المغرب واحد من بين أكثر البلدان في المنطقة المتوسطية مساهمة في تلويثها مياه البحر الأبيض المتوسط، ما جعل هذه المياه تتحول إلى أكبر مقبرة عالمية للنفايات البلاستيكية، على غرار أنها مقبرة المهاجرين غير النظاميين المغاربيين والقادمين من إفريقيا جنوب الصحراء، الراغبين في البحث عن مستقبل أفضل في “الفردوس الأوروبي”. بل أكثر من ذلك، تعتبر أعماق بحر البوران ومضيق جبل طارق المقابلة للسواحل المغربية من بين أكثر المياه المتوسطية الحاضنة للنفايات البلاستيكية. هذا ما كشفه تقرير حديث للصندوق العالمي للطبيعة (WWF)، وهي منظمة دولية غير حكومية تهدف إلى حماية الطبيعة والبيئة، ولديها أكثر من 5 ملايين متبرع في العالم. في هذا الصدد، أوضح التقرير أن مصر والمغرب تتصدران قائمة الدول المتوسطية الأكثر تلويثا بلاستيكيا لمياه البحر الأبيض المتوسط في الضفة الجنوبية، بينما تتزعم تركياوإيطاليا القائمة في الضفة الجنوبية. وبشكل عام، حل المغرب في المرتبة السابعة من أصل 22 بلدا في المنطقة المتوسطية. ويورد التقرير أن المغرب ينتج 550 ألف طن من النفايات البلاستيكية، 10 آلاف منها تنتهي إلى أعماق البحر الأبيض المتوسط؛ متبوعا بتونس التي تنتج 240 ألف طنا، 10 آلاف منها تنتهي في مياه المتوسط؛ وكرواتيا التي تنتج 410 ألف طن، 10 آلاف منها تذهب إلى مياه المتوسط؛ ومسبوقا بإسبانيا التي تنتج 2.46 مليون طن، 10 آلاف منها تنتهي في المتوسط؛ وفرنسا التي تنتج 4.46 مليون طنا، 10 آلاف منها ترمى في المتوسط؛ وإيطاليا التي تنتج 3.91 مليون طنا، 40 ألفا منها تلقى في المتوسط؛ وتركيا التي تنتج 3.96 مليون طنا، 110 ألف طن تنتهي في المتوسط؛ ومصر التي تتنتج 3.02 مليون طن، 250 ألفا منها تلقى في المتوسط. محمد البوش، مدير المختبر الوطني للدراسات ورصد التلوث، رد على تساؤلات “أخبار اليوم” حول الشق المرتبط بالمغرب في التقرير، بالتأكيد على أن المغرب واع بتحديات مشكل النفايات البحرية، لاسيما البلاستيكية التي تمثل 60 إلى 70 في المائة من مجموع النفايات البحرية. لهذا “أَطلق سنة 2018 برنامج رصد جودة مياه الاستحمام، كما بدأ هذه السنة برنامج رصد جودة الرمال، بما في ذلك تشخيص النفايات الموجودة في الشواطئ”، مبرزا أن الوزارة قامت بهذه العملية في 45 شاطئا. علاوة على برامج أخرى تم اعتمادها من قبل؛ مثل “البرنامج الوطني للمياه العديمة” و”البرنامج الوطني للنفايات الصلبة”، إلى جانب المشاريع الموقعة مع الجمعيات التي تنشط محليا في المدن الساحلية. كما سيتم اعتماد برنامج جديد حول مشكل النفايات في أعماق البحر. كل هذا بهدف الحد من هذا المشكل، يقول محمد البوش. ويحذر التقرير الذي قدم تفاصليه موقع “Business Insider” الأمريكي، من كون مياه المتوسط تحولت إلى مقبرة ل600 ألف طن من النفايات البلاستيكية، تساهم فيها البلدان التسعة، من بينها، المغرب، بحصة الأسد. علما أن 25 في المائة من النفايات المنتجة في العالم تنتهي إلى أعماق البحار والمحيطات. وتابع أن البلدان ال22 بالمنطقة المتوسطية (ألبانيا، الجزائر، البوسنة والهرسك، قبرص، كرواتيا، مصر، إسبانيا، فرنسا، جبل طارق، اليونان، إسرائيل، إيطاليا، لبنان، ليبيا، مالطا، المغرب، موناكو، الجبل الأسود، سلوفينيا، سوريا، تونسوتركيا) تنتج ما مجموع 24 مليون من النفايات البلاستيكية، شارحا أن 79٪ من هذه النفايات البلاستيكية تأتي من الأنشطة الساحلية، و12٪ تأتي من الأنهار، و9 ٪ من الصيد وتربية الأحياء المائية والنقل البحري. والخطير في كل هذا، وفق التقرير، هو أن 80٪ من التلوث البلاستيكي في البحر المتوسط يعود إلى الساحل في غضون 10 سنوات، ما يؤدي إلى تراكم النفايات البلاستيكية في الشواطئ والسواحل.
إيزابيل أوتيسير ، رئيسة الصندوق العالمي للطبيعة في فرنسا، ذهبت أبعد من ذلك قائلة: “ليس الأمر خطيرًا في المجال البيئي فحسب، بل يتعداه إلى المجال الاقتصادي، لأن هذا التلوث يهدد العديد من الوظائف والموارد، لذلك من الضروري أن تتخذ دول البحر المتوسط إجراءات طموحة لوضع حد لهذه الكارثة”.