مولدوفا تنضم إلى إسبانيا في دعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية    إدارة الدفاع الوطني تحذر المغاربة من ثغرة أمنية "خطيرة" على تطبيق واتساب    ركلات الترجيح تقود أشبال الأطلس إلى النهائي الإفريقي على حساب كوت ديفوار    رغم خسارة الإياب.. برشلونة يتألق أوروبيًا ويعزز ميزانيته بعد الإطاحة بدورتموند    السفير الكوميري يطمئن على الطاوسي    الطقس غدا الأربعاء.. أمطار وثلوج ورياح قوية مرتقبة في عدة مناطق بالمملكة    بركة يعترف بخسارة المغرب كمية ضخمة من المياه بسبب "أوحال السدود"    الإليزيه يعلن "طرد 12 موظفا" من الشبكة القنصلية والدبلوماسية الجزائرية ردا على إجراءات الجزائر    نزار بركة: نسبة ملء السدود بلغت 49% والمغرب تجاوز مرحلة الإجهاد المائي بفضل التساقطات الأخيرة    الامن الوطني يحبط محاولة لتهريب حوالي 18 طن من الحشيش    مدير يتعرض لاعتداء داخل مؤسسة تعليمية بمدينة الحسيمة    دي ميستورا يؤكد الدعم الدولي لمغربية الصحراء ويكشف المستور: ارتباك جزائري واحتجاز صحراويين يرغبون في العودة إلى وطنهم    تشكيلة أشبال الأطلس ضد كوت ديفوار    مصرع سائق سيارة إثر سقوطها في منحدر ببني حذيفة    الرباط: رئيس برلمان أمريكا الوسطى يجدد التأكيد على دعم الوحدة الترابية للمملكة    تيزنيت.. توقيف شخص سرق سيدة بالعنف بعد تداول فيديو يوثق الواقعة    بسبب تنامي العنف المدرسي الذي ذهبت ضحيته أستاذة بمدينة أرفود    العلوي: منازعات الدولة ترتفع ب100٪ .. ونزع الملكية يطرح إكراهات قانونية    اتفاقيات "جيتيكس" تدعم الاستثمار في "ترحيل الخدمات" و"المغرب الرقمي"    تحفيز النمو، تعزيز التعاون وتطوير الشراكات .. رهانات الفاعلين الاقتصاديين بجهة مراكش أسفي    توقيع اتفاقية شراكة بين وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة ومجموعة بريد المغرب لتعزيز إدماج اللغة الأمازيغية    أرسين فينغر يؤطر مدربي البطولة الوطنية    خريبكة تفتح باب الترشيح للمشاركة في الدورة 16 من المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي    فاس تقصي الفلسفة و»أغورا» يصرخ من أجل الحقيقة    دي ميستورا.. طيّ صفحة "الاستفتاء" نهائيا وعودة الواقعية إلى ملف الصحراء المغربية    عمر هلال.. آمل أن تكون الذكرى ال50 للمسيرة الخضراء نهاية نزاع الصحراء    الاتحاد الأوروبي يؤازر المغرب في تسعير العمل المنزلي للزوجة بعد الطلاق    عمال الموانئ يرفضون استقبال سفينة تصل ميناء الدار البيضاء الجمعة وتحمل أسلحة إلى إسرائيل    حرس إيران: الدفاع ليس ورقة تفاوض    إخضاع معتد على المارة لخبرة طبية    لقاء تشاوري بالرباط بين كتابة الدولة للصيد البحري وتنسيقية الصيد التقليدي بالداخلة لبحث تحديات القطاع    "الاستقلال" يفوز برئاسة جماعة سمكت    "ديكولونيالية أصوات النساء في جميع الميادين".. محور ندوة دولية بجامعة القاضي عياض    وفاة أكثر من ثلاثة ملايين طفل في 2022 بسبب مقاومة الميكروبات للأدوية    دراسة أمريكية: مواسم الحساسية تطول بسبب تغير المناخ    فايزر توقف تطوير دواء "دانوغلبرون" لعلاج السمنة بعد مضاعفات سلبية    إدريس الروخ ل"القناة": عملنا على "الوترة" لأنه يحمل معاني إنسانية عميقة    توقيع اتفاقيات لتعزيز الابتكار التكنولوجي والبحث التطبيقي على هامش "جيتكس إفريقيا"    الهجمات السيبرانية إرهاب إلكتروني يتطلب مضاعفة آليات الدفاع محليا وعالميا (خبير)    محمد رمضان يثير الجدل بإطلالته في مهرجان كوتشيلا 2025    فليك : لا تهاون أمام دورتموند رغم رباعية الذهاب    نقل جثمان الكاتب ماريو فارغاس يوسا إلى محرقة الجثث في ليما    قصة الخطاب القرآني    اختبار صعب لأرسنال في البرنابيو وإنتر لمواصلة سلسلة اللاهزيمة    المغرب وكوت ديفوار.. الموعد والقنوات الناقلة لنصف نهائي كأس أمم إفريقيا للناشئين    فاس العاشقة المتمنّعة..!    تضمن الآمان والاستقلالية.. بنك المغرب يطلق بوابة متعلقة بالحسابات البنكية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    غوتيريش: نشعر "بفزع بالغ" إزاء القصف الإسرائيلي لمستشفى المعمداني بغزة    أمسية وفاء وتقدير.. الفنان طهور يُكرَّم في مراكش وسط حضور وازن    ارتفاع قيمة مفرغات الصيد البحري بالسواحل المتوسطية بنسبة 12% خلال الربع الأول من 2025    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان: بين الفرص والتحديات الأخلاقية    خبير ينبه لأضرار التوقيت الصيفي على صحة المغاربة    إنذار صحي جديد في مليلية بعد تسجيل ثاني حالة لداء السعار لدى الكلاب    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يتنحاو گاع
نشر في اليوم 24 يوم 18 - 03 - 2019

للجمعة الرابعة على التوالي، خرج الجزائريون قبل يومين في حشود تبهر العالم الذي اعتقد أنها مجرد فقاعة ستختفي مع أول نفس تنفخه السلطة. خروج، كلما تململ الرئيس المريض في كرسيه المتحرك ملوحا له بالرجوع إلى بيت الطاعة، زاد توهجا وتعبئة وإبداعا. نحن هنا في الجانب الغربي من معبر «جوج بغال» لم نكن نتصور أن بيت الجيران الشرقيين سيفتح نوافذه المطلة علينا يوما ليغزو أنوفنا برائحة الياسمين التي ظلت الجزائر تمثل جدار صد يحجبها عنا منذ انطلاق الشرارة الأولى للربيع العربي في تونس قبل ثماني سنوات.
إن أجيالا بكاملها في البلدين فتحت أعينها على القطيعة والعداء دون أن تكون لها في هذا الوضع أي مصلحة. فالأمر ليس مجرد قرارات سياسية وأمنية يتخذها هذا النظام أو ذاك، بل إن غياب التعاون بين المغرب والجزائر دين باهظ الكلفة يدفع الشعبان ضرائبه وأرباحه من نقط النمو وفرص الشغل ومستقبل الشباب، وموقع تفاوضي مع العالم في التجارة كما في السياسة والأمن والسيادة.
إن ما تعيشه الجزائر حاليا، من حراك شعبي ومطالبة شاملة بالانعتاق من استبداد الأولغارشية الحاكمة وإقامة ديمقراطية حقيقية، لا ينفصل بشكل كلي عن الوضع المغاربي والعلاقات الثنائية المغربية الجزائرية. لقد أحسن النظامان السياسيان في البلدين استعمال كل منهما الآخر فزاعة لإدامة الاستبداد والتخويف من تسلل «الجار العدو» كلما اشتدت عليهما الضغوط والمطالب بإقامة ديمقراطية حقيقية.
لنترك شأن الجزائر للجزائريين، ولنسجل كيف ضيّعت النخب السياسية المغربية ما ورثته عن فترة مقاومة الاستعمار من رصيد نضالي مشترك مع نخب الدول المغاربية الأخرى، وفي مقدمتها النخب الجزائرية، وهو الرصيد الذي كان بالإمكان استثماره في بناء مشترك جديد لا غالب فيه ولا مغلوب. فأحزابنا السياسية انساقت لما استدرجتها إليه القوى التي سعت إلى الهيمنة منذ سنوات الاستقلال الأولى، وبات فعلها السياسي مرتهنا للأجندة الرسمية التي كبّلتها بضرورة مواجهة «العدو الخارجي» وتأجيل المعركة الديمقراطية، فلا معركة مواجهة «العدو» حسمت، ولا الديمقراطية تحققت.
إذا كنا نعتبر أن مشكلتنا هي مع نظام قائم في الجزائر وليس مع الجزائريين، فإن الخروج الشعبي الحالي ضد هذا النظام يدعونا أيضا، بعيدا عن أي انتهازية أو تشف، إلى مراجعة علاقاتنا مع هذا البلد الجار، والقيام بنقد ذاتي إن اقتضى الحالي. دعونا نتخلص لوهلة واحدة من عتاد الحرب والمجابهة الذي فُطرنا على إشهاره كلما أثيرت سيرة الجزائر أمامنا. دعونا نعترف بأننا، نحن المغاربة، ورغم لائحة المكائد التي أصابتنا من جانب حدودنا الشرقية، ظلمنا أشقاءنا الجزائريين حين سجناهم داخل قبو الأعداء الدفين في مخيلتنا الجماعية. لنكن متواضعين ونقر بنصيبنا الذي ساهمنا به بدورنا لإحداث هذا «الحاسي» العميق الذي فصل بيننا فجأة بمجرد حصول بلدينا على استقلالهما المزعوم.
صحيح أن جماعة بنبلة وبومدين وبوتفليقة، وباقي قادة جزائر ما بعد الاستقلال، نقضوا عهود الأخوة التي جعلت المغرب يرفض حسم حدوده الشرقية مع فرنسا، ويستقبل الثوار الجزائريين فوق أراضيه، ويدعمهم بالمال والسلاح، وصحيح أن عنفوان الثورة التي طردت جيش المستعمر دفعت إخوتنا في الجزائر إلى جرنا نحو حرب الرمال التي خلفت ندوبا لم تندمل إلى اليوم، ولا شك أيضا أن «جماعة وجدة» قبلت صفقة مع الفرنسيين جعلتهم يصبحون حجرا في حذاء المغرب لمنعه من استرجاع نصفه الجنوبي بعد بتر أراضيه شرقا؛ لكننا أيضا بقينا حبيسي نظرة استعلائية تجاه جيراننا، نحن أيضا لا ننظر إلى ما وراء جوج بغال إلا من شرفة الإمبراطورية المغربية التي لا تغيب عنها الشمس، نحن أيضا عجزنا عن التخلص من عقد الماضي وبناء المستقبل انطلاقا من معطيات الواقع الذي لا يرتفع.
إذا كنا تمكنا من تجاوز خلاف من حجم الاستعمار مع فرنسا التي أصبحت «حبيبنا الأول»، ومع إسبانيا التي لم تغادر صحراءنا إلا بعدما زرعت بذور الانفصال تحت رمالها، ورفضت أن تفتح معنا أي مجال للتفاوض حول مدينتينا المحتلتين في الشمال، وتركنا ماضينا الإمبراطوري القديم خلف ظهورنا لنقبل ببناء علاقة جوار بناء وواقعي مع إخوتنا في موريتانيا؛ كيف عجزنا عن فتح كوة مع جيراننا في الجزائر؟ وما الذي منع برلماننا من الاجتماع والمصادقة على اتفاقية ترسيم الحدود تبديدا لشكوك الجزائريين في «مطامعنا» الترابية؟ وهل كانت الأحزاب والقوى السياسية مرغمة على مسايرة السلطة في كسر جسور اللقاء والتعاون مع المجتمع والقوى الحية في الجزائر؟
على أجيال ما بعد الاستقلال والحرب الباردة أن تفتح أعينها جيدا على التحولات السريعة والشاملة التي يعرفها العالم من حولنا والمجتمع تحت أقدامنا، دون طوباوية أو أوهام، فإن المطلوب منها ليس ما قالته رسالة بوتفليقة الأخيرة إلى الشعب الجزائري من تسليم للمشعل إلى الأجيال الجديدة؛ بل يكفي الإنصات إلى الأجيال الجديدة، وتحويل غضبها إلى طاقة إيجابية تبني مستقبلنا جميعا. وإذا كان الشباب الصاعد يرفض حتى الإنصات إلى السرديات التقليدية، فبالأحرى تصديقها، فإن مطلبي الديمقراطية والتنمية اللذين يرفعهما، لا ينفصلان عن مطلب الاندماج المغاربي، باعتباره ضروريا لأي إقلاع اقتصادي لدول المنطقة، وحلما مشتركا لشعوبها.
على من لا يدرك رسالة هذا الجيل أن يشاهد ذلك المقطع القصير الذي بثته إحدى القنوات العربية، عندما فوجئت مراسلتها التي كانت تغطي رد فعل الشارع الجزائري على رسالة بوتفليقة قائلة إن الجزائريين يهنئون بعضهم ويحتفلون، ليفاجئها شاب بالمقاطعة والوقوف أمام الكاميرا مكذبا إياها قائلا: «ما كاين منها ما كاينش يهنئون بعضهم، نحّاو بيون (بيدق) وجابو بيون»، وحين طالبته الصحافية بالحديث باللغة العربية رد عليها قائلا: «ما نعرفش العربية هادي هي الدارجة تاعنا، يتنحاو كاع».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.