بصدور التقرير الجديد للمجلس الأعلى للحسابات يكون قد أضاف نعتا جديدا للمغرب وهو “المغرب الأسود” بعدما كان التسويق الإعلامي الرسمي لا يتحدث إلا عن المغرب الأخضر والأبيض والأزرق. بهذه المناسبة وقبل الانشغال بتفاصيل هذا التقرير الأسود لا بد من وضعه في إطاره العام؛ فمن المعلوم أن ثلاث مؤسسات رسمية كبرى، المندوبية السامية للتخطيط والمجلس الأعلى للحسابات والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، تتوالى تقاريرها التي تقدم تقييمات وحسابات ومآلات السياسات العمومية التي تجملها المخططات البيضاء والخضراء والزرقاء. واستدماج خلاصات تقارير المؤسسات الثلاث يعطينا مغربا مصبوغا بالأسود القاتم. وهو ما يدفع لطرح الأسئلة التالية: – هل استبدت العدمية بالنظام ليدفع مؤسساته إلى تقديم نظرة سوداوية في العموم؟ – هل الاعتراف بالسوداوية لم يعد منه بد بعدما نفذ مخزون مواد تجميل الصورة الذي ساد عقودا؟ – هل الأمر لا يعدو انسجاما مع مناورة برزت بشكل مكشوف في السنوات الأخيرة بطحن كل الفاعلين مقابل تجميل صورة الملك حصريا؟ – ألا يدرك مهندسو تعميم الصورة السوداوية أنها تدينهم قبل غيرهم، لأن كل عناصر غرفة القيادة والتحكم والتوجيه تعاقبوا على مناصب المسؤولية في إدارة الشأن العام، وبعضهم ما يزال في مواقع القرار؟ – ألا يستوعب المخزن أن منسوب الوعي ارتفع لدى الشعب بمرامي وخلفيات سياسة الإسفنجة لامتصاص الغضب وتحويل الأنظار عن جوهر الأزمة وترتيب الفاعلين والمسؤولين عنها وحصر المسؤولية في فاعلين ثانويين، وأنه لم يعد يلهيه التظاهر بالاعتراف عما ينبغي أن يترتب عن الاعتراف من المحاسبة وهي الغائب الأكبر وسط دخان تلك التقارير؟