نظم حزب الاستقلال تجمعا خطابيا حاشدا، أول أمس السبت، بمدينة العيون، قاده نزار بركة، الأمين العام للحزب، بدعم لوجيستيكي وتنظيمي من حمدي ولد رشيد، رئيس بلدية العيون، والرجل القوي في اللجنة التنفيذية. ووسط تضارب في عدد الحاضرين للمهرجان الحاشد للاستقلاليين، الذي يأتي بعد أقل من شهرين من لقاء مماثل نظمه حزب التجمع الوطني للأحرار بمدينة الداخلة، لم يشهد الكثافة نفسها في الحضور، فقد سارع الاستقلال إلى الإعلان أن الحضور بلغ حوالي 50 ألف شخص، أطلق خلالها حزب الاستقلال العنان لاستعراض جماهيري غير مسبوق في الأقاليم الجنوبية، بحضور بركة، ومنسق جهات الحزب للجهات الجنوبية، حمدي ولد الرشيد، وأعضاء من لجنتي الحزب التنفيذية والمركزية، وجدد بركة، الدعوة إلى الفرقاء السياسيين والقوى الحية من أجل تمتين الجبهة السياسية للدفاع عن الوحدة الترابية، والتي التزم بها نداء العيون التاريخي، لتكون هذه الجبهة منصة لتنسيق مبادرات وآليات الترافع والتواصل والتأثر للتصدي للأطروحات المناوئة للقضية الوطنية. داعيا بالمناسبة الحكومة إلى تسريع نقل الاختصاصات إلى المجالس الجهوية، مؤكدا على ضرورة تنشيط الحياة السياسية بالأقاليم الجنوبية، وتشجيع المشاركة في تدبير الشأن العام، لاسيما في صفوف النساء والشباب من أجل مواجهة مناورات خصوم الوحدة الترابية. وبدا واضحا في مهرجان الاستقلاليين، أن حمدي ولد الرشيد، منسق حزب الاستقلال بجهات الصحراء الثلاث، تمكن من استعراض قوته السياسية والتنظيمية بالأقاليم الجنوبية، بتنظيمه لمهرجان هو الأول من نوعه منذ تولي نزار بركة الأمانة العامة للتنظيم الحزبي خلال المؤتمر الوطني السابع عشر. وتعليقا على الرسائل التي حملها مهرجان الاستقلاليين، قال عبد المجيد بلغزال، الباحث في الشؤون الصحراوية، إن “اختيار تنظيم مهرجان حزبي في بداية شهر أبريل في مدينة العيون الذي أصبح يشكل هاجسا وأجندة ثابتة في نزاع الصحراء، معناه أن حزب الاستقلال من خلال تنظيمه لمهرجان العيون يريد أن يوجه رسالته الأولى للمنتظم الدولي”. وتساءل بلغزال في اتصال مع “أخبار اليوم”، “هل الحضور الجماهيري للاستقلال بالعيون، يشكل قوة فعلية لمنخرطين حقيقيين؟ أم إنه حضور لزبناء يرغم عليهم الحضور بوسائل متعددة؟” وهنا شدد بلغزال أن المهرجان الخطابي لحزب الميزان، أراد توجيه رسالة ثانية عمودية ومباشرة إلى الدولة، مفادها أن “المتنفذين في المؤسسات الجهوية، هم المخاطب الوحيد والأوحد وأن لا أحد يمكن أن يتجاوزهم، وهم من أصبحوا الماسكين بالقرار، وأنهم لن يتخلّوا على بنياتهم التنظيمية بعدما فوتت لهم الدولة هذه البنيات التعبوية”. من جانبه، أوضح إدريس القاصوري، المحلل السياسي، أن لقاء الاستقلال “يأتي في إطار خلق ديناميات سياسية على هامش انطلاق جلسات الحوار مع جبهة البوليساريو، بخصوص التفاوض حول الصحراء من أجل إيجاد حل سياسي سلمي متوافق عليه في إطار مبادئ وقرارات الأممالمتحدة وهو الأمر الذي لا بد فيه من إيجاد دبلوماسية سياسية لجميع الفعاليات من أجل التعبئة وحشد الرأي العام المغربي والصحراوي واستعراض موازين القوى والتمثيلية”. وقال القاصوري، إن “المفاوضات لا تربح بالحسابات المنطقية ما بين المتفاوضين، وإنما بمنهجية وأسلوب التفاوض التي تدخل فيه مثل هذه المهرجانات التعبوية، والتي تضمن حشد أصوات موحدة وتلفت انتباه الرأي العام الدولي والمعنيين”، وهي المبادرة التي أكد القاصوري أنها جاءت متأخرة، داعيا “الأحزاب السياسية للقيام بنفس المبادرة من أجل تقوية الضغط على البوليساريو وإحراجها لأنها تدعي تمثيلية الصحراويين”. من جانبه، قال عادل بنحمزة، القيادي السابق بحزب الاستقلال، إن “تجمع حزب الاستقلال اليوم، بمدينة العيون يؤكد بشكل ملموس أن الصحراء والصحراويين جاهزون للحكم الذاتي حتى لو أعلنه المغرب من طرف واحد”، موضحا أن “هذا التجمع سبقته تجمعات أخرى في سنوات سابقة بنفس الحجم، وهو ما يعني أن انتظار قبول جبهة البوليساريو بالحكم الذاتي، هو أشبه بمطاردة السراب، وأن عدم تنزيل الحكم الذاتي بما يمكن الصحراويين أن يختاروا بإرادتهم الحرة من يسيرون شؤون منطقتهم، سيجعل من قضية الصحراء بشكل دائم موضوعا للمزايدات السياسية والسياسوية، بشكل لا يخدم لا القضية الوطنية ومستقبل الوضع بها ولا السياسة وبناء الديمقراطية… وفي صلبها دمقرطة الأحزاب السياسية”.