بعد ستة أشهر من سقوط التنظيم الإرهابي داعش في العراق وسوريا، وترجيح تقارير أمنية واستخباراتية فرضية لجوء بعض الجهاديين الهاربين من الشام والعراق إلى منطقة الساحل والصحراء؛ عاد تهديد استغلال الجماعات الجهادية للهجرة السرية القادمة من إفريقيا جنوب الصحراء لإدخال الجهاديين إلى المغرب و أوروبا. هذا ما كشف عنه تقرير جديد لصحيفة “لاراثون” الإسبانية، نقلا عن مصادر عليمة بهذا الملف. في هذا الصدد، كشف المصدر ذاته قائلا: “يتم التحقيق في طريق تهريب الجهاديين إلى إسبانيا عبر الجزر الجعفرية”، مشيرا إلى “رصد مواطنين من بلدان تنتشر فيها داعش بقوة في الجزر قبل انتقالهم إلى مليلية”. ورغم عدم وجود أي معطيات تؤكد ذلك، وتسجيل أي حالة إلى حدود الساعة، أكد المصدر أن هذا المستجد “أمر مقلق في الهجرة السرية غير النظامية من المغرب إلى إسبانيا، رصدته القوات الأمنية، والتي توجد في حالة استنفار خوفا من أن يكون الأمر يتعلق بمنفذٍ لإدخال الجهاديين إلى إسبانيا”. ويبدو أن هذا التخوف الإسباني راجع إلى استعانة التنظيمين الإرهابيين “داعش” و”القاعدة” في مناطق أخرى بأفراد “نظيفي الذمة”، بدون سوابق عدلية، لإدخالهم إلى أوروبا. ونقل المصدر من مصادر مطلعة أن قوارب صغيرة، ذات قدرة استيعابية لأربعة أو خمسة أشخاص، تنقل المهاجرين غير النظاميين إلى الجزر الجعفرية مقابل 20 ألف درهم. علاوة على أنه في الأيام الخمسة عشر الأخيرة سجل وصول 150 مهاجرا إلى الجزر الجعفرية في عدة رحالات، إذ وصل قبل أيام قارب على متنه 61 مهاجرا، من بينهم عشرون امرأة و12 قاصرا وأطفالا ورضعا، قبل أن يُنقلوا إلى مليلية. ويبدو أن السبب الوحيد، على الأقل وفي ظل غياب أدلة ملموسة، للاشتباه في إمكانية ارتباط الهجرة السرية والإرهاب، هو أن “المثير للانتباه هو جنسيات هؤلاء الأفراد ( ليسوا مغاربة)، بل من أصول سورية وعراقية ومصرية ويمنية وأفغانية ومن البنغلادش، وهي بلدان تنشط فيها داعش بقوة حاليا”، على حد قول المصدر. واستطرد أنه مباشرة بعد وصول المهاجرين إلى الجزر الجعفرية تنقلهم عناصر الحرس المدني الإسباني إلى مدينة مليلية المحتلة من أجل القيام بالتحريات اللازمة، و”العمل على تحديد إن كانت لديهم ارتباطات جهادية”. لا يقتصر الأمر على احتمال استعمال الجزر الجعفرية من قبل الجماعات الجهادية، بل حتى الشبكات الإجرامية المتخصصة في تهريب الحشيش من المغرب إلى إسبانيا. إذ يؤكد المصدر نفسه، أن الحرس المدني قام بتفكيك، شهر يونيو الماضي، في إطار عملية أطلق عليها “خرسانة”، منظمة إجرامية مهمة متخصصة في تهريب كميات كبيرة من الحشيش القادم من المغرب، بحرا، إلى إسبانيا. وخلص إلى أن هذا “دليلا على الاهتمام الكبير للمافيا بهذه الجزر”. التهديد الإرهابي كان أحد القضايا الرئيسة التي نوقشت في القمة الأمنية التي جمعت وزير الداخلية، عبدالوافي لفتيت، ونظيره الإسباني، غراندي مارلاسكا، في الرباط يوم الأربعاء الماضي. إذ أبرز الوزير الإسباني “ارتفاع مستوى الحوار والثقة المتبادلة” بين الطرفين، في مجال محاربة الإرهاب الذي تحول إلى مصدر قلقل للمصالح الأمنية والاستخباراتية في السنوات الأخيرة في ضفتي المتوسط. وتابع أن التعاون المتقدم تجسد في “القيام بعمليات مشتركة ضد الإرهاب”، بحيث سجل العمل المشترك القيام ب 21 عملية مشتركة؛ آخرها كانت في 5 يوليوز الماضي. وبخصوص الهجرة السرية، كشفت آخر الأرقام الصادرة عن منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة وصول 18396 مهاجرا سريا إلى إسبانيا عبر البوابة الغربية للبحر الأبيض المتوسط خلال الشهور الثمانية الأولى من السنة الجارية، أغلبهم انطلاقا من السواحل المغربية، مبرزة أن العدد تراجع بنسبة 43.3 في المائة مقارنة مع الفترة عينها من السنة الماضية. وتابع المصدر ذاته، أن 14969 مهاجرا وصلوا إلى إسبانيا بحرا، فيما وصل إليها برا نحو 3427 مهاجرا، في إشارة إلى دخول المهاجرين عبر اقتحام السياجات الحدودية، أو في تجويفات محدثة داخل السيارات أو أسفل شاحنات النقل، إلى سبتة ومليلية. من جهتها، كشفت الحكومة الإسبانية وصول 15683 مهاجرا إلى السواحل الإسبانية، على متن قوارب الموت منذ يناير الماضي، بنسبة انخفاض قدرها 45.2 في المائة، مقارنة مع الفترة عينها من السنة الماضية عندما سُجل وصول 28642 مهاجرا.