تزامنا مع انعقاد الدورة الأخيرة للمجلس الإداري للوكالة الحضرية بمراكش، تجدد الجدل، مؤخرا، حول تعيينات لمسؤولين وموظفين بالوكالة نفسها بشكل مباشر وخارج إطار التباري، فبينما تم إجراء مباريتين داخليتين لاختيار منصبي مدير الدراسات ومدير مديرية الشؤون القانونية والعقارية، جرى الحديث عن تعيين المدير العام للوكالة الحضرية ذاتها، وخارج أي منافسة، لمكلفين بمهام، كما عيّن الرئيس السابق بالنيابة لقسم التدبير الحضري مديرا رسميا، وهي المديرية التي تتولى الحسم بالقبول أو الرفض للملفات والمشاريع العقارية المعروضة على الوكالة. مشكل آخر يتعلق بتدبير الموارد البشرية بالوكالة، فقد سبق لمهندسة تشغل رئيسة لقسم الدراسات، التابعة لمديرية التدبير الحضري، أن تقدمت بطلب للتقاعد المبكر، وهو الطلب الذي أكد مصدر مطلع بأنه جاء على خلفية الضغوط التي تعرّضت لها بسبب عدم موافقتها على صفقة تحويل عقار كان مخصصا لإحداث مرفق عمومي بشارع مولاي عبد الله (شارع آسفي سابقا) إلى مشروع خاص، معللة قرارها بأن البقعة الأرضية المذكورة كانت في الأصل عقارا حبسيا، معروفا لدى المراكشيين ب»جنان الحفيان»، ليتقرّر، في وقت لاحق، تحويل استغلاله لجامعة القاضي عيّاض، رافضة تفويت ملكيته لأحد المستثمرين الخواص، في سياق ممارسة صلاحياتها المتعلق بإبداء رأيها في إطار الدراسة التقنية التي أجرتها الوكالة. جدل آخر متعلق بإشراف الوكالة على إعداد تصميم تهيئة مقاطعة «كليز»، والذي خلف أيضا جدلا قانونيا وسياسيا لم يكن أقل حدة، على إثر تقديم الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان لشكاية لدى الوكيل العام للملك بمراكش، طالبت فيها بالتحقيق في ظروف وملابسات تفويت عقارات عامة لفائدة منتخبين ومقاولين بأثمان زهيدة، خلال الفترة الممتدة بين 2016 و2018، وهي العقارات التي كان بعضها مبرمجا أن تقام عليها مرافق عمومية في إطار المشروع الملكي «مراكش.. الحاضرة المتجددة»، قبل أن يتم تفويتها لخواص، الذين تقول الشكاية إنهم قاموا ببيعها بأسعار مرتفعة، بمجرد أن استفادوا منها في إطار لجنة الاستثناءات، التي ترأسها الوالي السابق للجهة المعفى من مهامه، عبد الفتاح البجيوي. واستنادا إلى المصدر نفسه، فقد أصبح دور الوكالة الحضرية، مؤخرا، محصورا في «التصحيحات والملاءمات»، بدل الاضطلاع بمهامها الحقيقية المتمثلة في مقاربة المسألة التعميرية من منظور جديد يأخذ بعين الاعتبار الإشكاليات والرهانات المطروحة على المجالات الترابية في كل مستوياتها، وإعداد برامج عمل تستجيب لحاجيات المجال الجهوي وانتظارات الساكنة. في المقابل، نفى سعيد بلكَادة، رئيس مديرية الشؤون القانونية والعقارية والمكلف بالتواصل، بأن تكون رئيسة قسم الدراسات قد تعرضت لأي ضغط، موضحا بأنها تراجعت عن طلب التقاعد المبكر، وقال إنها حضرت أشغال المجلس الإداري الأخير للوكالة، التي قال إن دورها ينحصر على إعداد الوثائق المتعلقة بالتعمير بتنسيق مع المصالح التقنية بالإدارة والجماعات الترابية، ولا تقوم بتفويت العقارات، مضيفا بأن دورها في لجان الاستثناءات محدد في الدراسة التقنية. وأشار إلى أن جميع التعيينات التي تمت في أواخر السنة المنصرمة أجريت في إطار التباري بمباريات إعمالا للمقتضيات القانونية، وتحديدا المتعلقة منها برؤساء الأقسام والمديريات، فيما قام المدير بتعيين المكلفين بمهام، في إطار ممارسته لصلاحياته القانونية. ونفى بأن تكون الوكالة هي من يقوم بإعداد تصميم تهيئة مقاطعة كليز، موضحا بأن الأمر من اختصاص الجماعة الترابية نفسها. هذا، وكان مقر ولاية جهة مراكشآسفي، شهد، الاثنين المنصرم، انعقاد الدورة ال 19 للمجلس الإداري للوكالة عينها، بحضور رئيس وأعضاء مجلسها الإداري ووالي الجهة وعاملي إقليمي الحوز وشيشاوة، وهو المجلس الذي عرفت أشغاله المصادقة على محضر الدورة السابقة، وتناول الكلمة خلاله مدير الوكالة الحضرية، مذكّرا بالإطار المرجعي المعتمد في برنامج عمل الوكالة، الذي قال إنه يتمثل في تنفيذ التوجيهات الملكية وتنزيل مضامين البرنامج الحكومي المحدد للاستراتيجيات الكبرى في قطاع التعمير، وكذا التطبيق الأمثل لمختلف الاتفاقيات الإطار والمشاريع التنموية بتنسيق مع والي الجهة وكافة الشركاء. كما أشار إلى أن السنة الفارطة تميزت باحتضان المدينة للعديد من المحطات التنموية الهامة، من قبيل ترؤس الملك محمد السادس لحفل التوقيع على اتفاقية تثمين برنامج المدينة العتيقة لمراكش 2018/ 2022، بتاريخ 14 ماي من السنة نفسها بالرباط، والزيارة الملكية لمراكش، التي ترأس خلالها الملك حفل تقديم التدابير المتخذة لإنجاز المشاريع المتدرجة في إطار برنامج تثمين المدينة العتيقة لمراكش. كما قدم المدير عرضا حول أنشطة الوكالة الحضرية، خلال السنة الماضية، والمتمثلة في مواكبة إنجاز المخطط المديري للتهيئة العمرانية لمراكش الكبرى، ومواصلة تغطية مجالها الترابي بوثائق التعمير، مع الحرص على النهوض بالعالم القروي وتحسين الظروف المعيشية للساكنة وتأهيل المجالات الترابية.