بدأت الهجرة السرية من المغرب نحو اسبانيا تشهد منعطفا سورياليا بعدما بدأ مهاجرو دول إفريقيا يتجهون الى الصخور التي تحتلها اسبانيا شمال المغرب ولا تفصلها سوى عشرات الأمتار في بعض الأحيان عن الشواطئ المغربية، وتجد حكومة مدريد نفسها في مأزق حقيقي لمواجهة هذا الأمر. في هذا الصدد، يتواجد 81 مهاجرا سريا في صخرة تحتلها اسبانيا وتبعد 30 مترا عن البر المغربي وتتحمل مدريد مسؤوليتهم القانونية. وكانت الحكومة الإسبانية قد أعربت عن قلقها في بداية الشهر الماضي من احتمال رهان المهاجرين الأفارقة على الوصول الى الجزر والصخور القريبة جدا من الشواطئ المغربية بل والملتصقة فيها مثل صخرة بادس، مبرزة أن هذه الصخور تعتبر أراض اسبانية، وإذا وصل إليها المهاجرون، فالسلطات الإسبانية هي المسؤولة عنهم قانونيا ومطالبة بإيجاد حل لهم. وعمليا، وصل القارب الأول يوم 19 من شهر آب (أغسطس) الى صخرة الحسيمة الواقعة على بعد 700 متر من شواطئ الحسيمة، وجرى نقل المهاجرين الى مليلية المحتلة بعدما رفض المغرب استقبالهم. ويوم الأربعاء الماضي وصل قارب للهجرة على متنه 16 مهاجرا إفريقيا من ضمنهم أطفال ونساء حاملات الى جزيرة 'تييرا' أي الأرض وتقع على بعد 30 مترا من سواحل إقليمالحسيمة شمال المغرب. وتؤكد مندوبية الحكومة في مليلية التي تشرف على هذه الجزر المحتلة أنه قد جرى نقل النساء الحوامل والأطفال الى صخرة الحسيمة الآهلة بالسكان بينما تم تزويد المهاجرين الآخرين بالمواد الغذائية ولكن مع تركهم في جزيرة تييرا غير المأهولة بالسكان. وكانت المفاجأة أن 68 مهاجرا وصلوا دفعة واحدة الى الصخرة نفسها فجر أمس الأحد، وهي صخرة لا تزيد مساحتها عن هكتار ونصف، وأصبح بها 81 مهاجرا سريا وأقاموا بها مخيما تحت حراسة الحرس المدني الإسباني. وتؤكد الحكومة الإسبانية أن مافيات الهجرة السرية تستغل هذا الوضع وتتاجر بالمهاجرين الأفارقة. ونفت مسؤوليتها عن المهاجرين الأفارقة المتواجدين في هذه الصخرة. 'ووجدت اسبانيا نفسها لأول مرة أمام حالة أقرب الى السوريالية، إذ اكتشف المهاجرون الأفارقة أن الوصول الى أرض تابعة للإدارة الإسبانية لا يتعدى سوى الإبحار ثلاثين مترا في حالة جزر أرخبيل الحسيمة أو بضع كلمترات عندما يتعلق الأمر بالجزر الجعفرية. وتدرك اسبانيا أن المغرب ورغم الاتفاقيات الكثيرة لن يقبل هؤلاء المهاجرين نهائيا، كما تدرك اسبانيا أن الأفارقة وجدوا حلا سريعا للانتقال نحو' أراض تابعة نظريا للاتحاد الأوروبي. وكتب قارئ اسباني في موقع جريدة بوبليكو التقدمية إنه وضع سوريالي ولكن حقيقي ناتج عن استمرار اسبانيا في استعمار صخور عديمة الجدوى والفائدة من مخلفات إمبراطورية الماضي ولكن بشكل كاريكاتوري. وتحتل اسبانيا مدينتي سبتة ومليلية شمال المغرب وكذلك بعض الجزر مثل الجعفرية وكذلك صخور تبعد عشرات الأمتار من الشاطئ المغربي، والمثير أن كل من الرأي العام الإسباني والمغربي يكتشفان وجود مثل هذه الجزر.