بات مؤكدا أن بعض محاميي المطالبات بالحق المدني في قضية الصحافي توفيق بوعشرين، أصبحوا مستعدين لقول أي شيء خلال مرافعاتهم التي أعقبت صدور التقرير الأممي المطالب بإطلاق سراح بوعشرين وتعويضه ومحاسبة المسؤولين عن اعتقاله تعسفيا. حيث خصص محامو الطرف المدني، خلال جلسة الجمعة الماضي، خمس ساعات للتهجم على منظمة الأممالمتحدة وكيل اتهامات متهافتة إليها وإلى فريقها المكلف بالاعتقال التعسفي. ففي في إطار رد دفاع الطرف المدني على مطلب رفع الاعتقال التعسفي عن الصحافي توفيق بوعشرين، استنادا إلى القوانين المغربية، وأيضا على قرار فريق العمل التابع للأمم المتحدة، المكلف بالاعتقال التعسفي، والذي طالب بالإطلاق الفوري لبوعشرين وتعويضه عن اعتقاله تعسفيا ومحاسبة المسؤولين الذين أمروا باعتقاله خارج القانون. فبعدما اتهم بعض هؤلاء المحامين، بشكل أثار سخرية الحاضرين في القاعة، منظمة الأممالمتحدة بالارتشاء، خلال الجلسة السابقة، لجأ دفاع المطالبات بالحق المدني، في جلسة الجمعة الماضي، بمحكمة الجنايات الاستئنافية بالدار البيضاء، إلى وصف أعضاء الفريق الأممي الذي طالب بإطلاق سراح بوعشرين بالافتقار إلى التكوين القانوني، فيما وصف بعضهم التقرير بأنه صدر تحت الطلب وأن الأممالمتحدة تكن العداء للمغرب حين أصدر فريق تابع لها توصية بإطلاق سراح بوعشرين فورا وتعويضه عن الاعتقال التعسفي. توفيق بوعشرين، الذي بدا هادئا ومركزا على تفاصيل مرافعات دفاع المطالبات بالحق المدني، نبَّه القاضي لحسن الطلفي إلى أن بعض المحامين يخادعون المحكمة أثناء تفصيلهم للتقرير الأممي، ويتناولون نقاطا غير واردة فيه، وهو ما فطن له القاضي لحسن الطلفي، وصار يطلب من كل محام أن يطلعه على الفقرة التي يتناولها بالتحليل، خاصة حين اعترف أحد المحامين بأن بوعشرين شخصية صحافية متميزة ومؤثرة، وأنه فعلا حرم من حضور محاميه منذ الوهلة الأولى لاعتقاله، ومواكبة مراحل الاستماع إليه، كما ينص القانون على ذلك، مضيفا أن التقرير اعتمد على أن بوعشرين يملك جريدة عريقة تنشر ربورطاجات حارقة، وأنه اعتقل بعد مدة قصيرة من كتابته مقالات عن رئيس الحكومة السابق عبدالإله بنكيران، وعن وزير الفلاحة عزيز أخنوش، ليتدخل بوعشرين ويقول لرئيس هيئة الحكم :”إنه يتكلم عن موقفي من بنكيران، ووجب إعطائي الفرصة للرد على كلامه”، وهو ما دفع القاضي لتهدئته وتأكيد منحه فرصة للرد. واتهم دفاع الطرف المدني المحامي والحقوقي عبدالعزيز النويضي بالكذب على الأممالمتحدة، وتسليمها معطيات مغلوطة، واصفا التقرير الأممي بالمتهافت والرديء، مفصلا في نقاط لا وجود لها في التقرير، مما دفع بوعشرين مرة أخرى لتنبيه القاضي بأن المحامي يتحدث عن أشياء لا وجود لها في التقرير الأممي، قائلا بنبرة الواثق: “التقرير ما فيهش هادشي، وأتحاداه. فقط التقرير يضم ثلاث فقرات”، ليتدخل القاضي ويطلب من المحامي تحديد الفقرة التي يفصل فيها، غير أنه لم يقدم جوابا، لينتقل إلى شن هجوماته على فريق العمل التابع للأمم المتحدة، باتهام أعضائه بأنهم يجهلون مبادئ حقوق الإنسان، وأن الأمين العام للأمم المتحدة يجب أن يقيلهم جماعيا لخرقهم قانون حقوق الإنسان والأمن والاستقرار. وفي طلب غريب وجهه دفاع المطالبات بالحق المدني للقاضي لحسن الطلفي، رئيس الجلسة بالقاعة 7، ملتمسا من ممثل النيابة العامة متابعة دفاع بوعشرين الذي وضع التقرير الأممي أمام هيئة الحكم، بتهمة التأثير على القضاء، متوجها بنظره نحو المحامي عبدالمولى الماروري، الذي أدلى بمذكرة في الجلسة الأولى أمام المحكمة تتضمن التقرير الصادر عن فريق العمل الأممي. وذهب عنصر آخر من دفاع المطالبات بالحق المدني إلى ذكر الناشطة الحقوقية الدولية، الأمريكية من أصل جزائري، كريمة بنون، بأنها كانت وراء إصدار التقرير الأممي، وذلك انتقاما من المغرب، مؤكدا أنها كانت على علاقة وطيدة بالمصدر الذي كان وراء إصدار التقرير، مشيرا إلى أنها هي من سلمت التقرير للأمم المتحدة، وأنها مشاركة في القرار. هذا مع العلم أن كريمة بنون تم تعيينها في منصبها الأممي بعد إصدار التقرير الأممي الخاص بوضع توفيق بوعشرين. وواصل دفاع الطرف المدني خرجاته المتهافتة، والمثيرة للسخرية، في مواجهة التقرير الأممي المحرج في ما يخص اعتقال الصحافي بوعشرين، ليقول إن الوثيقة محرفة، وإنها تدحل ضمن تقرير لأعداء المغرب، مضيفا أن التقرير جاء تحت الطلب، وجاء بعد الحكم على بوعشرين ب9 أيام فقط، متهما الأممالمتحدة بالتآمر على المغرب، وأنها تكن عداء للمغرب، مما حذا ببوعشرين للتدخل أمام القاضي، ويسترسل قائلا: “إذا كانت الأممالمتحدة كذلك، فلماذا يلجأ لها المغرب لتسوية نزاعه في قضية الصحراء”. وبعد أزيد من خمس ساعات من الهجوم على الأممالمتحدة، دون الرد على طلب دفاع بوعشرين برفع الاعتقال التعسفي، قرر القاضي لحسن الطلفي تحديد يوم الثلاثاء المقبل لإعطاء الفرصة لدفاع بوعشرين في العقيب على رد النيابة العامة ودفاع المطالبات بالحق المدني.