ما علاقة عائلة الزفزافي مع محمد عبدالكريم الخطابي؟ كان عبدالكريم الخطابي، القاضي، يقطن بجوار بيتنا لدرجة أن والدي اشترى منه قطعة أرض عندما كان سينتقل من المنطقة إلى أخرى. ليست لدينا قرابة مع الخطابي، فنحن لا ننتمي إلى منطقة “أجدير”، التي كانت عاصمة «جمهورية الريف»، بل كنا ننتمي إلى قرية اسمها “ازفزافن” بمحاذاة أجدير، من هناك استنبط اسم الزفزافي، وهو في الأصل كان “أزفزاف” بالريفية، لكن عندما تم تحويله إلى العربية أصبح اسمنا العائلي “الزفزافي”. والدي كان محرر مراسلات محمد بن عبدالكريم الخطابي، وجدي كانت له علاقة متينة بالقاضي عبدالكريم الخطابي، أما جدي من الأم، فقد كان وزير الداخلية مع محمد عبدالكريم الخطابي في «جمهورية الريف»، وأخي محمد الزفزافي، الذي توفي في حادثة سير غامضة في مدينة العرائش، كان مع الخطابي في القاهرة، وكان أيضا محرر مراسلاته. حسب ما حكيت، فشقيقك كانت له علاقة قوية مع عبدالكريم. هل أثر ذلك في نشأتك؟ كنت أعيش مع شقيقي في مدينة تطوان، وكان يدرس مادة الاجتماعيات في معهد القاضي عياض، فضلا عن أنه كان أستاذا في المدرسة العليا للأساتذة، وكان قد تزوج من مدينة القصر الكبير من طالبته. وحين وجد اسمها بنمسعود سألها عن علاقتها بعبدالسلام بنمسعود، ابن مدينة القصر الكبير، فأخبرته أنه شقيقها، وبنمسعود درس، أيضا، في القاهرة وهناك تم التعارف بينهما. ومنذ تلك اللحظة نشأت علاقة بين شقيقي وزوجته، لكن للأسف مات هو وزوجته وابنه البكر في حادثة سير. في أي سنة كانت الحادثة؟ في 27 غشت سنة 1972، في “تنين عياشة”، قرب العرائش. حين توفي كنت قد بدأت العمل وانتقلت إلى مدينة الحسيمة. محمد الزفزافي كان متأثرا بما عاشه في القاهرة وكان ثوريا ينتقد الظلم والعدوان الموجود في المغرب وباقي البلدان العربية، وكان من المؤسسين لمكتب مساندة الكفاح الفلسطيني في سنة 1970، هو وزوجة السدراوي وأحمد لمرابط وأساتذة آخرون. هل كانت لديه رؤية للحكم مخالفة لما كان عليه؟ كان محمد متأثرا بفكرة الدولة التي أسس لها الخطابي، لكن لم يكن له أي انتماء إيديولوجي أو حزبي، وكان علماء الأزهر حين يزورون المغرب يجلسون معه في تطوان، وفي جنازته حضرت وفود من الأردن ومصر وفلسطين والجزائر وتونس ومن جميع الحساسيات السياسية. لقد كانت جنازة مهيبة. هل كانت له أنشطة سياسية في ذلك الوقت؟ لم تكن لديه أنشطة سياسية، لكنه كان يحاضر في عدد من المدن حول الفساد والظلم وتاريخ الريف وتاريخ المغرب. وبالمناسبة قال لي أحد الأساتذة إنه تمت تسمية مكتبة في معهد القاضي عياض باسمه، وهذا المعهد كان الأكبر في شمال المغرب. بما أنك عشت معه، ما هي القيم التي كان يحرص على غرسها فيك؟ حين عاد من القاهرة سنة 1960 كانت أفكاره متغيرة، وكان ذهابه إلى هناك بطريقة غير شرعية، حيث استقل الباخرة من سبتة إلى الإسكندرية، ومن هناك إلى القاهرة. كان للتو حصل على الباكالوريا، وحين وصل طلب لقاء بالخطابي، وحين سألهم الأخير عنه قيل له ابن الزفزافي، فقال لهم ادخلوه بسرعة. ساعد الخطابي شقيقي على متابعة دراسته بمصر، موفرا له منحة دراسية، لأن عبدالكريم كان على علاقة جيدة بعبدالناصر، لكن ستتوتر العلاقة بينهما حين سيُقتل حسن البنا، مرشد الإخوان المسلمين، بالقرب من بيت الخطابي. في ذلك اليوم كان حسن البنا يزور عبدالكريم الخطابي، وكان دائم التردد عليه، حسب ما حكى لي شقيقي، إذ كان يتردد عليه ثلاث مرات في الأسبوع، وحين خرج قُتل.