في بيته بحي لحبوس بمدينة الحسيمة، استقبلنا أحمد الزفزافي والد قائد حراك الريف ناصر الزفزافي المحكوم عليه بعشرين سنة سجنا. الزفزافي الأب يحكي لنا في هذا الحوار عن أصول عائلته وعلاقتها بمحمد بن عبدالكريم الخطابي، ويسرد لنا روايته لأحداث 1959 ثم 1984 كشاهد عيان، كما عرج للحديث عن تجربته السياسية وعلاقته بحزب الأصالة والمعاصرة، ثم حكى لنا عن طفولة ابنه الذي أصبح أيقونة حراك الريف، اهتماماته وتفاصيل عن نشأته وحياته… هل كنت مناضلا في صفوف القوات الشعبية؟ لا أنفي أن حزب الاتحاد الاشتراكي قدم شهداء ومنفيين ومعتقلين ومعذبين، لكن الطريقة التي دخل بها الحكومة وسمّاها بحكومة التناوب قررت مغادرة صفوف الحزب بشكل نهائي، لأن الناس الذين ناضلوا واستشهدوا في سبيل مبادئ وقيم الحزب لم يكن هدفهم دخول الحكومة والبصري على وزارة الداخلية. حين كان فتح لله ولعلو يضرب على منبر البرلمان أثناء أخذ الكلمة كان المغاربة يعتقدون أن هناك معارضةً حقيقية، لكن حين أصبح وزيرا للمالية تغير خطابه الذي حمله الاتحاد الاشتراكي في نضاله، ولما صار الحزب في الحكومة لم يتغير شيء.
في أي سنة انخرطت في حزب الاتحاد الاشتراكي؟ انخرطت سنة 1973، وهو التاريخ نفسه الذي تأسس فيه فرع الحزب في الحسيمة.
من أسس فرع الحزب في الحسيمة؟ من أسس حزب الاتحاد الاشتراكي كان طبيبا لديه عيادة هنا واسمه فتح الله العلمي، وعيادته هي التي أصبحت اليوم، مقرا للاتحاد الاشتراكي، وكان قد غادر المدينة بسبب تعرضه هنا للمضايقات.
هل كنت عضوا نشيطا في الحزب آنذاك؟ كنا نعتقد أن الحزب “شي حاجة”، وحين كان نشطاء الحراك يخرجون ويقولون “الدكاكين السياسية” كانوا على حق، لكن هذا خطأ الدولة التي قزّمت الأحزاب، والآن لم تجد من سيضبط الشارع، في نظري الأحزاب كان يجب أن تظل أحزابا قوية..
ما هو هدف تأسيس حزب الاتحاد الاشتراكي هنا في الحسيمة؟ في الحقيقة كان خطأ، لأن محمد بن عبدالكريم الخطابي كان قد خاطب المغاربة قاطبة قائلا: “مصيبتكم في أحزابكم” وكان على حق، لكننا لم نأخذ كلمته على محمل الجد، لكن الآن “عقنا”..
إلى ماذا كنتم تطمحون من خلال تأسيس فرع لحزب معارض؟ الاتحاد الاشتراكي كان حزبا معارضا يسعى إلى التغيير في البلد، ويناضل من أجل أن يغير النظام من سياسته تجاه المغاربة، لكن لم ينجح في ذلك، وحين أصبح في الحكومة طبّق سياسات كانت ضد مصلحة المواطن..
ما هي آمال مدينة الحسيمة التي كانت معقودة على الحزب؟ في الحسيمة كنا نرى في الاتحاد الاشتراكي بارقة أمل، لهذا تشبثنا به، وكان الحزب قد أعطى نائبا برلمانيا رغم التزوير الذي لحق الانتخابات.. من كان النائب البرلماني عنكم في الحسيمة، آنذاك؟ كان محاميا اسمه إسماعيل الهلالي، وهو ابن الإقليم، كان يوصل صوتنا في البرلمان، لكن حين تكون أقلية لا يؤخذ بقولك..
كم كان عددكم حين أسستم الحزب؟ لا أتذكر العدد بالضبط، لكن أنا كنت في مكتب الفرع والكاتب الإقليمي كان أستاذا توفي الآن، وبعدنا جاء أناس آخرون.
هل كنتم تتعرضون لمضايقات من طرف السلطة هنا؟ نعم، تعرضنا لعدة مضايقات من طرف السلطات. وهنا أتذكر أحد مناضلينا الذي كان يعمل في النيابة التعليمية صفعه عنصر من المخابرات أمام مقر عمله بدون سبب. وهذا ما يؤكد أن البصري ورجاله لم تكن لديهم حدود، ولم يتوقفوا عن بطشهم حتى تدخلت عدالة السماء والعبرة لمن يُعتبر.. ما هي الأنشطة التي كنتم تقومون بها هنا في الحزب؟ كنا نقوم بأنشطة عادية، كما أن الحزب لم يكن حاضرا بشكل قوي، لأننا كنا محاصرين. إذا أردنا تنظيم نشاط معين نُمنع من القاعة ويتم نسفه.. هل كنتم تخافون في ذلك الوقت من الاعتقال؟ الخوف غريزة بشرية، والاعتقالات كانت هنا في الحسيمة بالعشرات استهدفت الاتحاد الاشتراكي، كما استهدفت مناضلين محسوبين على اليسار الراديكالي.