يعد البحر الأبيض المتوسط بحرا شبه مغلق لعدم انفتاحه على المحيطات الأخرى إلا عبر مضيق جبل طارق مع المحيط الأطلسي وقناة السويس مع البحر الأحمر وقناة البسفور مع البحر الأسود. ويتموقع البحر المتوسط بموقع استراتيجي متوسط بين القارات، كصلة وصل بين أوروبا وإفريقيا... يعيش ما يربو عن 150 مليون شخص في محيط المناطق الساحلية للبحر الأبيض المتوسط، مقابل 424 مليون شخص، مجموع سكان الدول المتوسطية. وتشهد المنطقة نسبة نمو تصل إلى 1.3 في المائة، فضلا عن ارتياد 170 مليون سائح، سنويا، المنطقة، أي ثلث حركة السياح في العالم تقريبا. وتشير بعض التقارير إلى أن المياه الآسنة والمياه العادمة تلقى في البحر، دون أي معالجة، في حدود يتراوح بين 70 و85 في المائة منها، ورمي نفايات المصانع الساحلية وغير الساحلية حيث يقوم 60 مصنعا لتكرير البترول برمي 20 ألف طن من النفط سنويا في البحر. ويقدر نشاط النقل البحري بإبحار ألفي سفينة في المتوسط، 300 ناقلة نفط، وأن 50 في المائة من البضائع المنقولة في البحر خطرة بمستويات متفاوتة.. وتعزى النسبة العالية من الملوثات الواردة على حوض البحر الأبيض المتوسط ، 75 في المائة، إلى مصادر برية، صناعة ومياه الصرف الصحي.. خطة عمل المتوسط في عام 1975، وبعد ثلاث سنوات فحسب من انعقاد مؤتمر ستوكهولم الوزاري، الذي أنشأ برنامج الأممالمتحدة للبيئة، اعتمد 16 بلداً متوسطياً إلى جانب المجموعة الأوربية خطة عمل البحر الأبيض المتوسط . وكانت هذه الخطة هي الأولى التي يجري اعتمادها كبرنامج للبحار الإقليمية تحت مظلة برنامج الأممالمتحدة للبيئة. وتمثلت الأهداف الرئيسية للخطة في مساعدة بلدان المتوسط على تقدير التلوث البحري ومكافحته، وصياغة سياسات بيئية وطنية، والنهوض بقدرة الحكومات على تحديد خيارات أفضل للأنماط الإنمائية البديلة، وتحسين فرص تخصيص الموارد. ومع أن الخطة صبت اهتمامها في البداية على مكافحة التلوث البحري، فقد برهنت التجربة على أن الاتجاهات الاقتصادية- الاجتماعية، المتضافرة مع ضعف التخطيط والإدارة في ميدان التنمية، هي السبب في معظم المشكلات البيئية. وبالتالي فقد تحولت وجهة تركيز الخطة تدريجياً لتشمل الخطط والإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية باعتبارها أدوات أساسية لالتماس الحلول اللازمة. وبعد عشرين عاما،ً جرى تصميم "خطة عمل لحماية البيئة البحرية والتنمية المستدامة للمناطق الساحلية في البحر المتوسط" (المرحلة الثانية لخطة عمل البحر المتوسط) بما يراعي إنجازات الخطة وأوجه قصورها، بالإضافة إلى ما تمخضت عنه آخر التطورات. وتضم الخطة اليوم 21 بلداً من البلدان المطلة على البحر المتوسط، بالإضافة إلى الجماعة الأوروبية، وعبر هذه الخطة تبدي هذه الأطراف عزمها على مواجهة التحديات المتعلقة بالتدهور البيئي للبحر المتوسط، ومناطقه الساحلية والداخلية، وربط الإدارة المستدامة للموارد بالتنمية، بغية حماية إقليم المتوسط والمساهمة في النهوض بالأوضاع الحياتية فيه، ورصد انتشار الأنواع الغازية والحد من التلوث الزيتي والتدخل الفوري لمجابهته، خصوصا أن منطقة حوض المتوسط يتوقع أن تشهد رواجا اقتصادياً مهما أمام إمكانية تدفق الاستثمارات الضخمة في العقود المقبلة. البروتوكولات أدت اتفاقية برشلونة إلى إبرام 7 بروتوكولات قانونية تعنى بجوانب بصون بيئة المتوسط، هي بروتوكول الإلقاء بشأن حماية البحر الأبيض المتوسط من التلوث الناشئ عن تصريف النفايات من السفن والطائرات. اعتمد في فبراير 1976 بببرشلونة ثم عُدل برتوكول الإلقاء وسُجل باسم بروتوكول لمنع التلوث والقضاء عليه في البحر المتوسط الناجم عن إلقاء النفايات من السفن والطائرات أو ترميدها في البحر ليجري إعتماده بتاريخ يونيو عام 1995 ببرشلونة ايضا، وبروتوكول المنع والطوارئ، ويتعلق بالتعاون في منع التلوث من السفن ومكافحة تلوث البحر المتوسط في حالات الطوارئ اعتمد في يناير عام 2002 بمالطا. حل هذا البروتوكول محل بروتوكول بشأن التعاون في مكافحة تلوث البحر الأبيض المتوسط بالزيت والمواد الضارة الأخرى في الحالات الطارئة اعتمد في 16 فبراير عام 1978 في برشلونة، إسبانيا، الذي سرى مفعوله منذ فبراير عام 1978. هناك أيضا بروتوكول المصادر البرية أي حماية البحر المتوسط من التلوث من مصادر وأنشطة برية، أعتمد في مارس عام 1996 بمدينة سيراكوزا الإيطالية، و حل هذا البروتوكول محل بروتوكول حماية البحر المتوسط من التلوث من مصادر برية (المعتمد في 17 ماي عام 1980 في برشلونة)، الذي سرى مفعوله منذ 17 يونيو عام 1983. والأطراف المتعاقدة الاثنان والعشرون في اتفاقية برشلونة هي: ألبانيا، الجزائر، البوسنة والهرسك، كرواتيا، قبرص، مصر، المجموعة الأوروبية، فرنسا، اليونان، إيطاليا، لبنان، ليبيا، مالطا، المغرب، موناكو، صربيا ومونتينغرو، سلوفينيا، إسبانيا، سوريا، تونس، وتركيا. ومنذ عام 1982، اتخذت الوحدة التنسيقية للخطة من أثينا مقراً لها، بالاستناد إلى اتفاقية البلد المضيف المبرمة بين اليونان وبرنامج الأممالمتحدة للبيئة. وتوفر الحكومة اليونانية الدعم المالي واللوجستي للخطة وتمنح الأمانة وضعاً دبلوماسيا. وتضطلع الوحدة التنسيقية بدور أمانة الخطة، كما أنها تقوم بأدوار دبلوماسية، وسياسية، واتصالية، وتشرف على عناصر الخطة الرئيسية (مراكز الأنشطة الإقليمية)، إلى جانب تنظيمها للاجتماعات والبرامج المهمة. وتتولى الأطراف المتعاقدة تمويل أنشطة الخطة أساساً عبر مساهماتها المقدمة إلى حساب الأمانة المتوسطي. وتشمل مصادر التمويل الأخرى لمساندة مشروعات وأنشطة محددة المساهمات الطوعية الواردة من الاتحاد الأوروبي، ووكالات الأممالمتحدة، ومرفق البيئة العالمية. اللجنة المتوسطية للتنمية تعمل اللجنة المتوسطية للتنمية المستدامة كهيئة استشارية للأطراف المتعاقدة. وتتميز هذه اللجنة المنشأة عام 1996 بهيكل فريد يضم مندوبين عن الأطراف المتعاقدة الاثنين والعشرين، و15 مندوباً عن السلطات المحلية، وهيئات الأعمال، والمنظمات غير الحكومية، ويشكل هؤلاء، على قدم المساواة، فريق بحوث معني بالسياسات الرامية إلى ترويج التنمية المستدامة في حوض المتوسط. واضطلعت هذه اللجنة بمهام تنسيق وإعداد الاستراتيجية المتوسطية للتنمية المستدامة التي اعتمدتها الأطراف المتعاقدة عام 2005. ويشكل برنامج تقدير التلوث ومكافحته في إقليم البحر الأبيض المتوسط (مدبول) العنصر العلمي والتقني في خطة عمل البحر الأبيض المتوسط. ويضطلع البرنامج بالمسؤولية عن تنفيذ بروتوكولات المصادر البرية، والإلقاء، والنفايات الخطرة، ويساعد البلدان المتوسطية على صياغة وتنفيذ برامج رصد التلوث، بما في ذلك تدابير مكافحة التلوث، وصياغة خطط العمل للقضاء على التلوث الناجم عن مصادر برية. وهناك ستة مراكز للأنشطة الإقليمية للخطة تتمركز في ست مدن متوسطية، ويوفر كل منها خبراته البيئية والإنمائية لصالح المجتمع المتوسطي، للإسهام في تنفيذ أنشطة الخطة.