظاهرات العفوية وغير المؤطرة سياسيا، متخوفة من متابعة الأشخاص الموقوفين بصك اتهام ثقيل، يتعلق ب”الإهانة في حق موظفين عموميين أثناء تأدية مهامهم وتعريضهم للضرب والجرح الناتج عنه إراقة الدماء، ووضع أشياء في الطريق العام لعرقلة المرور به ومضايقته”، وهو ما قد يتسبب في تزايد الاحتقان بالمنطقة. وجاء الاعتصام احتجاجا ضد ما اعتبره المحتجون “إهمالا” تعرّضوا له من طرف السلطات، التي يقولون بأنها تركتهم يواجهون مصيرهم لوحدهم، موضحين بأنه، وبعد الزيارة الميدانية التي قام بها الكاتب العام لعمالة الإقليم، محمد الشيكَر، يوم الأحد المنصرم، للدواوير المتضررة من الفيضانات، لم تتدخل السلطات الإقليمية والمحلية والجماعية، بعد ذلك، لتقديم الدعم للسكان المتضررين من الأمطار الرعدية الأخيرة، والتي وإن كانت لم تخلف أي خسائر بشرية، فإنها تسببت في خسائر مادية جسيمة، إذ تشير الإحصاءات الأولية إلى انهيار أكثر من 100 منزل وإسطبل بدواوير “كْتاوة”، “أولاد طلحة”،و”أولاد الكَرن”، ناهيك عن نفوق العشرات من رؤوس المواشي، خاصة الأبقار، بهذه الجماعة الترابية التي تعتبر أول منتج للحليب بالإقليم. ويؤكد السكان، الذين جرفت السيول منازلهم والإسطبلات الملحقة بها، بأنهم لم يتلقوا أي دعم مادي من أجل مساعدتهم على إعادة بنائها، باستثناء المساعدات الغذائية الرمزية المقدمة إليهم من لدن عمالة الإقليم، والمتمثلة في 10 كيلوغرامات من الدقيق، 5 لترات من الزيت، 4 كيلوغرامات من السكر، ونصف كيلو غرام من الشاي. وشهد إقليمالحوز بدوره احتجاجات ل”ضحايا الفيضانات”، فقد تظاهر العشرات من سكان “تديلي مسفيوة” أمام مقر جماعتهم، الاثنين الفارط، مطالبين بإصلاح الطريق الرابطة بين مركز الجماعة ودوار “تكرضي”، التي جرفتها الأمطار الرعدية الأخيرة، وقد عقد رئيس مجلس الجماعة لقاءً مع ممثلي السكان المحتجين، الذين طالبوا الجهات المسؤولة بتعبيد هذه الطريق، والتي يبلغ طولها 7 كلم وتستعملها حوالي 8000 نسمة من ساكنة الجماعة، وهو المشروع الذي سيساهم في فك العزلة عن 14 دوارا، وهي: إغرم، أيت حدو، أيت حمودو، إشطبيين، ووكيدة، ماضين، تيزي نوزم، إكلوان، أيت احساين، تزارزات، إمكيس، تفروين، إكرورن، وتكرضي.