يبدو أن الحكومة تنتظرها أيام عصيبة خلال الدخول السياسي المقبل، بسبب الكم الهائل من الملفات المطلبية العالقة التي لم تستطع معالجتها في الشهور الماضية، فبعد ملفي الأساتذة المتعاقدين وأساتذة الزنزانة 9، اللذين لم تصل فيهما الحكومة إلى حل نهائي وتم توقيف جلسات الحوار مع النقابات والأساتذة، لم تستطع الحكومة، أيضا، احتواء أزمة الطلبة الأطباء رغم تكوينها لجنة تتبع وزارية، حيث قرر الطلبة مقاطعة الامتحانات الاستدراكية والتصعيد في وجه الحكومة. هذه الأخيرة ظلت تتخبط في التعامل مع احتجاجات هذه الفئات وتتهرب من مطالبها، ففي ملف الأساتذة المتعاقدين لم تقبل الحكومة بالمطلب الرئيس للأساتذة المتعاقدين، والقاضي بإسقاط نظام التعاقد، فيما أقرت عقوبات زجرية في حق الأساتذة تهم الطرد والتوقيف عن العمل والاقتطاع والتوقيف عن العمل، علاوة على الاقتطاع، وهي الإجراءات التي لم تتراجع عنها بشكل رسمي رغم قبول الأساتذة بالجلوس إلى طاولة الحوار، إذ كانوا يطالبون الوزارة بإخراج هذه القرارات في محضر رسمي، وهو ما تماطلت الأخيرة في إخراجه، مما تسبب في توقيف جلسات الحوار إلى أجل غير مسمى. مصدر من التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فُرض عليهم التعاقد، التمس عدم ذكر اسمه خوفا من تطبيق مسطرة الطرد في حقه، أكد في حديث ل”أخبار اليوم”، على أن الأساتذة عازمون على مقاطعة الدخول المدرسي المقبل، وأنهم سيستأنفون المقاطعة والنزول للشارع للمطالبة بالإدماج في سلك الوظيفة العمومية وإسقاط نظام التعاقد، وأضاف أن “الوزارة من خلال جلسات الحوار كانت تفكر فقط، في إنقاذ الموسم الدراسي دون أن تضع حلا للملف”، مشددا على أن الأساتذة أدخلوا النقط فقط، إعمالا لمصلحة التلميذ، في حين كان عدد من الأساتذة يذهبون في اتجاه مقاطعة إدخال النقط النهائية، لكن تم تغليب المصلحة العامة للتلميذ”، يقول المتحدث ذاته. قرار الأساتذة المتعاقدين من المتوقع أن يشل المؤسسات التعليمية العمومية، فبعد انضمام فوج سنة 2019 للأساتذة المتعاقدين، تجاوز عدد الأساتذة المقاطعين 70 ألف أستاذ، وهو الرقم الذي من الصعب أن تعوضه الوزارة. الحكومة استمرت في الاقتطاع من أجور الأساتذة، وهو ما استغربوه، حيث اعتبروا أنهم لم يخوضوا أي شكل احتجاجي بعد بداية الحوار، مهددين باللجوء إلى القضاء الإداري من أجل إنصافهم، كما عبر الأساتذة عن امتعاضهم والحيف الذي طالهم بسبب هذه الاقتطاعات منذ شهر يونيو الماضي. كذلك أساتذة زنزانة 9 لازالت الحكومة لم تتوصل معهم لحل ولم تفتح معهم باب الحوار، إذ توصل عدد منهم بإشعارات ترك الوظيفة بسبب الإضرابات التي خاضوها بتنسيق مع الأساتذة المتعاقدين، إذ يطالب أساتذة الزنزانة 9 بالترقية إلى السلم العاشر بأثر رجعي مالي وإداري منذ 2013، مع رفض للمباراة. ليس بعيدا عن قطاع التعليم، لازال ملف الطلبة الأطباء عالقا، فبعد إعلان وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي إجراء امتحانات الدورة الاستدراكية لطلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان ابتداء من 4 شتنبر إلى غاية 30 شتنبر 2019، في الوقت الذي كان الاتفاق قبل بداية الحوار، حسب ما أعلن عنه الناطق الرسمي باسم الحكومة، قد حدد أن شهر غشت سيخصص لاستدراك الدروس النظرية والتطبيقية التي فاتت الطلبة، وبعدها يتم تحديد تاريخ الامتحانات الاستدراكية، وهو ما لم يتم، ما جعل الطلبة يقررون مقاطعتها. قرار الطلبة الأطباء يطرح احتمال سنة بيضاء بنسبة كبيرة، وهو ما حاولت الحكومة تفاديه طيلة هذه الشهور، خوفا من ارتفاع الخصاص في عدد الأطباء خلال السنة التي لن يتخرج فيها فوج جديد. ورغم حساسية الوضع إلا أن اللجنة الوزارية عوض الاستمرار في جلسات الحوار لإيجاد حل للملف، قررت توقيفه والخروج عطلة، على أساس أن يتم استئناف الحوار في شهر شتنبر. فئة أخرى صعدت في وجه الحكومة، وهي تنسيقية المكفوفين حاملي الشهادات، فبعد الرسالة التي وجهوها إلى القصر الملكي لإنصافهم، حاول أزيد من عشرين مكفوفا ومكفوفة من التنسيقية الوطنية للمكفوفين المعطلين حاملي الشهادات بالمغرب العبور إلى سبتة، لكن محاولاتهم باءت بالفشل. المكفوفون، وبعد فشل محاولة العبور إلى سبتة، راسلوا المنظمات الدولية، وعلى رأسها هيئة الأممالمتحدة ومنظمة العفو الدولية ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان بسبب ما سمته التنسيقية ب”الأوضاع المخزية والذل والإقصاء الذي نعيشه بالمملكة المغربية بحثا عن الكرامة والإنسانية واللتين لا نجدهما في هذا البلد”، مردفة أنهم “بذلوا أقصى ما في جهدهم لمغادرة هذا الوطن الذي لم يقدم لهم سوى القمع والتهميش والإهانة”، وفق نص البيان الذي أصدروه أمس الجمعة. واعتبرت التنسيقية أن هذه المحاولة "لن تكون الأخيرة، بل ستكون انطلاقة لما قررنا فعله لمغادرة أرض هذا الوطن بشتى الطرق، لأننا تيقنا من عدم جدوى البقاء فيه وعدم رغبة مؤسساته في منح المكفوفين حقهم في كل شيء، وأول هذه الحقوق الحياة بكرامة وإنسانية، وعمل يضمن لقمة العيش”.